السويداء.. المنحة الرئاسية بددت أحلام زيادة الرواتب للموظفين

السويداء ـ نورث برس

“هذه المنح إبر مخدر، تعطى كل بضعة أشهر للعاملين في الدولة للبقاء على قيد الحياة”، بهذه العبارة تصف سلمى نصار (37 عاماً) وهو (اسم مستعار) لموظفة من محافظة السويداء جنوبي سوريا، المنحة الرئاسية الأخيرة التي صدرت قبل العيد ولم تسلّم لجميع الموظفين بعد.

وتقول “نصار” لنورث برس: “إن منح الحكومة مهزلة بحق المواطنين وأصحاب الشهادات والكفاءات العالمية، فهي غالباً ما تكون مرتبطة بالأعياد، وكأن الحكومة تقول في الأعياد يحق لك أن تأكل فقط”.

في الطابور المصطف  أمام  الصراف الآلي لاستلام المنحة المالية ، التي بدأت تصرف  للعاملين في الدولة يكثر الهمس عن جدوى منحة لمرة واحدة فقط ، ثم تتعالى الأحاديث عن صعوبة الحياة ، ومعاناتهم كـموظفين.

وفي انتظار دورها لتأخذ 150ألف ليرة ، تقول  “نصار “: لا قيمة لهذه المنحة إذ لا تتعدى قيمتها الشرائية كيلو لحمة وأربع ليترات من الزيت”.

وبهذه المنحة سوف تسدُّ الموظفة، وهي أم لطفلين، بعضاً من ديونها المتراكمة، ولكنها لا تستطيع تأمين وجبة طعام أو أي شيء يسعد أطفالها.

وأصدر الرئيس السوري بشار الأسد، الـمرسوم التشريعي رقم 5 لعام 2023 الذي يقضي بصرف منحة مالية لمرة واحدة بمبلغ مقطوع قدره 150 ألف ليرة سورية.، معفاة من ضريبة دخل الرواتب والأجور وأي اقتطاعات أخرى.

وعقب ذلك أعلن  المصرف التجاري السوري عبر صفحته على “فيسبوك”  رفع حد عمليات السحب من الصرافات الآلية إلى 150 ألف ليرة بعد أن كانت 100ألف لكل عملية، وذلك لتحسين خدمة السحب النقدي وتخفيف العبء على المواطنين.

وبسخرية قالت “نصار”: “منحة!.. ورفع سقف السحب إلى 150 ألف!؟ كلها مهزلة وادعاءات بأن الحكومة تقدم شيئاً للشعب ، بينما معظمنا أصبح مهدداً بالموت جوعاً، وقسمٌ يعيش على حوالات من الخارج”.

وأشار أستاذ النقد والمصارف في جامعة دمشق الدكتور علي كنعان، في حديثه منذ أيام  لصحيفة “الوطن” شبه الرسمية، أن الحوالات الخارجية بمثابة مورد للقطع الأجنبي في الاقتصاد الداخلي، ولاسيما أن الاقتصاد السوري يعاني من تجفيف منابع السيولة من القطع الأجنبي نتيجة الحصار وقانون قيصر، والعقوبات التي فرضت على الاقتصاد.

وأضاف “كنعان” أن العمالة التي هاجرت خلال فترة الأزمة حصلت على مواقع معينة في الاقتصاديات العربية والأجنبية، وأصبح لديها مصدر دخل جيد وبالتالي يقوم هؤلاء العاملين بإرسال حوالات لذويهم في الداخل السوري، “وهو مورد لا يستهان به في الظروف الحالية لكون هذه المبالغ تجاوزت أرقاماً كبيرة، فهناك من يقدر مبالغ هذه الحوالات بين 5-7 ملايين دولار وحتى وصلت إلى 10 ملايين دولار في اليوم، بالتالي هذا الرقم سيؤمن للاقتصاد الوطني إمكانية تمويل المستوردات الأساسية”.

أحلام تتبدد

خلال سنوات الحرب اعتمدت الحكومة السورية على تقديم  المنح المالية للعاملين في الدولة سعياً لإظهار نفسها أنها تحاول إسعاد المواطن وتقديم ما يعرف بالعيدية في مواسم الأعياد، وأثارت هذه المكرمات الرئاسية الجدل في الشارع السوري، بين من اعتبرها شكلاً  مبتكراً لإذلال أصحاب الشهادات والكفاءات، بالالتفاف على حقوقه، وبين من يرى أن الهدف منها  تجنب الحكومة زيادة الرواتب التي أصبحت عاجزة عنها.

رامي الحلبي (45 عاماً) وهو (اسم مستعار) لمدرس في مدينة السويداء يقول لنورث برس،  إن أحلامهم في زيادة الراتب تبددت بعد المنحة، كلمة تصرف لمرة واحدة كفيلة بالإشارة إلى أن “لا زيادة مرتقبة للرواتب”، بحسب ما ذكر “الحلبي”.

ويرى أن الراتب والمنحة المالية “لا تكفي  لإعداد وجبة طعام، في حين أصبحت مؤسسات الدولة مستمرة بفضل عاملين يعملون من دون دخل(…) الشعب هو  من يصرف على الحكومة”.

إعداد: رزان زين الدين – تحرير: تيسير محمد