إنتاج متدن من “هولندا سوريا” للقمح.. ونقص الأسمدة المتهم الأول

ليلى الغريب ـ دمشق

المنطقة التي تعادل مساحتها دولة هولندا، والتي يقال عنها إنها بذات مقاييس الخصوبة، المنطقة التي تسمى خزان سوريا الاستراتيجي للغذاء، والبديل الغذائي الاحتياطي، تعلن انتهاء عمليات حصاد القمح.

هي منطقة سهل الغاب بريف حماة، إذ قدر المعنيون في الغاب الكميات التي تم تسويقها بما لا يزيد عن 118 ألف طن من القمح، وهو كل الإنتاج الذي جادت به المساحة التي زرعت بالقمح والتي قاربت 53 ألف هكتار.

وازداد وضع المزارعين في سهل الغاب تدهوراً منذ بداية الحرب، واشتد منذ 3 سنوات مع أزمات المحروقات والسماد والتوزيع غير المتكافئ لثروات البلاد، التي جعلت السهل مستهلكاً بدلاً من أن يكون منتجاً، ليكون حسب وصف أهله “السهل المنسي”.

لا يشعر المزارعون بالرضى عن مردود زراعتهم للقمح هذا العام، ويشدد المزارع حسن شاهين، لنورث برس، على أن الإنتاجية لم تتجاوز 300 كيلو للدونم الواحد، بينما يجب أن لا تقل عن 500 كيلو.

ويقول “شاهين” إن الكمية المنتجة في الدونم لا تغطي التكاليف الفعلية لإنتاجه، وأن كمية التبن انخفضت أيضاً إلى أقل من 30% قياساً بالمواسم السابقة بسبب تراجع المجموع الخضري للقمح.

ويتميز سهل الغاب بخصوبة تربته ووفرة مياهه، الأمر الذي جعله خزان سوريا الزراعي فعلاً منذ زمن قديم، حتى أن هذه المهنة يتوارثها الأحفاد عن الأجداد، مهما بلغ منصب أو الدرجة العلمية للوريث.

 الأسمدة فقط للميسورين

لم يتمكن “شاهين” من شراء السماد المطلوب في فترة نمو الزرع بسبب ارتفاع تكاليفه، إذ إن سعر الكيس الواحد من سماد اليوريا المطلوب للقمح يتراوح بين 320 إلى 350 ألف ليرة، وهذا المبلغ المرتفع جعل عدد المزارعين الذين يمكنهم شراءه لمحاصيلهم محدود جداً.

الأمر الذي جعل إنتاجية الدونم تختلف باختلاف القدرة المادية للمزارعين الذين تسمح لهم إمكاناتهم المادية بشراء السماد من السوق الحرة وإضافته لحقولهم.

وفي حديث لنورث برس، أشار مصدر في وزارة الزراعة، إلى أن الوزارة طالبت الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب بتفسير أسباب انخفاض إنتاجية منطقة الغاب من القمح لهذا الموسم.

وشدد على أن غالبية الأراضي المزروعة بالقمح في الغاب، لم تتجاوز إنتاجيتها 250 كيلو في الدونم، وأن المساحات التي زادت إنتاجيتها عن 500 كيلو لا تتجاوز 10% فقط من المساحات المزروعة.

بينما ألقى عضو في اتحاد فلاحي حماة، باللائمة على الحكومة وقلة دعمها للزراعة، وبين أن ارتفاع أسعار السماد وعدم توفره إلا في السوق السوداء أهم أسباب تراجع الإنتاجية، لعزوف المزارعين عن تسميد القمح، حيث أن مخصصات الدونم من السماد لم تتجاوز 10 إلى 17  كيلو للدونم وهذا غير كاف لتحقيق إنتاجية جيدة.

وأشار إلى أن مخصصات الدونم في الموسم السابق وصلت إلى 30 كيلو من الأسمدة الآزوتية. إضافة لمشكلة نقص المبيدات ونقص رش المغذيات الورقية، وسوء نوعية الموجود منها في السوق.

عوامل مناخية

في حين ذكر مصدر في وزارة الزراعة لنورث برس، أسباباً أخرى لتراجع الإنتاج في الغاب، منها العوامل المناخية كالعاصفة الهوائية التي حصلت أواخر آذار/ مارس الماضي، والتي تسببت في “إجهاد المحصول”، حسب قوله، إضافة لعدم اعتماد دورة زراعية متكاملة مما أثر بشكل  كبير على الإنتاجية.

الخبير التنموي سامر العبد الله (اسم مستعار)، لفت إلى أنه لولا الأمطار التي سقطت مؤخراً لكان الوضع أكثر سوءاً.

 وقال إن استمرار مشاكل المزارعين دون العمل على حلها من قبل الحكومة سيجعل مستقبل محصول القمح كما محصول الشوندر السكري والقطن, حيث أقلع المنتجون عن زراعة هذين المحصولين، لتعتمد الحكومة على استيراد السكر كلياً كبديل لتأمين السكر، وتتوقف معامل الغزل عن العمل لحين تأمين القطن من جهات ودول أخرى.

تحرير: تيسير محمد