سكان من الرقة يعجزون عن شراء مشتقات الحليب.. ما علاقة الجفاف؟

فاطمة خالد ـ الرقة

“من 4 سنوات ما فاتت الجبنة على بيتي”، بحسرة يصف أسعد كيف أنه لم يشتر أياً من مشتقات الحليب، منذ أن ارتفعت أسعارها وأصبحت أطعمة للطبقات المترفة.

كان يأمل أسعد العبود (67عاماً)، من سكان الرقة، شمالي سوريا، أن تنخفض أسعار الأجبان والألبان بعد موسم الأمطار الغزيرة التي هطلت على المنطقة، حيث توفر المرعى الكافي للمواشي، يعني وفرة منتجات الثروة الحيوانية.

ويشتكي سكان في الرقة من الارتفاع “الجنوني” والمستمر في أسعار الأجبان والألبان، الأمر الذي جعلها غائبة عن موائدهم بعد أن كانت من الأطعمة الرئيسية في كل بيت سابقاً.

يقول “العبود” إن ارتفاع أسعار مشتقات الحليب في هذه الأيام، لارتباطها بصرف الدولار الأمريكي، وتحكم مربي المواشي بها بذريعة غلاء الأعلاف.

 ويرى رب الأسرة المؤلفة من عشرة أشخاص، أن موسم الأمطار كان جيداً هذا العام وهذا ما يؤدي إلى انخفاض بأسعار أعلاف المواشي، وبالتالي يجب أن تنخفض أسعار الأجبان والألبان، وهذا ما لم يحدث في الواقع.

“دائما كنت أشتري الجبن لعائلتي، ولكن الآن لا أستطيع بسبب غلاء أسعارها، على الرغم من أنني أعمل في بيعها للآخرين، لكننا استغنينا عنها وأصبحنا نأكل الدبس بدلاً منها”، يقول.

وتعرّض مربو الماشية إلى خسائر فادحة خلال العاميين الماضيين، نتيجة الجفاف وقلة الأعلاف وانخفاض أسعار ماشيتهم، ما أدى لفقدان الكثير منهم نصف قطعانهم.

بينما يعزو علي الحسين (30عاماً)، من سكان السويدية في ريف الطبقة، شمالي سوريا، سبب غلاء الأجبان والألبان إلى أن كمية الحليب قلّت مع ارتفاع درجات الحرارة.

ويعمل الرجل بتوريد مشتقات الحليب من الريف إلى مدينة الرقة بشكل يومي في ذروة موسمها.

ويقول، إن الإقبال على الشراء كان في بداية الموسم أفضل من الوقت الحالي، وذلك بسبب الاستمرار في ازدياد أسعار مشتقات الحليب، بالإضافة إلى ضعف حركة العمل في الرقة المترافق مع الانهيار بقيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية.

ووصل سعر كيلو حليب الغنم إلى 4500 وكيلو اللبن 3500، بينما يتراوح سعر كيلو الجبن ما بين 17 إلى 20 ألف ليرة، ومن المتوقع أن يصل سعرها إلى 25 ألف ليرة مع اقتراب موسم الحصاد، بحسب “الحسين”.

في حين وصل سعر صرف الدولار إلى أعتاب 9 آلاف ليرة للدولار الواحد، بالتزامن من انتهاء الربيع بالنسبة لمربي الماشية، والدخول بمرحلة الحصاد، حيث سيقل حليب الأغنام إلى النصف.

ولجودة مشتقات الألبان والأجبان أيضًا دور بتفاوت أسعارها، إذ توجد أنواع لمشتقات الحليب: (البلدي، وهو بكامل دسمه، والمسحوب خيره، بحسب تعبير تجّار مشتقات الحليب، والذي يُسحب منه الدسم، وهناك الصناعي الذي يكون أقل دسماً، وأقل سعراً”.

وتراجع عدد الأغنام في العام 2022، حوالي الـ 30%، عن العام 2021، نتيجة الجفاف وغلاء الأعلاف، حيث بلغت بحسب إحصائية لجنة الزراعة في الرقة مطلع العام الماضي، نحو مليون و600 ألف رأس، واستمرت بالانخفاض حتى نهاية العام.

فيما يقدّر عدد سكان الرقة وريفها بما يقارب الـ 900 ألف نسمة، حيث تشهد اكتظاظاً بالسكان نتيجة استقبالها لنازحين من مدن سورية أخرى.

ويضطر ضياء الدين الحبيب (43 عاماً)، لشراء حاجات منزله من الأجبان والألبان، من حليب الأبقار، لأن سعرها أقل حيث يصل سعر حليب البقر إلى 3 آلاف ليرة.

يقول “الحبيب” إنه منذ خمس سنوات لم يشتر الجبن ولم يأكل هو وعائلته سوى القليل من اللبن المستخلص من حليب البقر الذي يكون أقل تكلفة.

ويضيف أنه قد يكون غلاء الأجبان والألبان ذات الجودة الجيدة بسبب احتكار بعض التجار ومربي المواشي للمادة، بذريعة غلاء الأعلاف وأجور النقل من الأرياف إلى المدينة.

ويورّد مربو الأغنام والأبقار منتجاتهم من الألبان والأجبان، من الريف إلى المدينة، حيث يترتب عليها أجرة مقابل الوعاء الذي يحملها أو بنسبة مئوية يتفق مع التاجر عليها، كذلك يتقاضى التاجر نسبة بالاتفاق مع المربي والتي تزيد عن 10 بالمئة.

تحرير: أحمد عثمان