ملح الدعاية الانتخابية.. تضارب تصريحات المسؤولين الأتراك بشأن اللاجئين السوريين
دمشق- نورث برس
بات ملف اللاجئين السوريين في تركيا أكثر المواد الدعائية الدسمة في الانتخابات التركية. فبعد لجوء المعارضة له واستخدامها كورقة ضغط ضد السلطة الحالية، تتخبط الأخيرة بتصريحاتها حول آلية ترحيلهم، تارةً بالتنسيق مع دمشق وتارةً من دونها.
وتتبدل خطابات المسؤولين الأتراك بشأن السوريين حسب وجهتها، أذ تتعهد بترحيلهم وفق خطة مدروسة و بأقرب وقت، وذلك عندما يكون الخطاب موجه للداخل التركي، لتمثل وسيلة تعكس آمال الأتراك الذين يرون أنهم ضاقوا ذرعاً باللاجئين.
بينما يتحول الخطاب بين ليلة وضحاها وعلى لسان مسؤول آخر، كأنما هو موجه إلى السوريين والمعارضة السورية والفصائل الموالية لأنقرة، على أن تركيا لن تتخلى عنهم، بالرغم من أنها تمضي في لقاءات على مستوى رفيع مع دمشق لتطبيع العلاقات.
ومطلع هذا الأسبوع، تحدث وزير الداخلية سليمان صويلو بشأن السوريين في تركيا الذين يتجاوز عددهم الثلاثة ملايين، وهو على مايبدو أحد شروط تحالف سنان أوغان لدعم حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وهذا ما دفع زعيم المعارضة مؤخراً لتكثيف دعواته في إعادة السوريين، كما ويحذر من مجيئ المزيد منهم بدلأً من مغادرتهم في حال فاز أردوغان بالانتخابات.
وقال سليمان صويلو:”لا يمكننا تسليم أي من إخواننا إلى نقطة لا يوجد فيها أمان للحياة، سيحرقنا الله. الرئيس أردوغان لا يريد أن يُذكر كزعيم أرسل السوريين إلى حتفهم بعد 100 عام “.
خطاب وزير الداخلة جاء بخلاف الدعاية الانتخابية للعدالة والتنمية وكذلك مع انطلاق اللقاءات بين أنقرة ودمشق في موسكو.
لكن ما مضى سوى يومان على هذا التصريح، ليأتي وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو بحديث يخالف مزاعم زميله صويلو، عندما قال، إنه “من الخطأ” عدم التعاون مع حكومة بشار الأسد في ملف عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم.
وأعلن جاويش أوغلو عن نية بلاده ارسال المزيد من اللاجئين السوريين إلى ما يسميها “المنطقة الآمنة” في إشارة إلى المناطق التي تسيطر عليها مع فصائل موالية لبلاده”. ثم أردف القول “ومنها ستبدأ العودة إلى المناطق التي يسيطر عليها الأسد”.
لعل حديث جاويش أوغلو جاء متناسقاً في سياق المحادثات التي تجري بينه وبين نظيره السوري، باعتبار فيها نية تعاون مباشر بين أنقرة ودمشق.
وسرعان ما أضاف الوزير التركي قوله “من الصعب عودة نسبة 100% إلى بلادهم” مستهدفاً بذلك واقعية تصريح كليجدار أوغلو الذي يقول أنه سيعيد كل السوريين إلى بلادهم إذا فاز.
وفي وقت سابق، قال منافس أردوغان في الجولة الثانية المقبلة من الانتخابات الرئاسية، كمال كيليجدار أوغلو، إنه يعتزم “توديع اللاجئين السوريين في غضون عامين وتعزيز مكافحة الدخول غير القانوني إلى البلاد”، في حال فوزه.
وفي المحادثات بين وزراء خارجية روسيا وإيران وسوريا وتركيا حول تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق في 10 أيار/ مايو في موسكو، بحث الطرفان على وجه الخصوص عودة اللاجئين السوريين، إلى جانب ملفات أخرى.
بالتزامن مع تصريحات نظيره جاويش أوغلو بشأن التنسيق مع إدارة دمشق من أجل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، جاء بيان لافت من وزير الخارجية السوري فيصل المقداد بخصوص جهود أنقرة لتطبيع العلاقات مع سوريا، حيث قال إن الأسد لن يلتقي بالرئيس أردوغان وأن دمشق لن تطبيع العلاقات حتى تنهي تركيا “احتلالها” للأراضي السورية.
وبينما تقول السلطات إنها سترسل السوريين طواعية، كون القانون الدولي لا يسمح الترحيل بالقوة ، فأن تهيئة شروط العودة الطوعية التي تتحدث عنها ستستغرق وقتًا كبيراً باعتبار خلق ظروف العودة الطوعية ليس بالشيء الذي يمكن أن يحدث في سنة أو سنتين، حسب مراقبين بالشأن.
يقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أخر حديث بالشأن يوم أمس الاثنين: “في المستقبل القريب، سيتم وضع خارطة طريق لعودة اللاجئين. وسيتم تحليل مدى سرعة ضمان عودتهم” .
وبحسبه ، عاد 450 ألف لاجئ سوري إلى وطنهم، بما في ذلك “منازلهم” في شمال سوريا على حد تعبيره، في حين تشير المعطيات أن النسبة الأكبر من العائدين اجبروا للعودة إلى مناطق بعيدة عن موطنهم الأصلية.
وقال أردوغان “لدينا خطة لإعادة مليون لاجئ آخرين إلى هناك”، وهي نسبة تشكل 30% من عدد السوريين المتواجدين في تركيا اليوم.
وأفادت هيئة الهجرة التركية في كانون الثاني/ يناير أن 3.5 مليون سوري يعيشون في تركيا، وفي عام 2022 عاد ما يقرب من 59 ألف شخص إلى المناطق الآمنة في سوريا.
وظل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في السلطة لمدة 20 عامًا من خلال التغلب بشكل متكرر على الأزمات السياسية الاحتجاجات الجماهيرية، ومزاعم الفساد، ومحاولة انقلاب عسكري، وتدفق أعداد كبيرة من اللاجئين الفارين من الحرب في سوريا.
ويتعرض الأتراك واقتصاد البلد لضربات التضخم المرتفع ومع ذلك، يدخل أردوغان – وهو زعيم شعبوي في جولة الإعادة يوم الأحد المقبل بوجه منافسه كمال كيليجدار أوغلو بعد فشلهما من حصد نسبة تفوق الـ50% في اقتراع 14 أيار/ مايو.
ووضع ملف اللاجئين السوريين على رأس الحملة الانتخابية التي أطلقتها التحالفات في الجولة المقبلة.
ولكسب التيار القومي بشكل أكبر وأرضاء الأتراك الراغبين بطرد السوريين وهم يشكلون النسبة الأكبر جماهيراً، تنفذ السلطات التركية خطط اعادة اللاجئين بأسلوب “هدفين بضربة واحدة”، وهي ارضاء المجتمع التركي من جهة، وتوطين مستوطنين في مناطق ذات غالبية كردية.