أحياء محاصرة أمنياً بحلب.. الداخل إليها مولود والخارج منها مفقود

حلب ـ نورث برس

يتحدث سكان في المدينة هنا عن شارع قد لا تخرج منه إلى منزلك أو تذهب لعملك، يدخل الرعب في كل من يمر به صغاراً وكباراً ومنهم من وصف المار به بـ”المولود أو المفقود”.

ومنذ بداية العام الجاري، خسر محمد المحمد (45 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان حي محطة بغداد بحلب، عمله، بعد تعرضه للاعتقال لفترة، على يد حاجز للأمن على طريق العوارض المؤدي إلى حي الشيخ مقصود.

وكان “المحمد” يضطر بشكل يومي للذهاب والعودة إلى عمله ثم منزله، ليتم توقيفه في أحد الأيام، من قبل حاجز للقوات الحكومية يتمركز على طريق يسمى خالد بن الوليد على بعد 150 متر من جسر معمل العوارض وعلى يسار حديقة الصنوبري بتجاه مدخل حي الشيخ مقصود من الجهة الشرقية الشمالية.

أفرع متعددة

ويضم الحاجز عناصر من فرعي الأمن العسكري وأمن الدولة ومكتب للفرقة الرابعة. وتتوزع الحواجز على تخوم أحياء الشيخ مقصود شرقي وغربي والأشرفية عن الأحياء الأخرى من المدينة ثلاثة حواجز حكومية، (العوارض ومغسلة الجزيرة والأشرفية).

ويشير “المحمد”، لنورث برس، إلى أن عناصر الحاجز “يدخلون الرعب في قلوبنا بأساليب تعجيزية لا تنطبق على تعامل جهة تابعة لدولة، تشعرك أنك تعامل عصابات وقطاع طرق من الفرقة الرابعة… بسألك وين رايح وبنبش أشيائك وكأنك عم تعبر الحدود”.

وتم توقيف محمد دون سبب شرعي، وكان ذاهباً إلى مكان عمله، حاملاً معه مبلغ 600 ألف ليرة سورية، وكيس من الحطب وضعه في صندوق سيارته، ليتم تحويله إلى المحكمة المدنية بعد قضاء مدة 25 يوماً في سجن ضمن فرع أمن الدولة بحلب.

وتم الإفراج عنه في أول يوم تم عرضه فيه على القضاء، بعد إثبات أنه قام في شراء الحطب بالشهود، وأنه يحمل مبلغاً لدفع أجور عمال لديه في محل النجارة الذي يعمل فيه ضمن حي الشيخ مقصود منذ عام 2000.

وينتشر عناصر تابعين لفرع أمن الدولة، داخل حديقة الصنوبري، لمراقبة عمليات الحوالات الخارجية غير المرخصة وإلقاء القبض على المتعاملين بها، لإدخالها إلى مناطق تديرها الإدارة الذاتية في حلب وريفها الشمالي.

وقال محمد الأحمد (50 عاماً)، وهو اسم مستعار من سكان حي سيف الدولة، إن عناصر أمن الدولة أوقفوا أخاه “بتهمة اقتصادية، لحمله جهازي نوع شاومي كان قد دخل حي الأشرفية ولم يعد”.

وعلم “الأحمد” باعتقال أخيه عبر اتصال ورده، وأن جهة الاعتقال هي فرع أمن الدولة، وذلك في التاسع من كانون الثاني/ يناير الفائت، على خلفية شراءه جهاز اتصال غير مجمرك من أحد المحال التجارية في حي الأشرفية.

اعتقالات تعسفية

ويقصد معظم سكان مناطق نفوذ دمشق الدخول إلى مناطق الإدارة الذاتية، بهدف الحصول على أجهزة خليوية أو استلام حوالات مالية أو شراء ألبسة “بسبب فارق الأسعار للأجهزة وفرق سعر الصرف للدولار بين المناطق”.

وحاول “الأحمد” عدة مرات إخراج أخيه من الفرع قبل تحويله إلى سجون دمشق، “لكنها كانت فاشلة، بسبب المبالغ الضخمة التي كانت تطلب في المقابل. منهم من طلب ليرتان من الذهب وآخر طلب 1500 دولار وهي مبالغ فوق استطاعة أي شخص من سكان المدينة”.

ومنذ نهاية الأسبوع الماضي، عاودت الحواجز الأمنية التشديد على السكان المارين ومنعت دخول الصهاريج المحملة من مادة المازوت بالدخول إلى حيي الشيخ مقصود والأشرفية في المدينة ومناطق في شمالها ليتوقف عمل المولدات الكهربائية ويتخوف السكان من توقف الأفران والمعامل أن طال الحصار.

ويعيش ضمن أحياء الأشرفية والشيخ مقصود نحو 100 ألف شخص وتضم هذه الأحياء عائلات عربية ومسيحية والأغلبية من سكانها كرد لجأ معظمهم من مناطق عفرين في الريف الشمالي لمدينة حلب.

وقال مصدر أمني خاص لنورث برس، أن القوات المتواجدة على مداخل ومخارج الأحياء مهمتها “الحماية من عملية التهريب ومتابعة الممنوعات، منها التعامل مع مكاتب الحوالات غير المرخصة وأشخاص مطلوبين للأفرع الأمنية”.

وأضاف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن “المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة فيها الكثير من المخالفات ومنها بيع الأجهزة التي تصل إلى المواطنين بطريقة غير مرخصة والتعامل بغير الليرة السورية”.

وبرر المصدر أن عناصر الحواجز تقوم بعملها المطلوب منها، وخلال شهر آذار/ مارس الماضي، “أوقف حاجز العوارض أكبر عملية تهريب كانت بطريقها إلى الريف الشرقي، وتم توقيف نحو 18 شخصاً في عمليات تهريب متنوعة معظمها من مناطق الشيخ مقصود والأشرفية”.

إعداد: رافي حسن ـ تحرير: تيسير محمد