“إغلاق المعبر”.. سكان في الرقة يشتكون من مبرر آخر للتجّار لرفع الأسعار
فرات الرحيل – الرقة
تعوّد عيسى على تغيّر وارتفاع أسعار المواد الغذائية، نتيجة الانهيار المستمر في قيمة الليرة، لكن مؤخراً حاول الرجل استكمال أعمال بناء في منزله، والتي تتطلب منه كيس إسمنت، ليتفاجأ أن سعره وصل إلى نحو 15 دولاراً أمريكي.
يقول عيسى الخلف (39عاماً)، وهو من سكان منطقة الحمرات شرقي الرقة، شمالي سوريا، إن أسعار الإسمنت ارتفعت خلال الفترة الماضية، من 105 دولار إلى 250دولار للطن الواحد، نتيجة إغلاق معبر سيمالكا – فيشخابور.
وازدادت معاناة سكان بالرقة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، “سوءاً”، بعد إغلاق المعابر التي تدخل منها المواد الأساسية، والتي تضاف لمأساتهم بسبب تدهور قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.
يقول “الخلف”، لنورث برس، إن ارتفاع أسعار الإسمنت أدى لارتفاع المواد المتعلقة فيه، حيث ارتفع سعر “البلوكة” الواحدة من 1400 ليرة إلى 2500ليرة، ما دفعه وكثير من سكان الرقة للعزوف عن أعمال البناء.
ويضيف أن إغلاق معبر سيمالكا، سبّب ارتفاع أسعار المواد الأساسية، إلى ضعف ثمنها السابق، ما شكّل لديهم حالة من العجز، خاصة أن تلك المواد لا يمكن الاستغناء عنها، كالزيت والسكر والأدوات الكهربائية ومواد البناء.
والأربعاء الماضي، أصدرت هيئة الاقتصاد في الإدارة الذاتية، تعميماً حددت فيه سعر طن الإسمنت بـ95 دولاراً أمريكياَ كأعلى سعر، محذرةً التجار من احتكاره تحت طائلة الغرامة ومنع مزاولة النشاط التجاري.
وفي هذه الأثناء، ينتظر حسن التايه (45عاماً) وهو من سكان بلدة الكرامة، ويعمل في سوق المواشي، بفارغ الصبر افتتاح المعبر لبيع ما لديه من مواشي، تجنباً للخسائر التي ستلحق به، نضراً لارتفاع سعرها عندما اشتراها قبل إغلاق المعبر.
ويعتمد الرجل على شراء المواشي لتسمينها، وتصديرها، ويسبب إغلاق المعبر لديه الكثير من المخاوف من استمرار الإغلاق، إذ أن خسائر كبيرة تنتظره، لأن الرجل وضع خطة “للتسمين” وجدولاً زمنياً، وأي إطالة تعني أنه سيدفع ثمن أعلاف زائداً على المصاريف.
واشترى 12 رأساً من الغنم، قبل إغلاق المعبر بـ 18 مليون ليرة، بينما لا يتجاوز سعرها في الوقت الحالي الـ 10 ملايين.
ويعتبر المعبر الذي أغلق في الحادي عشر من أيار/ مايو الجاري، المتنفس الوحيد لسكان شمال شرقي سوريا، وإغلاقه يؤثر على حياتهم وأعمالهم.
وأثر إغلاق المعبر على سوق المواشي، إذ انخفض سعر كيلو لحم الخروف من 64 ألف ليرة، إلى 48 ألفاً، وتسبب بحالة من الجمود في السوق، وخسائر للتجار والمربين، على حد قول “التايه”.
كما تسبب، بمعاناة لذوي الدخل المحدود وعمّال المياومة، كـ حسين الأحمد (33عاماً)، من سكان بلدة الكرامة، حيث بات الرجل وأقرانه يعجزون عن تأمين احتياجات عائلاتهم، بعد ارتفاع أسعار المواد الأساسية.
وكان “الأحمد”، يشتري كيس الرز الـ 10 كيلو من النوعية الرديئة بـ 35 ألف ليرة، بينما ارتفع سعره بعد إغلاق المعبر إلى 52 ألفاً، في الوقت الذي لا تتجاوز يوميته 20 ألف ليرة، وهو المبلغ الذي سيعيل منه عائلة من 6 أشخاص، في ظل عدم توفر عمل دائم له.
ويشير الرجل أن أصحاب المحال التجارية كانت لديهم “سيمفونية” صرف الدولار، أما الآن فأصبحت لديهم حجتان لرفع أسعار المواد، وبينهما يرزح محدودي الدخل حاجزين عن تأمين احتياجات عائلاتهم.
ويأمل “الأحمد” بإعادة افتتاح المعبر الذي يعتبر شريان الحياة لمئات الآلاف من السكان، في ظل صعوبة الظروف الاقتصادية والمعيشية.
وكسابقه، يأمل على الحنتو (47عاماً)، وهو من سكان بلدة الجديدات، بافتتاح المعبر، وكذلك مراقبة مؤسسات الإدارة الذاتية المعنية بمراقبة الأسواق لمنع احتكار التجّار للمواد ورفع أسعارها.
ويرى أن إغلاق المعابر وتدهور قيمة الليرة السورية، إذا ما ترافقت مع قلة رقابة على الأسواق، فإن الوضع سيتعقد ويصبح “كارثياً” بالنسبة لمحدودي الدخل وخاصةً عمّال المياومة.