نازحون في مخيمات منبج يشتكون قلة المساعدات.. ما علاقة معبر اليعربية؟
فادي الحسين – منبج
ساءت أوضاع مريم المعيشية، نتيجة قلة المساعدات الإنسانية، التي تراجعت بسبب استمرار إغلاق المعابر، لا سيما معبر اليعربية على الحدود السورية العراقية.
مريم العلي (40 عاماً)، نازحة من منطقة مسكنة، وتسكن مخيم منبج الشرقي القديم مع عائلتها المكونة من 6 أشخاص، تقول لنورث برس، إن الوضع داخل المخيم “مأساوي للغاية”، لقلة المساعدات التي تُقدم للنازحين في المخيم.
يشتكي نازحو مخيمي منبج الشرقي القديم والجديد من قلة المساعدات الإنسانية، نتيجة إغلاق معبر اليعربية، والذي سبب لهم أزمة معيشية كبيرة ونقصاً حاداً في المواد الغذائية، وغيرها من المساعدات التي كانت تصلهم عن طريق المعبر.
وفي تموز/يوليو 2020، أغلق معبر تل كوجر/ اليعربية، الواصل بين شمال شرقي سوريا والعراق، عقب فيتو روسي صيني، ولا يزال الإغلاق مستمراً إلى اليوم.
وينتهي التمديد الأخير لإدخال المساعدات الإنسانية إلى الشمال السوري عبر المعبر الحدودي المذكور، في تموز/يوليو المقبل.
قرار مجحف
يعتبر حقوقيون ومسؤولون، استمرار إغلاق معبر اليعربية وحصر دخول المساعدات إلى سوريا فقط عبر معبر باب الهوى شمال غربي البلاد، “ما هو إلا قرار مجحف بحق ملايين السكان في شمال شرقي سوريا”.
وعلى الرغم من المطالبات المستمرة من الإدارة الذاتية بإعادة فتح المعبر، إلا أنها لم تلق استجابة من قبل مجلس الأمن، نتيجة اعتراض روسيا والصين، اللتين ترغبان بحصر المساعدات عبر منافذ حكومة دمشق.
في ظل ذلك، تعاني “العلي” وآلاف النازحين في شمال شرقي سوريا، يقيمون في عشرات المخيمات العشوائية والنظامية، أوضاعاً إنسانية ومعيشية صعبة نتيجة قلة المساعدات، في ظل عدم قدرة الإدارة الذاتية على تقديم الدعم الكافي لهم.
وتضيف المرأة، أن سكان المخيم بحاجة للمساعدات، “لا يوجد دعم كافٍ” يقدم للعائلات والأطفال، وهناك نقص زاد عن حده، وليس كما كان يقدم منذ قرابة العام، حيث أصبحت المساعدات “قليلة جداً”، تقول بلهجتها العامية: “ما ضل بي شي مثل الأول”.

وتروي “مريم”، قصة عائلة داخل المخيم، احترقت خيمتهم منذ قرابة الأسبوع، باتوا بدون خيمة تأويهم، ويتنقلون من مكان لآخر، كما أن طفلة من العائلة أُصيبت بحروق ونُقلت إلى إحدى مشافي حلب، وبقية العائلة دون مأوى ولم يجدوا من يساعدهم.
ويحتاج غالبية النازحين في مخيمات منبج لاستبدال خيامهم، نتيجة “اهترائها”، حيث أصبحت قديمة ولم تستبدل منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وترى “العلي” أن سبب ازدياد الوضع المعيشي صعوبة في المخيم يعود لإغلاق معبر اليعربية الحدودي، وإيقاف دخول المساعدات الإنسانية لهم.
وتطالب الإدارة الذاتية بالضغط على الجهات المعنية لفتح المعبر أمام المساعدات الإنسانية القادمة لنازحي المخيمات في شمال شرقي سوريا.
أثرٌ سلبي وظروف معيشية صعبة
في منبج مخيمين، “الشرقي الجديد”، يقع جنوب شرقي المدينة وتسكنه 625 عائلة بعدد 3395 شخصاً من منطقتي مسكنة ودير حافر بريف حلب الشرقي، إضافة إلى “الشرقي القديم” الذي يضم 387 عائلة بعدد 1795 شخصاً.
ويرى مسؤولون في الإدارة الذاتية، أن استمرار إغلاق معبر اليعربية، يفاقم الوضع الإنساني لمئات آلاف النازحين، وتجاهل الوضع الإنساني لهم يزيد من الأعباء الإنسانية نتيجة لإغلاق المعبر، الذي أثر بشكل سلبي على مئات الآلاف.
وكما سابقتها تشتكي خديجة العلي (50 عاماً)، نازحة من دير حافر، وتقطن في مخيم منبج الشرقي الجديد، من انعدام المساعدات الإنسانية منذ إغلاق معبر اليعربية الذي كانت تدخل منه.
تقول لنورث برس، إن لديهم نقص كبير في المواد الغذائية والمنظفات والعديد من الأشياء الأخرى، وعاجزين عن فعل أي شيء حيال ذلك، وتضيف: “إغلاق المعبر أثر بشكل كبير على سكان المخيم، وأنه لم يعد يأتي إليهم مواد كما كانت تأتي في السابق”.
وتزداد معاناة النازحين القاطنين في المخيمات مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وإغلاق معبر اليعربية الذي سبب لسكان المخيمات “أزمة معيشية كبيرة”.
ويبلغ عدد النازحين في شمال شرقي سوريا 293,196 نازحاً في أكثر من 80 مخيماً، موزعين في: الحسكة، الرقة، دير الزور ومنبج، بحسب إحصائية حصلت عليها نورث برس من إدارات المخيمات.
وفي شباط/ فبراير الماضي، قال عزيز حسو، مسؤول المخيمات في لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في منبج، إن قاطني المخيمات يعانون من اهتراء الخيام كونها لم تستبدل منذ 3 سنوات، إلى جانب أعباء الوضع المعيشي الصعب في ظل تغيب المنظمات الإنسانية وتنصلها من دعم المخيمات.
وأضاف في تصريح لموقع الإدارة الذاتية الرسمي، إن نقص المواد والخبرات الطبية داخل المخيمات لا يقل خطرًا عن الظروف السيئة الأخرى، مناشدًا المنظمات الإنسانية بالتدخل ودعم قاطني المخيمات بالخيام والمواد الغذائية والطبية.
وفي حال لا يختلف عن سابقيه وأقرانه، يشتكي إبراهيم المنذر (64 عاماً)، وهو نازح من دير حافر ويقطن في مخيم منبج الشرقي الجديد، من شح المساعدات المقدمة لهم في المخيم سابقاً، والتي لم يعد يرونها اليوم بسبب إغلاق معبر اليعربية.
يقول لنورث برس: منذ فترة لم تصل إليهم مواد غذائية وغيرها من المواد التي كانت تصلهم في السابق، وتأتي المساعدات لهم بفترات متقطعة، مما يجبرهم على شراء مستلزماتهم على نفقاتهم.
رغم أن هناك الكثير من العائلات في المخيم، لا يوجد لديهم إيراد يومي أو عامل يؤمن لهم احتياجاتهم، على حد وصفه.
نتيجة شكاويه المستمرة على سوء الأوضاع في المخيمات وقلة المساعدات، تكرر على مسامع الرجل أن السبب يعود لاستمرار إغلاق المعبر وعزوف منظمات على العمل في شمال شرقي سوريا.
وفي وقت سابق، طالبت الإدارة الذاتية الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها حيال الوضع الإنساني السيء في مخيمات شمال شرقي سوريا.
ويطالب النازحون في مخيمي منبج الشرقي الجديد والقديم، المنظمات الإنسانية والجهات المعنية والمجتمع الدولي، بالضغط لفتح معبر اليعربية أمام المساعدات الإنسانية القادمة لمناطق شمال شرقي سوريا.