تجار المخدرات في درعا.. بين ضغط دولي وتشديد وهمي

إحسان محمد ـ درعا

انتشرت خلال الخمسة أعوام الماضية تجارة المخدرات في محافظة درعا، جنوبي سوريا، بعد سيطرة القوات الحكومية عليها صيف العام 2018. خلال هذه الفترة ظهرت مؤشرات خطيرة وهي تحول المحافظة من ممر لتهريب المخدرات إلى مقر للترويج والتعاطي في ظل عدم وجود مكافحة فعلية وعقوبات رادعة من قبل القوات الحكومية.

عرابو المخدرات

ناشطون في درعا، قالوا لنورث برس، إن “فصائل تابعة للقوات الحكومية هي من تقوم بترويج وتجارة المخدرات في المحافظة”.

وبينوا أن هذه الفصائل “هي من تساهم بنقل المخدرات من لبنان وصولاً إلى الحدود مع الأردن، مستفيدين من البطاقات العسكرية التي يحملها عناصرها، الأمر الذي يمنع تفتيش سيارتهم أثناء مرورهم على الحواجز العسكرية”.

وما يعزز رواية الناشطين هي العقوبات التي فرضها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا على قادة من قوات الحكومة في درعا بتهمة “العمل بتجارة المخدرات” آخرهم كان في آذار/ مارس الماضي.

وأبرز أولئك القادة على قائمة العقوبات هم: “لؤي العلي رئيس فرع الأمن العسكري التابع للقوات الحكومية في درعا، وعماد أبو زريق ومصطفى المسالمة الملقب بالكسم قائدي مجموعات تابعة للأمن العسكري، ووسيم المسالمة قائد مليشيات تابعة لإيران”.

لا جدية في المكافحة

يرى المحلل العسكري أحمد رحال، أنه “لا يوجد جدية لدى النظام السوري في مكافحة المخدرات وخاصة في المنطقة الجنوبية”.

ويضيف لنورث برس، أن الحملة الأخيرة التي قامت بها بعض الفصال التابعة للحكومة في درعا هي عبارة عن “محاولة إيهام الناس بأن النظام مسيطر ويحاول منع المخدرات”.

ويشير إلى أن “المخدرات أصبحت الاقتصاد البديل بالنسبة لدمشق وطهران وحزب الله، وبالتالي لا أحد يصدق نظام الأسد في مكافحة المخدرات ولكن تعمل على الترويج لتصديقه”.

فالحكومة السورية بحسب ما ذكر “رحال”، “لا تملك شيئاً للتصدير غير  المخدرات لا زراعة ولا صناعة، حتى النفط بأيد أميركا تقريباً 80% منه”.

ووصف المخدرات بـ”الاقتصاد البديل” في ظل عدم وجود أي روافد للبنك المركزي اليوم، فالدولار تقريباً وصل سعر صرفه إلى 9 آلاف ليرة، “والنظام لا يملك من العملة الصعبة غير إيرادات المخدرات”.

المجتمع المدني من يكافح؟

يرى ناشط سياسي من داخل محافظة درعا، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن ما يحدث مؤخراً في المحافظة من ملاحقة لبعض التجار وتصفية لبعضهم الآخر هي “محاولة من نظام الأسد للظهور أمام المجتمع  الدولي وأمام دول الجوار التي دعته للقمة وطبعت معه، على أنه يتعامل بجدية مع مباردة خطوة مقابلة خطوة، عبر تسليم بعض تجار المخدرات”.

ويستبعد الناشط أن يكون لهذه الملاحقة “أثر فعلي على وقف تهريب المخدرات. ويبرر ذلك بالقول إن “هؤلاء هم صغار التجار والمروّج الحقيقي هو نظام الأسد وحزب الله فهو من يسمح لهؤلاء التجار بتهريب الكبتاغون، وهو من يدخله إلى البلاد وينقله عبر الحواجز المنتشرة بين المحافظات”، بحسب ما ذكر الناشط.

وأشار إلى أن عملية تهريب المخدرات اليوم قد “ضعفت بالفعل” ولكن “ليس لأسباب سياسية إنما لطبيعة التهريب في مثل هذا الوقت من العام والتي تضعف في فصلي الربيع والصيف في حين تنشط في الخريف والشتاء لسهولة التهريب في الجو البارد الضبابي”.

وينوه الناشط إلى أن محافظة درعا، “أُغرقت بالحبوب المخدرة ووصلت للشباب والمراهقين في هدف لتخريب عقولهم عبر أسلوب جديد للقضاء على أفكار الشباب الثائر في درعا”.

ويعول السياسي على المجتمع المدني والعشائري داخل المحافظة “لضبط هذا الانتشار التخريبي للمخدرات”.

ويشير إلى أن التدهور الاقتصادي الذي تعيشيه البلاد وانعدام فرص العمل “دفع بنظام الأسد لاستغلال ضعاف النفوس من السكان لإغراقهم بقذارة ترويج وتهريب المخدرات”.

ويضيف: “تجار المخدرات ومروجوها معرضون للاستهداف بشكل شبه يومي على يد مسلحين مجهولين، مما أدى إلى مقتل الكثير منهم، لكن يبقى التجار الكبار في من مأمن من الاستهداف”.

تحرير: تيسير محمد