أجورهم لا تكفي ربع احتياجاتهم.. حال عمّال مياومة في الرقة وعائلاتهم
فرات الرحيل – الرقة
يبذل ياسر كل طاقته، ويحاول الحضور باكراً إلى الساحة التي يجتمع فيها مع أقرانه ممن يعملون في المياومة، علّه يحصل على يومية أكثر لتدبر مصروف عائلته.
يعمل ياسر التايه (30عاماً)، وهو من سكان بلدة الكرامة 35كم شرقي الرقة، بالمياومة، ويجلس مع العشرات في ساحة دوار الدلة وسط مدينة الرقة، حيث تعتبر الساحة نقطة تجمّع للعمال، لكن ما يجنيه من أجر يومي، لا يكفيه، في ظل ارتفاع كبير في الأسعار.
ويعاني عمّال المياومة، من قلة الأجور وفرص العمل، بعد تدهور قيمة الليرة السورية، وتدني القدرة الشرائية لغالبية السكان في الرقة، ممن يتقاضون أجورهم في الليرة.
لكن ما يزيد معاناة “التايه” وأقرانه، أكثر، هو تدني قيمة الأجور التي يتقاضونها لقاء أعمالهم اليومية -في حال توفرها-، حيث لا يجني أكثر من 20 ألف ليرة في الحد الأقصى.
يقول الرجل، إن غالبية عمله في نقل الركام والبناء، ورغم أن العمل مجهداً، إلا أن يوميته، لا تتعدى الدولارين يومياً، بحسب قيمة العملة السورية في الوقت الحالي، والتي انهارت مؤخراً إلى مستويات غير مسبوقة.
ويضيف، أنه مجبراً على العمل بأجر متدن، في ظل قلّة فرص العمل، ولتأمين احتياجات أسرته، المكونة من 5 أطفال.
ويعاني سكان الرقة عموماً، وعمّال المياومة بشكل خاص، من ارتفاع الأسعار الكبير في السلع، وعجز بعضهم عن تأمين حاجياته، في ظل ضعف القدرة الشرائية لليرة السورية، ففي الوقت الذي تجاوز فيه صرف الدولار 9 آلاف ليرة، يتقاضى العمال 20 ألف ليرة يومياً، بينما يبلغ متوسط راتب الموظف في مؤسسات الإدارة الذاتية 600 ألف.
وبما أن “التايه” يقيم في الريف، فعليه أن يدفع أجرة توصيله إلى المدينة مما يتقاضاه من أجر، ويدفع أجرة من الكرامة إلى الرقة 6 آلاف ذهاباً وإياباً، فيما يوزع ما تبقى لديه على الحاجيات الأساسية لأسرته.
وعدا عن تدني الأجور، يشتكي الرجل وأقرانه، من سوء معاملة بعض أرباب العمل، إلا أنهم مُجبرين على المتابعة، لتأمين معيشة عائلاتهم.
ويتجمّع عمّال المياومة في نقطتين في الرقة، إحداها عند المتحف، والأخرى عند دوار الساعة، ويحضر من لديه عمل من السكان إلى إحدى الساحتين، ليأخذ معه ما يحتاجه من أشخاص بحسب العمل لديه.
بينما وجد عامر إلياس، وهو من سكان بلدة الجديدات، نفسه، في ذات المعاناة التي يعانيها سابقه، بعد أن تم ترحيله من تركيا، لذا تحتم عليه العمل بالمياومة في مدينة الرقة، والجلوس في الساحات، حيث يتجمّع العمال.
يقول إنه كان يجني نحو 400 دولار شهرياً، لكن تم ترحيله، ليجد نفسه مُجبراً على العمل بأجر يومي متدن، لا يغطي ربع احتياجاته.
وتزيد الأجور المتدنية وقلة فرص العمل، معدلات الهجرة، في ظل غياب المشاريع التنموية، فضلاً عن التدهور المستمر في قيمة العملة المحلية.
وهي الأسباب التي دفعت أيمن السليمان، من سكان بلدة الكرامة، إلى الهجرة، لكنه لم ينجح في ذلك، وترتب عليه 900 دولار كديون، يقول إنه لن يستطع إيفائها في ظل تدني الأجور، ومتطلبات عائلته.
ومجبرين يجلس أيمن وسابقيه في ذات الساحة، لعلّ أحدهم يحضر لمناداتهم لأجل عمل ما، يجنون منه ما يسد رمق عائلاتهم ليوم واحد.