تغيير ديمغرافي.. جبل الأحلام في عفرين يقسم ويوزع على مستوطنين
أسعد الحاج ـ عفرين
في إطار سياسة التغيير الديمغرافي الذي تقوده تركيا منذ أن سيطرت على منطقة عفرين شمالي حلب في 2018، عملت الفصائل الموالية لتركيا وبتنسيق مع الأخيرة على تقسيم العديد من المواقع في جبل الأحلام جنوب شرقي مدينة عفرين لتصبح محاضر من أجل البناء، إذ يتم توزيعها للنازحين من أبناء العشائر السورية تحديداً وبعض من نازحي الغوطة الشرقية، بهدف توطينهم في المنطقة.
ومنذ سيطرة الجيش الوطني السوري بدعم تركي على منطقة عفرين شمالي حلب، عملت عشرات المنظمات والجمعيات الإنسانية على بناء نحو 25 مستوطنة في مناطق مختلفة في عفرين وريفها ولا سيما منطقة جبل الأحلام وحرش الخالدية.
وتلك المستوطنات هي عبارة عن قرى سكنية تتألف كل واحدة منها وسطياً من 100 شقة سكنية، حيث لم تكتفِ تركيا بذلك بل عمدت مؤخراً لتوزيع أراضي “المشاع” وهي أملاك دولة، للنازحين من أبناء العشائر وغيرهم.
وقال محمد الحلبي وهو اسم مستعار لقيادي في الفيلق الثالث التابع للجيش الوطني، لنورث برس، إنه وبسبب الكثافة السكانية العالية في مناطق شمال غربي سوريا وكثرة النازحين في المنطقة، عملت قيادة الجيش الوطني على توزيع أراضي المشاع (وهي أراضٍ غالباً ما تكون على سفح الجبال والأحراش وهي أملاك دولة) على النازحين كي يتمكنوا من بناء منازلهم الجديدة عليها إلى حين عودتهم إلى منازلهم التي هجرهم منها نظام الأسد”.

وتبنى الأمر في منطقة جبل الأحلام جنوب شرق عفرين، فصيلي جيش الشرقية وأحرار الشرقية (وهي فصائل معظم عناصرها من المنطقة الشرقية لا سيما دير الزور)، حيث بدأ في 2020 عمليات تقسيم منطقة جبل الأحلام من الجهة الغربية المطلة على مدينة عفرين إلى محاضر تتراوح مساحة الواحدة منها ما بين 300 إلى 800 متر مربع.
وبداية الأمر تم توزيعها على عناصر الفصيلين الذين يزيد عددهم عن 2500 عنصر، وبعد ذلك بعام بدأت عمليات تسليم تلك المحاضر للعشائر، بحسب “الحلبي”.
وأوضح “الحلبي” أن عمليات التوزيع للعشائر “لم تكن عشوائية”، إذ أن الفصيل قام “بتقسيم الجبل إلى أحياء و قرى حسب مخطط تنظيمي، إذ يتم إعطاء كل عشيرة أو قبيلة حصتها على حسب أعداد عائلاتها وتزيد بعض تلك المساحات التي يتم تسليمها لبعض العشائر مثل عشيرتي الموالي والعكيدات عن ألف دونم لكل واحدة منها، والهدف من ذلك هو جعل أفراد تلك العشائر يبنون قرى كما قراهم التي هجروا منها سابقاً”.
ولم تشهد المنطقة إلى اليوم، “سوى القليل من عمليات البناء في تلك المحاضر بسبب وعورتها وعدم وجود أي خدمات إلى الآن، إلا أنه وكي يتم استملاك تلك الأراضي قامت كل عائلة ببناء جدار في محيط المحضر الخاص بها كي لا يأخذه أحد”.
كما أن فصيل جيش الشرقية وبتعليمات تركية، “يسعى لدفع الأهالي للبدء بعمليات الإعمار بأسرع وقت ممكن، واعداً من يسكن هناك بتحسين المنطقة خدمياً من خلال افتتاح الشوارع وبناء المدارس والجوامع وغيرها من الخدمات”، بحسب القيادي في الفيلق الثالث.
وبالفعل بدأ مؤخراً، ومن خلال منظمة تركية، تعبيد الطريق الواصل إلى جبل الأحلام حتى حرش الخالدية بمسافة تزيد عن خمسة كيلو مترات “لتشجيع المستوطنين على البدء ببناء المنازل في المحاضر التي سلمت لهم مجاناً”.
وقال زيد حجو وهو اسم مستعار لناشطاً يقيم في عفرين، إن الهدف من قيام تركيا بتسليم تلك الأراضي لأبناء العشائر العربية المهجرين أساسا من مناطق مختلفة وبالتنسيق مع الفصائل العسكرية، هو “في الحقيقة توطين هؤلاء في هذه المناطق جبراً لأنهم لا يستطيعون العودة إلى منازلهم التي هجروا منها بسبب النظام السوري”.
ويضيف لنورث برس: “الأمر قد يبدو بنظر البعض جيداً، إلا أنه خطير للغاية، ويعني أن تركيا تريد بالفعل إبقاء هؤلاء الناس في هذه المنطقة وليس لديها أي نية لإعادتهم إلى بلدانهم”.