“مجزرة” كوباني.. تفاصيل لا تنسى ومطالبات بتحقيق العدالة

كوباني- نورث برس

مر على الحادثة ثمان سنوات، إلا أن جهيدة، لا تزال تتذكر تفاصيل مقتل طفلها الذي لم يكن حينها يتجاوز العاشرة من عمره.

وتعود جهيدة حسن (40 عاماً) من سكان كوباني، بذاكرتها إلى الوراء، وتروي لنورث برس، تفاصيل ما جرى قبل ثماني سنوات: “كنت أنا وأطفالي الثلاثة، أكبرهم الذي فقد حياته/ فقط في المنزل زوجي كان في عمل بالقامشلي، عندما بدأ صوت الرصاص، في تلك الليلة”.

يسمي سكان كوباني ليلة 25 حزيران 2015، بـ”ليلة الغدر” عندما هاجم عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” المدينة، وقتل 253 شخصاً، وأصاب 273 آخرين معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن.

ضاهر ومحمد

تقول “حسن”: “ناديت ابني ثلاث مرات إلا أنه لم يتوقف وهو يركض باتجاه منزل جده، بعد أن سمعنا أصوات الرصاص، يسيطر على المدينة، وفجأة وقع ابني ضاهر أرضاً، أمام المنزل، رأيت دمه، كان مصاباً بطلقة استقرت قريباً من القلب”.

في البداية، ظنت المرأة أن أصوات الرصاص هي احتفال “بتحرير منطقة صرين جنوبي كوباني من داعش”، لكنها تفاجأت عندما شاهدت، بأم عينها، أحد عناصر التنظيم، وهو يطلق الرصاص تجاههم إلى أن أصاب ابنها.

“فارق ابني الحياة وهو ملطخ بالدماء بين أذرعي بينما شقيقه الأصغر كان يبكي كالكبار”، تقول الأم الثكلى لنورث برس.

وبحسرة وغصة تضيف: “لو كان ضاهر موجوداً، لكان عمره يقارب 16 عاماً”. وتطالب المرأة بمحاسبة “القتلى ومرتكبي المجزرة” لتحقيق العدالة.

فارقت الحياة متأثرة بمقتل ابنتها

لا تختلف مأساة شاهين بكر (50 عاماً) عن مأساة سابقته، حيث فقد طفلته زوزان في المجزرة وهي بعمر 11 عاماً.

ويقول “بكر” الذي يسكن في حي كانيا كوردان شرقي المدينة، إن أصوات الرصاص، حينها استمرت ولم تنقطع، وعندما خرجت من المنزل رفقة عائلتي، رأيت أكثر من مئة شخص في الشارع، “كان كل الجيران خارج منازلهم”.

ويقول “بكر” إن المدة التي كانت تفصل بين خروجه من المنزل وإطلاق الرصاص باتجاههم لم تتجاوز الدقيقتين، وعندما أطلق الرصاص أصيبت طفلته، ونزفت الكثير من الدماء.

وحينها كانت زوزان في الصف الخامس، وعلى إثرها توفيت والدتها، متأثرة بمقتل طفلتها.

يطالب “بكر” أن تعمل الإدارة الذاتية لتحقيق العدالة لضحاياهم وأن يتم محاسبة مرتكبي المجزرة وكل من كان له دور فيها بحضور ذوي الضحايا.

مأساة مزدوجة

مأساة هديبة علي (56 عاماً) مزدوجة، فهي فقدت طفلاً إضافة إلى فقدان زوجها في المجزرة.

السنوات الثماني التي مرت على المجزة لم تكن كافية لجعل “علي”، تنسى ما مرَّ حينها، فهي كانت تستذكر أدق التفاصيل.

تقول: “كانت في اليوم السابع من شهر رمضان، وكان أطفالي وسكان الحي نائمون في منازلهم، ليبدأ صوت الرصاص وبكاء وعويل الجيران يسمع بشكل كبير”.

وتضيف لنورث برس: “خرجنا من المنزل لنعرف ماذا يحدث، رأينا الجثث من الجهة الغربية للمنزل، وشاهدنا أربعة عناصر من داعش في سيارة”.

أطلق العناصر الأربعة الرصاص باتجاه السكان، فأصيبت “علي”، ثم أصيب زوجها وطفلها وفقد الأخيران حياتهما.

وتتابع علي أن زوجها وطفلها عمر توفيا على الفور، بينما أصيبت هي وثلاثة من أبنائها، حيث أصيبت هي في منطقة الكتف وكذلك أصيبت ابنتها الأولى بقدميها والثانية بطرف جسدها، وطفلها الثالث.

وتقول على إن ستة أفراد من عائلتها أصيبوا برصاص “داعش”، زوجها وطفلها عمر ذو 12 عاماً فقدا حياتهما، وهي مع ثلاثة من أطفالهما أصيبوا بجروح بليغة.

بدورها تقول جيهان محمد بوزان وهي إدارية في مؤسسة عوائل الشهداء في إقليم الفرات، إن عدد الضحايا في المجزرة بلغ 526 شخصاً مدنياً بين قتيل وجريح، منهم 253 شخصاً فقد حياته، و273 شخصاً أصيب بجروح.

وتقول بوزان إن 37 طفلاً فقد حياته في المجزرة، وكذلك 77 امرأة فقدن حياتهن، بنهن ثلاث نساء حوامل، وتسببت المجزرة بفقدان 93 طفلاً لأحد والديه.

وتضيف بوزان أنه عندما هاجمت “داعش” كوباني وارتكبت مجزرة فيها، لم تفرق بين طفل وكبير، بين طفل وأب أو أم، فهناك أطفال بعمر سنة حتى خمس سنوات ومن خمس سنوات حتى عشر سنوات قتلوا بدون أي ذنب.

إعداد: فتاح عيسى – تحرير: زانا العلي