مباحثات أستانا تسبق بتصعيد سوري – تركي.. ما الرسائل؟
غرفة الأخبار – نورث برس
شهدت الأيام القليلة الماضية، قبل بدء مباحثات أستانا، تصعيداً عسكرياً بين قوات الحكومة السورية والتركية، حيث استقدمت القوات الحكومية مساء أمس تعزيزات عسكرية ضخمة إلى مناطق التماس في ريف حلب الشمالي، بينما قصفت القوات التركية قبل أيام نقاطاً عسكرية للقوات الحكومية.
وأمس الاثنين، صرح مصدر عسكري خاص من قوات الحكومة لنورث برس، أن “الكتيبة 58 التابعة للواء 105 حرس جمهوري تحركت من غرب العاصمة باتجاه شمال طريق M4 في منطقة خفض التصعيد شمال غربي سوريا”.
وكشف المصدر، أن الأرتال العسكرية هي تعزيز للقوات الحكومية على طول خطوط التماس مع فصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا التي تهدد بخرق الاتفاقيات وتصعد في أجزاء من غربي مدينة حلب بالتحديد.
وتزامن التحرك مع الاستعداد في العاصمة الكازاخية لعقد اجتماعات الجولة العشرين من مباحثات مسار أستانا التي ستجري على مدار يومي 20 و21 من الشهر الجاري.
رسائل لدمشق
والأربعاء الماضي، قُتل أربعة عناصر وأصيب خمسة آخرون من القوات الحكومية، بقصف تركي استهدف نقاطهم بريف حلب الشمالي.
وقالت سياسية معارضة لنورث برس، إن التصعيد التركي الأخير ضد القوات الحكومية يأتي قبل جولة المباحثات الرباعية في العاصمة الكازاخستانية، وأن “أنقرة توصل رسائلها إلى كل من دمشق وموسكو بأنها قادرة على فرض شروطها على النظام السوري”.
وأضافت فاتن رمضان، عضو الأمانة العامة في المجلس السوري للتغيير، أن “النظام السوري مارس نفس اللعبة قبل مفاوضات سوتشي وآستانا سابقاً”.
وذكرت السياسية السورية أن “تركيا قادرة على فرض شروطها وتصورها للحل في القضية السورية، رغم تعنت النظام ولغته العنجهية الفارغة”، بحسب قولها.
وقالت رمضان إن التصعيد التركي هو رسالة سياسية لـ “النظام السوري” حول “أحلامه السياسية” ومطالبه بالانسحاب التركي غير المشروط قبل المفاوضات، وأن “النظام أضعف من أي يملي أي شروط على أنقرة في الوقت الحالي”، وفقاً لها.
وفي 12 من الشهر الجاري، قال الرئيس السوري بشار الأسد، خلال استقباله معاون وزير الخارجية الإيراني للشؤون الخاصة علي أصغر خاجي، إنه يجب وضع استراتيجية مشتركة “توضّح بدقة العناوين والأهداف التي تُبنى عليها المفاوضات القادمة سواء كانت بخصوص الانسحاب التركي من الأراضي السورية أم مكافحة الإرهاب أو غيرها من القضايا”، ما فسره مراقبون بأنه تراجع حكومي في ملف التطبيع.
وقبل تصريح الأسد، كانت دمشق تصر على الانسحاب التركي الفوري وغير المشروط من أراضيها كشرط أولي للقاء الرئيسين وبدء المفاوضات الجدية.
ولكن مصادر حكومية متابعة، عاودت التشديد على “أولوية إنهاء الاحتلال التركي والانسحاب من سوريا قبيل اجتماعات أستانا والاجتماعات الرباعية”.
وقالت المصادر لصحيفة “الوطن” شبه الرسمية، إن دمشق لا تريد من الاجتماعات المقبلة استعادة المفردات أو التأكيد على مواقف كان سبق الإشارة إليها بعنوانها العريض.
ونقلت الصحيفة أن “الإشارة إلى التزام الأطراف بوحدة سوريا وسيادة أراضيها يجب أن تترافق مع التأكيد على إنهاء الاحتلال التركي والإعلان بوضوح عن استعداد تركيا للانسحاب من الأراضي السورية”.
رسائل لموسكو
كذلك طالت الرسائل التركية، موسكو، إذ استهدفت القوات التركية بداية الأسبوع الماضي، عربة روسية قُتل فيها جندي روسي وأصيب ثلاثة آخرون، في ريف حلب الشمالي.
وبهذا الخصوص، قالت رمضان، إن التصعيد التركي “رسالة غير مباشرة لموسكو أيضاً، بأن تركيا تمتلك القوة والتأثير كلاعب أساسي في الملف السوري”.
وقبل أيام أعلنت روسيا، أن مسودة “خريطة الطريق” لتطوير العلاقات بين سوريا وتركيا التي وضعتها باتت جاهزة، من دون الكشف عن تفاصيلها، لكن مصادر رجحت بأن تتضمن خريطة الطريق الروسية إشارة واضحة لجدولة الانسحاب التركي من الأراضي السورية، في خطوة تعكس رغبة موسكو بالمضي قدماً بتطوير العلاقات بين دمشق وأنقرة.
وللمرة الأولى منذ انطلاق “أستانا” سيتضمن جدول الأعمال إجراء مشاورات رباعية لنواب وزراء خارجية سوريا وروسيا وإيران وتركيا، لبحث العمل على مشروع خريطة طريق لتطبيع العلاقات السورية – التركية.
وحسب أجندة الاجتماعات التي كشفت عنها وزارة الخارجية الكازاخية، فإن الاجتماع سيعقد بمشاركة سوريا وروسيا وإيران وتركيا والمعارضة السورية ومراقبين من الأمم المتحدة والأردن ولبنان والعراق.
وسيتم مناقشة الوضع في جميع أرجاء سوريا، والتغيرات في الوضع الإقليمي، والوضع على الأرض، والجهود المبذولة نحو تسوية شاملة، ومكافحة الإرهاب، وإجراءات بناء الثقة، كما يتضمن جدول الأعمال مناقشة الوضع الإنساني، والعمل على تهيئة الظروف لعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم.