أربيل – نورث برس
تحدث محللون عراقيون عن العوامل التي تدفع العراق إلى التركيز على ملف مخيم الهول بشمال شرقي سوريا، وتتمثل بعاملين رئيسيين جغرافي وبشري، فضلاً عن أسباب أخرى.
وفي ظل رفض بعض الدول إعادة رعاياها من مخيم الهول، يبقى العراق من أكثر الدول التي تعرب عن قلقها من خطر مخيم الهول، ويطالب باستمرار في معظم المحافل الدولية والمحلية ذات الشأن بتفكيكه، بعد وصفه لأكثر من مرة بـ “القنبلة الموقوتة”.
وآخر مطالبة عراقية جاءت يوم الاثنين الفائت على لسان مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي في أعمال مؤتمر الأمم المتحدة الثالث لرؤساء وكالات مكافحة الإرهاب في نيويورك، ولاحقاً بحث المسؤول القضية نفسها في عدة اجتماعات مع مسؤوليين أممين في مقر الأمم المتحدة، مقترحاً تعيين ممثل أممي مسؤول عن هذا الملف.
وبالتعليق على التصعيد العراقي في تسليط الضوء على مخاطر المخيم، يرى الباحث الأمني العراقي مفيد السعدي، أن الساحة الجغرافية المشتركة بين سوريا والعراق والتي شهدت توسعاً لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في البلدين، تعد سبباً كافياً لجعل العراق يقلق من مستقبل المخيم.
وأشار في حديثه لنورث برس إن إلى العدد الهائل من العائلات ومعظمهم تابعين لتنظيم “داعش”، يمثل خطراً مستقبلياً على أمن المنطقة.
وهذا ما يجعل العراق يناشد المجتمع الدولي بتفيكيك المخيم، قبل فوات الأوان و”انفجار القنبلة الموقوتة”، على حد تعبيره.
ويوجد في المخيم ما يقرب الـ30 شخصاً عراقياً داخل المخيم معظمهم نساء وأطفال، يعيشون في بيئة تهيئهم لأن يظلوا حاملين الفكر المتشدد.
وأعلن العراق آخر حصيلة من العائدين من المخيم على عشرة دفعات وبلغ عددهم 5569 شخصاً ضمن 1393عائلة.
كما أعاد العراق بالتنسيق مع الجهات الإدارية والأمنية في الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا ما يزيد عن 3 آلاف عنصر من تنظيم “داعش” كانوا يقبعون في سجون المنطقة.
وبالرغم من أن العراق تحدث رسمياً عن الرقم المعلن، إلا أنه يتجنب الحديث عن آلية التنسيق والجهة.
وقال مصدر أمني لنورث برس، فضل عدم الكشف عن اسمه، إنه من المعروف يتم التنسيق عبر الجهات المعنية في شمال شرقي سوريا، وبتنسيق مع قوات التحالف الدولي.
ويعاني المسؤولون العراقيون من مشكلة أمام الإعلام حين يتم التحدث عن التنسيق كونه يتم بعيداً عن أعين وقرارات دمشق، في حين أن البروتوكولات الدولية الرسمية يفرض عليهم رسمياً التعامل مع الحكومة السورية، وليس مع جهة ناشئة في إشارة إلى الإدارة الذاتية.
ولهذا السبب فإن ما يهم العراق وبغض النظر عن الجهة التي تتعامل معها، هو استعادة رعاياها لتكون دافعاً لدول آخرى للقيام بالمثل، حسب ما أشار إليه المصدر الأمني.
وقال الباحث السياسي الدكتور إحسان الشمري، لنورث برس، إن العدد الأكبر في مخيم الهول هم من العراقيين، ما يشكل ضغطاً على بغداد، مع شح الأمكانيات في عمليات التأهيل ودمجهم في المجتمع.
إضافة إلى طبيعة القيود القانونية التي قد تطال بعض العائلات، والتي تجرم كل من انتسب إلى التنظيم أو دعمه، وهذا يشكل “مشكلة مجتمعية عند الوضع بعين الاعتبار الطبيعة العشائرية، وبالتالي حوادث غير متوقعة كالثأر القبلي”، وفقاً للشمري.
وقال إن أحد أسباب القلق العراقي في ما يرتبط بعودة العائلات العراقية من الهول، هو إمكانية تأثير هذه العائلات على المناطق كونهم يحملون فكراً يساهم في تفجير المنطقة بأي لحظة.
وذكر الشمري الطبيعة الجغرافية التي تهيئ انتقال العناصر من وإلى سوريا في ظل الثغرات الأمنية.
ويرى الشمري أن العراق بحاجة إلى تعاون دولي لم يكتمل حتى اللحظة، وهذه المتطلبات دفعت العراق لعقد اجتماع قبل فترة مع الممثليات والبعثات والأم المتحدة في هذا الشأن في العاصمة بغداد.
ويوجد في مخيم الهول بشمال شرقي سوريا، والذي يعد الأخطر على مستوى العالم، ما لا يقل عن 50 ألف شخصاً بينهم يقرب 30 ألف عراقي وعائلاتهم وأطفالهم، وآخرون من جنسيات مختلفة في العالم ممن اتبعوا تنظيم “داعش” ومعظمهم يحملون الفكر المتشدد.
وتتمثل الخطورة أيضاً في عدم رغبة بعض الدول في استعادة رعاياها المنتسبين لـ”داعش” في المخيمات والسجون، وعددهم يتجاوز العشرة آلاف عنصر مشتبهين بجرائم متفاوتة.
وأبرز الدول التي تتقاعس في هذا الملف هي كندا وبريطانيا، بموجب قيود متشددة تقول إن استعادتهم تخالف قوانينها.
وقال مفيد السعدي إنه بغض النظر عن العوامل الأخرى التي تفرض استعادة العائلات، ثمة أمر إنساني يجدر الاهتمام به إلى جانب التحديات الأمنية.
وأضاف أن العراق وسوريا سبق وأن عانتا من تنظيم “داعش”، ما يجعل بقاء المخيم تهديداً على البلدين، لذا يركز العراق على أن لا يكون هذا المخيم عاملأً في ذلك.