رغم الحاجة الماسة.. تجهيزات غير كافية للحكومة السورية لاستقبال محصول الذرة الصفراء
دمشق ـ نورث برس
في بداية العام تعد الحكومة السورية، بتعويضٍ مجز واستلام للمحصول، وعند وصول الإنتاج، تبدأ مشاكل التسويق التي تدفع المزارعين للبيع دون التكلفة.
الحاجة للأعلاف منخفضة التكلفة كبيرة، لأن انخفاض أسعارها يعني انخفاض أسعار الكثير من المواد الغذائية الأساسية في حياة المواطن، ومع ذلك ظلت آلية التعامل مع هذا المنتج لا ترقى لمدى أهميته، وذلك بشكل “يفضح حجم الفشل الحكومي” في إدارة هذا الموضوع كما غيره من المواضيع.
هكذا عملوا
يقول المزارع عبد الله حسن من منطقة الغاب، لنورث برس، إنه ممن زرع الذرة الصفراء في العام الماضي بمساحات كبيرة بعدما صدق وعود الحكومة بدعم المحصول، وتشجيع الزراعة كحل لمشكلة ارتفاع تكاليف تربية الدواجن ومنتجاتها.
ولكن عندما وصل المحصول كانت خيبة الأمل كبيرة والشروط قاسية، الأمر الذي دفعه كما غيره من المنتجين للبيع بخسارة.
وتتفاخر وزارة الزراعة بكميات الإنتاج التي تحققت العام الماضي والتي قدرت بنحو 500 ألف طن في المناطق الحكومية وما لا يقل عن 200 ألف طن في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة، في سابقة لم تحصل حتى قبل سنوات الحرب، الذي وصل إلى 300 ألف طن في أحسن حالاته.
ولكن ما استجرته مؤسسة الأعلاف من كل هذا الإنتاج لم يتجاوز 6500 طن من الكمية المنتجة بسبب تحديد نسبة الرطوبة المطلوبة للموافقة على استجرار الذرة بأن لا تزيد عن 14%. ورغم أن السعر المحدد للاستجرار هو 2000 ليرة، لكن كما قال بعض المنتجين لم يحصل إلا عدد محدود منهم على هذا السعر.
وكانت وزارة الزراعة في الحكومة السورية، بينت في تصريحاتها، أن إنتاج هذه الكمية من الذرة وفَّر على الدولة مبالغ كبيرة قدَّرتها بنحو تريليون ونصف تريلون ليرة كقيمة مستوردات في حال تم استيراد تلك الكميات.
ومع هذه التصريحات يتبين مدى “التكلس” الذي تتعامل به الحكومة في القضايا الاستراتيجية، حيث أن هذه الأرباح استقرت خسائر في جيوب المنتجين الذين يتوقع من غامر منهم بزراعة المحصول لهذا العام “بخيبات جديدة”.
عاتق المنتجين
وبما أن الذرة محصول شتوي يتم حصاده في موسم الشتاء ما بين تشرين الأول/ أكتوبر وكانون الثاني/ يناير، فمن الطبيعي أن يكون رطباً تصل نسبة الرطوبة فيه إلى نحو 40%.
ولا يمكن تخزينها دون تجفيف لأكثر من يوم، ولكن الحكومة لم تأخذ على عاتقها حل مشكلة غياب المجففات، وتركت هذه المهمة على عاتق المنتجين الذين عانوا كثيراً من صعوبات التجفيف.
يتحدث المزارع محمد الخلف من الرقة، عن معاناته مع إنتاج محصول الذرة الذي نشره على الطرقات لتجفيفه بطرق بدائية مع غياب المجففات، وأنه في اليوم التالي لنثره على الطرقات أمطرت وتبلل المحصول الذي اضطر لجمعه ثانية وإعادة فرده عندما توقف المطر الأمر الذي أثر على جودة المحصول، وفي النهاية اضطر لبيع الكيلو بسعر لا يغطي نصف تكاليف إنتاجه.
وقال “الخلف”، لنورث برس، عبر التواصل معه على تطبيق واتس أب، إنه لن يعاود هذه التجربة وسيترك أرضه بوراً ترعى بها الأغنام فهذا خير من زراعتها.
مصدر في مؤسسة الأعلاف، قال لنورث برس، إن المشكلة الأساسية هي في غياب المجففات، حيث أن المجففات التي كانت تابعة للقطاع العام تعرضت للتخريب خلال سنوات الحرب، وهي في كل الأحوال لا تكفي لتجفيف سوى نسبة محدودة من إجمالي الإنتاج أصلاً.
وفي القطاع الخاص لم يُقبل أحد على الاستثمار في هذا المجال رغم الإعلان أكثر من مرة عن مناقصات للاستثمار وبطاقات مختلفة يصل بعضها إلى تجفيف نحو 1200 طن يومياً.
وكانت وزارة الزراعة تتحدث دائماً عن أهمية الاستثمار في هذا المجال ومدى الربحية التي يحققها من يقدم على الاستثمار في تجفيف الذرة، ولكن لم يتقدم أحد حسب تأكيد المصدر، الذي يرى أن السبب في العقوبات الاقتصادية.
بطاقات محدودة
ولكن يتوقع المصدر في مؤسسة الأعلاف، أن يتوفر هذا العام عدة مجففات بطاقات صغيرة الحجم للموسم القادم الذي يبدأ في تشرين الأول/ أكتوبر من أواخر هذا العام.
وبين أن طاقات هذه المجففات تتراوح بين 60 إلى 250 طناً يومياً فقط، ورغم أنها لا تكفي ولكن يمكنها أن تحل جزءاً من المشكلة.
والعام الماضي، سمحت الإدارة الذاتية، بتصدير مادة الذرة الصفراء لخارج مناطقها، وقالت إن السبب هو عدم قدرتها على شراء المحصول من المزارعين.