“بلا كهرباء وماء”.. أوضاع مأساوية يعيشها النازحون في مدارس تل تمر

سامر ياسين – تل تمر

تملأ عيدة السعدون (40 عاماً) قارورتها بمياه الشرب صباح كل يوم، وتبدأ بلفها بكيس مصنوع من “الخيش”، وتضعها على شباك الغرفة التي تقطنها مع عائلتها في مدرسة على أطراف بلدة تل تمر شمال الحسكة، شمال شرقي سوريا، حتى تبرد المياه داخلها.

ونزحت “السعدون” مع زوجها وأطفالها الثلاثة من قرية القبر الكبير، شمال تل تمر 8 كم، بعد ارتفاع وتيرة القصف الذي تعرضت له المنطقة من قبل القوات التركية وفصائل المعارضة السورية الموالية لها، وتأوي في مدرسة “سيف الدولة” في بلدة تل تمر.

“كل أعمالنا في غرفة واحدة”

وتقول “السعدون” لنورث برس: “نحن خمسة أشخاص نقطن في غرفة واحدة في هذه المدرسة، ونقوم بكامل أعمالنا بها كالغسيل والطبخ والحمام والنوم والأكل، وكل صيف يمر علينا تسوء حالتنا جداً وبالكاد نستطيع أن نتنفس داخلها”.

وتعاني المدرسة من حرمان تام من الكهرباء، وغياب أي وسيلة لتبريد المياه خاصة مع دخول فصل الصيف، وحتى مياه الغسيل والشرب “نشتريها كل ثلاثة أيام تقريباً بثمن باهظ يزيد عن 20 ألف ليرة سورية”.

وتتذمر السيدة من غياب أي مساعدة من البلدية لموضوع المياه، إذ أن “الحجة الموجودة لديهم هي أن جميع الصهاريج في هذه الفترة مستنفرة للسيطرة على الحرائق في الأراضي الزراعية إن حدثت، ولا يستطيعون تقديم المياه لمراكز الإيواء حالياً”، حسب قولها.

“بعنا مراوحنا لنطعم أطفالنا”

وباع محمد علي الظاهر، (46 عاماً)، نازح من قرية تل الورد بريف بلدة زركان شمال الحسكة، كغيره من النازحين المقيمين في مدرسة “سيف الدولة”، المروحة التي حصل عليها بداية سكنه في المدرسة، “بقصد تأمين الطعام والشراب لأطفالنا”.

ويشتكي “الظاهر” الذي يقطن مع عائلته المكونة من ثمانية أشخاص في غرفة واحدة، بالمدرسة، غياب أي مساعدة تختص بفصل الصيف “الحارق”، ويقول لنورث برس: “طالبنا الكثير من الجهات والمنظمات بإيصال الكهرباء للمدرسة أو تقديم مكيفات أو مراوح أو مياه شرب بالمجان ولكن لا آذان صاغية”.

ويسكن مع “الظاهر”، والده وهو في الثمانين من عمره، ولا يقوى على الحراك أو مغادرة الفراش، وتزداد حالته سوءاً يوماً بعد يوم بسبب الحرارة العالية في الغرفة وعدم وجود أي وسيلة تبريد لديهم، حسب تعبيره.

“لاجئون من خط النار ونحترق هنا”

وتعاني أيضاً حكّومة الظاهر، النازحة من قرية تل الورد، إلى ذات المدرسة، والتي تسكن مع 6 من أفراد عائلتها في غرفة واحدة، من انعدام أي وسيلة لتبريد الغرفة أو تبريد المياه لشربها.

وتقول لنورث برس: “نشعل موقد النار الذي يعمل على البنزين داخل الغرفة التي نجلس وننام فيها، وعندما تتجاوز الساعة منتصف النهار، نبدأ بالاستنفار داخل وخارج الغرفة للبحث عن الهواء البارد للتنفس”.

وتشكي “الظاهر” من نقص المساعدات الإنسانية ضمن هذا المجال قائلة: “لجأنا من خط النار لنجلس في نار أكبر هنا”.

وتحوي منطقة تل تمر أكثر من عشرة آلاف نازح موزعين على 30 مركز إيواء بين 22 مدرسة وبعض القرى على خط الخابور بين مدينتي تل تمر والحسكة.

ويقول محمد سعيد شيخموس أحمد، الرئيس المشارك لمجلس منطقة تل تمر لنورث برس، “نعلم جيداً أن هؤلاء النازحين يفتقدون للسبل الأساسية للعيش والحياة، أولها مياه الشرب ووسائل التبريد في هذا الصيف الحار”.

ويضيف: “إمكانياتنا لتأمين كافة المستلزمات لهؤلاء النازحين ضعيفة جداً، ونحن بحاجة دائماً لدعم المنظمات الدولية والمحلية التي تعمل في المنطقة”.

ولكنه يشير إلى أن “محاولات هذه المنظمات في المنطقة خجولة، ولا ترتقي لهذا العدد الكبير من النازحين المتواجدين في مراكز الإيواء في تل تمر وريفها”.

ويطالب “شيخموس”، المنظمات الدولية “بتحمّل المسؤولية بشكل أكبر تجاه هؤلاء النازحين، كما يطالب الإدارة الذاتية بتقديم دعم أكبر لهم رغم الإمكانيات الضعيفة والمحدودة لديها”، حسب تعبيره.

تحرير: تيسير محمد