الليرة التركية تنهار.. عمال المياومة في إدلب يعانون يوميتهم الثابتة
إدلب – نورث برس
لم ينفع اجتهاد، باسل الإبراهيم (31 عاماً)، وهو عامل زراعي في مدينة بنش شرقي إدلب، شمال غربي سوريا، في مهن وأعمال مختلفة، في تأمين دخل مستقر لاحتياجات أطفاله الخمسة، لأن استمرار انهيار الليرة التركية أمام الدولار الأميركي وسط غياب ضبط الأسواق، أحبط كل محاولاته وأذهب عناءه دون نتيجة.
وآخر ما لجأ إليه العامل هو العمل في الأراضي الزراعية، بقصد توفير بعض المال لتأمين مصاريف واحتياجات أسرته، لا سيما في ظل ارتفاع الأسعار بشكل كامل باستثناء أجور العمال.
وأمس السبت، سجلت الليرة التركية هبوطاً إلى مستوى تاريخي جديد، وذلك بعد أن وصل سعر صرفها إلى أكثر من 21.5 ليرة للدولار الأميركي الواحد، بحسب موقع “دوفيز” المختص بالليرة التركية.
وفي حزيران/يونيو العام 2020، أعلنت الفصائل المسيطرة على شمال غربي سوريا، استبدال الليرة السورية بالتركية، وتسعير البضائع بالليرة التركية، وذلك بعد الانهيارات التي شهدتها الليرة السورية حينها أمام الدولار الأميركي أيضاً، قبل أن تركب الليرة التركية موجة الانهيار.
وانعكس انهيار الليرة التركية سلباً على السكان في إدلب، خاصةً مع انتشار البطالة بشكلٍ كبير وقلة الأجور إذ لا يتجاوز راتب العامل في اليوم الدولار والنصف، إضافة للتوتر الأمني الذي تعيشه المنطقة منذ سنوات.
ويحصل “الحسين” على 35 ليرة تركية للفرد (ما يعادل 14 ألف ليرة سورية) لقاء عمله مع زوجته لخمس ساعات، “كانت تكفي، قبل شهر من الآن، للخبز وبعض مستلزمات المنزل الأساسية، بينما لا تكفي اليوم لشراء الخبز وكيلو واحد من أي نوع من أنواع الخضار التي يزيد سعر أرخصها عن 12 ليرة تركية”.
ويقدر الرجل احتياجات أسرته الأساسية للعيش، بما يعادل 100 ليرة تركية، أي (ثلاث أضعاف ما يتقاضاه)، “هذا إن استمريت في التخلي عن الكماليات مثل اللحوم والفواكه التي لم تدخل منزلي منذ مدة نظراً لارتفاع أسعارها التي نعرفها من خلال التسعيرة التي يضعها القصاب على واجهة محله أثناء ذهابنا إلى العمل، لأننا لا نستطيع حتى الدخول إلى محله لأن سعر الكيلو الواحد من لحم الخاروف بات يصل إلى 200 ليرة تركية (80 ألف ليرة سورية)”.
وقال سكان في إدلب، لنورث برس، إن” التجار يبيعون على أهوائهم دون وجود أي محاسب أو رقيب عليهم في ظل الفوضى التي تعانيها المنطقة”.
وقال إياد العمر (42 عاماً) وهو من سكان مدينة معرة مصرين شمالي إدلب، لنورث برس، إن أسعار الخضار والفواكه و اللحوم بكافة أنواعها شهدت ارتفاعاً “جنونياً”، فمثلا ارتفع سعر كيلو البندورة من 10 ليرات إلى 15 ليرة تركية.
وارتفع سعر كيلو التفاح من 10 ليرات تركية إلى 13 ليرة تركية، وكيلو الموز ارتفع إلى 22 ليرة تركية بدلاً من 18 ليرة، ولحوم الدجاج وصلت إلى 40 ليرة، ولحم الخروف “فبات حلماً بعد وصول سعر الكيلو إلى 200 ليرة تركية”.
وذكر “العمر” أن “كل تاجر وكل صاحب محل يبيع بالسعر بالذي يريده ويختلف سعر الصنف في محله في الساعة عدة مرات، بحجة انخفاض سعر صرف الليرة التركية”.
المحروقات تحلّق
العام الفائت، حددت شركة “وتد للبترول” المحتكرة لسوق المحروقات في شمال غربي سوريا والتابعة لهيئة تحرير الشام، أسعار المحروقات والغاز بالدولار الأميركي بدلاً من الليرة التركية.
يقول مبارك الشمالي (29 عاماً) وهو من نازحي ريف حماة، في سهل الروج غربي إدلب، لنورث برس، إن قرار استبدال أسعار المحروقات والغاز بالدولار الأميركي بدلاً من الليرة التركية كان “الضربة القاضية” بالنسبة لسكان إدلب.
إذ أنه وبحكم عمله في إحدى المعامل في مدينة إدلب يضطر يومياً لقطع مسافة 20 كيلو متراً على دراجته النارية، حيث زاد مصروف دراجته إذ كان يشتري الليتر بـ23 ليرة تركية، بينما كان قبل أيام بأقل من 21 ليرة، في حين أن راتبه في المعمل هو نفسه ولا يتجاوز الـ60 ليرة تركية في أحسن الظروف.
وعدم توفر القطع النقدية من الفئات الصغيرة للدولار في إدلب، يجبر سكاناً على دفع أسعار المحروقات بالليرة التركية وبسعر الصرف اليومي للدولار، “أي أن أسطوانة الغاز اليوم يصل سعرها إلى نحو 280 ليرة تركية (112 ألف ليرة سورية)، في حين أن سعرها كان قبل أيام 260 ليرة”، بحسب “الشمالي”.
وشدد على أن المستفيد من القرار الذي حدد سعر المحروقات بالدولار، “هم بالدرجة الأولى أصحاب محطات الوقود الذي يتحكمون بأسعار الصرف، والمستفيد الثانية هي حكومة الإنقاذ والشركات التابعة لها التي أوهمت السكان بأن القرار من صالحهم”.