محللون سياسيون: لا خيار للسوريين سوى مواجهة مشروع تركيا في التغيير الديمغرافي
دمشق – أحمد كنعان – نورث برس
يعتقد محللون سياسيون في دمشق، في حديث مع "نورث برس"، ضرورة مواجهة التغيير الديمغرافي الذي تقوم به تركيا في المناطق التي سيطرت عليها شمالي سوريا، مبرزين دور مشروعها في تأجيج الصراع في المنطقة، ومحاولات تدميرها للنسيج الاجتماعي السوري.
وسيطرت القوّات التركيّة وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها على عفرين في 18 آذار/ مارس 2018، وعلى رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض/ كري سبي في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر 2019، وهجّرت المدنيين منها وقامت باستقدام عوائل الفصائل المعارضة لتوطينهم فيها.
وقال المهندس والمحلّل السياسي السوري باسل كويفي، لـ"نورث برس"، إن مواجهة التغيير الديمغرافي الذي تقوم به تركيا ضرورة حتمية للحفاظ على "السيادة والأرض والنسيج الاجتماعي".
وأضاف أن هذا التدخل في الخصوصيّة السوريّة "يتناقض مع شرعة حقوق الإنسان والمواثيق الدوليّة ذات الصلة، والتي تمنع تهجير السكان دون إرادتهم بأيّ شكلٍ من الأشكال".
ويرى كويفي أن "استراتيجيّة الحكومة التركية في سرقة الملكيّات العقارية العامة والخاصّة للسكان الأصليين مكشوفةٌ"، ليتم منحها للنازحين الموالين للقوّات التركية، وذلك في إطار خطّةً واضحةً لمحاولة "تدمير النسيج المجتمعي وما يرافقه من تخريبٍ سياسيّ، واجتماعيّ، واقتصادي".
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد اتهمت، في تقريرها الصادر في /14/ حزيران/ يونيو2018، الفصائل السورية التابعة لتركيا بالاستيلاء على بيوت وممتلكات تخص مدنيين كرد في عفرين ونهبها وتدميرها.
أما الدكتور سليم الخراط، الأمين العام لحزب التضامن الوطني الديمقراطي في سوريا فيرى أنّ تركيا "تلعب دوراً خبيثاً" لتأجيج الصراعات في المنطقة، بهدف تحقيق أهدافٍ باتت معروفةً، من بينها وضع أقدامها في مناطق نفوذ جديدة.
وقال الخراط "إنّ تحقيق التغيير الديموغرافي مستحيل ولا تستطيع أيّ حربٍ أو أزمةٍ أن تُحدثه، ولا تزال مسألة سعي تركيا إلى استعادة أراضي (الميثاق الملّي) تغشي أعيُن مسؤولي حزب العدالة والتنمية".
وكان الرئيس التركي قد أعلن في كلمة أمام وزراء الشؤون الاجتماعية بمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، في التاسع من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أنّه سيتم تقديم الدعم لإنشاء مناطق سكنيّة جديدة في الشمال السوري، "بدأنا العمل على إسكان مليون شخص في مدينتي تل أبيض ورأس العين".
ويعلق المحلّل السياسي سلمان شبيب: "بقيت الأحلام المجنونة لعودة الإمبراطورية تعيش في الخيالات المريضة لبعض القادة الأتراك، آخرهم أردوغان الذي عبّر بطريقةٍ سافرةٍ وعلى مراحل متعددةٍ عن أطماعه في أراضي العراق وسوريا".
بخصوص التمدد التركي مؤخراً، أردف شبيب أنّه يعتمد على نظرية أوغلو في "أنّ المجال الحيوي لتركيا هو الشرق"، لذا فهي تسعى لتوسيع مناطق سيطرتها وفرض أمرٍ واقعٍ جديدٍ فيها "من خلال التغيير الديمغرافي باستقدام وتوطين مجموعات من الإيغور، والشيشان، والأوزبك، والتركمان، مع عوائلهم، خدمةً لمشروع العثمانية الجديدة".
وقال شبيب أيضاً "إنّ تركيا تقوم وبشكّلٍ معلنٍ بتغييرٍ كامل للهوّية السورية لهذه المناطق وفرض الهوّية التركية عليها، وهذا مشروعٌ خطيرٌ امتد إلى منطقة شرق الفرات من خلال ما عُرف بالمنطقة الآمنة".
وفي نهاية العام 2019 المنصرم، زار وفدٌ من البرلمان الأوربي مناطق شمال وشرقي سوريا، وكان عضو البرلماني الأوروبي أندرياس شيدر قد عبر، في مؤتمر صحفيٌ وقتها، عن قلق بلدانهم من الهجمات التركيّة على المنطقة، مضيفاً "يجب ألّا نسمح لتركيا بإجراء تغيير ديمغرافي في المنطقة التي احتلتها".
واستمرت الإدارة الذاتية في شمال وشرقي سوريا في موقفها الرافض للتغيير الديمغرافي الذي تجريه القوّات التركية في المناطق التي تسيطر عليها في سوريا "تسعى إلى تغيير هوية المناطق التي سيطرت عليها بشتّى الوسائل والعمل على توطين لاجئين ممن لديها الآن والبالغ عددهم أكثر من /3/ ملايين لاجئ بالتنسيق مع الأمم المتحدة، الأمر الذي ينذر بكارثة حقيقية في المنطقة"، وفق بيان صدر في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.