دمشق – نورث برس
رفعت الدعاية الانتخابية بشكل غير مباشر الستار عن الانهيار الاقتصادي والتضخم الذي لم ينقله الإعلام قبل اقتراب موعد الانتخابات إلا القليل منه، بينما ظهر الأعظم مع إطلاق الوعود بتخفيف الأزمة.
وقدمت كل من الحكومة والمعارضة سيلًا لا نهاية له من التعهدات الاقتصادية في الفترة التي تسبق انتخابات تركيا الحاسمة في 14 أيار/ مايو الجاري.
وفي واحدة من أكثر نقاطه الدعائية لفتاً للانتباه، يدعي المرشح الرئاسي كمال كليجدار أوغلو أن الفساد المستشري والمخالفات في ظل حكم الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، “كلفت القطاع العام ما يقدر بنحو 418 مليار دولار”.
وفي تعهد كبير آخر، يأمل زعيم المعارضة أن تؤدي العودة إلى العقيدة الاقتصادية وسيادة القانون إلى استعادة ثقة المستثمرين الأجانب وجلب ما يصل إلى 300 مليار دولار من تدفقات رأس المال الأجنبي إلى تركيا.
وساهمت خسارة الاستثمارات الأجنبية في أزمة العملات الأجنبية في تركيا والانخفاض الدراماتيكي لقيمة الليرة في السنوات الأخيرة، حيث انتهج أردوغان سياسة أسعار فائدة منخفضة مثيرة للجدل على حساب زيادة التضخم.
ورفض مسؤولون حكوميون تعهد كيليتشدار أوغلو، مشيرين إلى أن إجمالي الاستثمارات الأجنبية على مدى العقدين الماضيين كان 250 مليار دولار فقط.
وبينما يتصارع الناخبون مع أسوأ أزمة تكلفة معيشية في ظل حكم الرئيس رجب طيب أردوغان الذي استمر عقدين من الزمن، وسّع أردوغان تعهداته كل يوم تقريباً، وشعر بضخامة استطلاعات الرأي التي أظهرت أنه يتراجع بشكل متزايد عن منافسه الرئيسي كمال كليجدار أوغلو.
وتشير استطلاعات الرأي وخاصة مع إعلان الشعوب الديمقراطي دعم كليجدار أوغلو (المرشح الرئاسي المشترك لتحالف المعارضة المكون من ستة أحزاب) إلى أنه يتقدم على أردوغان ويعتقد بعض المراقبين أنه قد يفوز حتى في الانتصار الأول.
وسجلت الموازنة العامة للدولة بالفعل عجزًا يزيد عن 250 مليار ليرة تركية (12.9 مليار دولار) في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، بما يعادل 38٪ من العجز المتوقع للعام بأكمله، حسب موقع المونيتور.
وذكر الموقع نفسه في تقرير أنه من المرجح أن تصل الفجوة إلى ما لا يقل عن تريليون ليرة، أو 6٪ من الناتج المحلي الإجمالي، بحلول نهاية العام.
هذا وساهم الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في شباط/ فبراير الماضي، في اتساع الفجوة، وسيواصل الإنفاق المرتبط بالزلزال إجهاد الميزانية في السنوات العديدة المقبلة.
وركزت الحملة الانتخابية للمعارضة على أزمة غلاء المعيشة، وهي العامل الرئيسي وراء تراجع الدعم الشعبي لأردوغان.
وبلغ تضخم المستهلك 50.5٪ في آذار/ مارس بعد أن بلغ ذروته عند 85.5٪ في تشرين الأول/ أكتوبر، ولا يزال ارتفاع الأسعار هو الشكوى الرئيسية لمعظم الناخبين.
ومع تضخم أسعار المواد الغذائية حوالي 70٪، جعلت المعارضة من البصل رمزاً لفشل السياسات الاقتصادية للحكومة بعد أن تجاوز سعر السلعة الأساسية المتواضعة السقف في وقت سابق من هذا الشهر.
بالمقابل، ركز فريق أردوغان على النجاحات مثل اكتشاف الغاز قبالة ساحل تركيا على البحر الأسود وإنشاء بنية تحتية واسعة النطاق، بما في ذلك الجسور المعلقة والمطارات والطرق السريعة.
ووعد أردوغان الأسبوع الماضي بـ 25 متراً مكعباً من الغاز المجاني شهرياً للأسر على مدار عام .
في عروض أخرى تم جعل توقيتها تتزامن مع الانتخابات، طرح أول سيارة كهربائية في تركيا وأكبر سفينة عسكرية ودبابة جديدة للجيش. والحديث عن تسليم أول وقود نووي إلى أول محطة للطاقة النووية في تركيا، والتي تبنيها شركة روسية بالقرب من ساحل البحر الأبيض المتوسط.
وتشمل سياسات أردوغان دعم الدخل المباشر للفئات المحرومة، والإعفاءات الضريبية، وخطط إعادة جدولة الضرائب والغرامات غير المدفوعة، إلى جانب التنازل عن بعض الرسوم.
كل هذه الوعود تعتبر إعلان غير مباشر عن مدى حجم الأزمة التي يعاني منها البلد المقبل على انتخابات مصيرية.