المنتجون والمستهلكون يتناوبون الخسائر.. تصدير دمشق البطاطا والثوم يستحضر قصة البصل
ليلى الغريب ـ دمشق
القرار الأحدث هو السماح بتصدير مادتي البطاطا والثوم، بعدما علا صراخ منتجي المادتين. والنتيجة الحالية ارتفاع أسعار المنتجَين في الأسواق المحلية، دون تحقيق فائدة للمُنتج، لأنه برأي المزارع حسين العبد، أن القرار تأخر كثيراً والمحصولين تم جني معظمهما من الأرض والخسائر المحققة وقعت.
إذ أن كيلو البطاطا تم بيعه بما لا يتجاوز الألف ليرة في الكثير من الأحيان، في حين أن كلفة إنتاجه تفوق الضعف، وبالتالي حسب رأي “العبد”، لم يستفد المنتج كثيراً من قرار التصدير المتأخر وسيتأثر المستهلك.
خسارة مزدوجة
تقول فرح محمد وهو اسم مستعار لسيدة خمسينية تتسوق من أحد فروع السورية للتجارة بدمشق، لنورث برس، إنها لم تشتر كيلو البطاطا بسعر يقل عن 1700 ليرة، وأن الأسعار عادت للتحليق من جديد، وعاد سعر كيلو البطاطا ليتجاوز ألفي ليرة سورية، علماً أن حبتين من البطاطا يمكن أن يصل وزنهما إلى الكيلو، وأنها مادة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها بعدما تم الاستغناء عن الكثير من المواد.
وأشارت إلى أن عائلة مؤلفة من 6 أشخاص مثل عائلتها “لن يكفيها كيلوين من البطاطا على الوجبة الواحدة يومياً”.
والحال ذاته ينطبق على مادة الثوم، حيث أن سعر الكيلو لم يكن يتجاوز 600 ليرة، ويصل للمستهلك بما لا يقل عن 1500 ليرة، أما الآن بعدما باع معظم المنتجين إنتاجهم وصل سعر الكيلو إلى نحو4 آلاف ليرة.
وأضاف مهندس زراعي في أحد الوحدات الإرشادية بمحافظة طرطوس، لنورث برس، أن عدم علاج مشكلة تسويق الإنتاج الزراعي من جذورها “يجعل المنتج والمستهلك يتقاسمون الخسائر بشكل دائم”.
وقال أيضاً: “إذ ليس من المعقول أن يكون علاج ضعف الدخل والاستهلاك عند المستهلكين من جيب وأتعاب المنتج، فعندما يتحسن سعر المنتج يستغيث المستهلك والعكس صحيح، فليس من الطبيعي أن يضطر المنتج للبيع دون التكلفة، لأن هذا سيخلق مشكلة في العام التالي بتوقفه عن زراعة هذا النوع وبالتالي قلة في العرض وارتفاع السعر كما حصل مع عشرات المواد من البصل إلى الثوم والبطاطا، وليس من الطبيعي أن لا يتمكن المستهلك من شراء منتجات بلده، وتأمين حاجته منها”.
وتوقع المهندس أن تعاد مشكلة البصل مع هاتين المادتين عندما تم تصديرها في العام الماضي بحسابات غير دقيقة وعشوائية عن كمية الاستهلاك المحلي، وتم استيراد البصل بأنواع أقل جودة وأسعار أعلى، وهنالك من تحدث عن حالات استغلال في التسعير للكميات التي تم استيرادها.
اقرأ أيضاً:
- هل الثوم سيزيد الهموم بعد البصل في مناطق سيطرة الحكومة؟
- الثوم والبصل نموذجاً.. سياسة زراعية “فاشلة” تنقل الأزمات من عام لآخر
- هل يستطيع السوريون بعد اليوم أكل البصل ونسيان ما حصل؟
- بعد طلب استيراده من مصر.. البصل وصل إلى سوريا
- تصدير المادة ثم استيرادها.. فقدان البصل في أسواق دمشق
دور محدود
وطالب خبير تنموي، في حديث لنورث برس، بحل المشكلة عن طريق مؤسسات ما يسمى بـ”التدخل الإيجابي”، وذلك من خلال استجرار المحصول بما يضمن عدم خسارة المنتج، وتخزينه في أماكن كثيرة مخصصة لهذه الغاية تتبع لوزارة التجارة الداخلية، على أن يعاد طرحه بما يحقق حاجة السوق ويحافظ على الأسعار.
وأضاف المصدر، أن كل ما تستجره السورية للتجارة وفروعها “لا يعادل 10% من قيمة الإنتاج، وهذا لا يحدث أي فرق”.
وقال الخبير في الاقتصاد الزراعي ناهي سعده، (اسم مستعار)، لنورث برس، إن كل الدول تسعى لتصدير الفائض عن حاجة السوق لتأمين القطع للخزينة، وضمان الفائدة للعاملين في القطاع الزراعي، “ولكن لا يوجد هنالك أي دولة تفتح أبواب التصدير دون التأكد بدقة من حاجة السوق المحلية، وبما لا يتسبب في مشكلة للمستهلكين، وضمان الفائدة للمنتج”.
وبرأي “سعده”، فإن الحل الاستراتيجي، هو “تحسين الدخل ليتمكن أفراد هذه الشريحة من شراء حاجاتهم الضرورية للطعام كحد أدنى”.