بعد تقييم الضرر.. الناجون من الزلزال في مناطق الإدارة الذاتية دون أي مساعدات

المقدمة

يشتكي سكان في شمال شرقي سوريا تضرروا من الزلزال، من عدم تقديم الإدارة الذاتية أي مساعدة لهم بالرغم من مرور أكثر من شهرين على الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في 6 شباط/فبراير بقوة 7.7 درجة على مقياس ريختر, والذي خلف أضراراً مادية وبشرية كبيرة فاقمت من الأزمات الإنسانية التي يعاني منها السوريون وعلى وجه الخصوص مناطق شمال شرقي البلاد, إذ يصعب إيصال المساعدات الأممية لها منذ 2020,  بعد إغلاق معبر تل كوجر “اليعربية” بفيتو روسي صيني في مجلس الأمن الدولي.

وبلغ عدد ضحايا الزلزال في سوريا، بحسب قسم الرصد والتوثيق في نورث برس, 12,731 شخصاً منهم 5315 حالة وفاة و7416 إصابة, بينما بلغ عدد المباني والمنازل المنهارة 1333 والمتضررة جزئياً 4,595 منها 1433 في مناطق الإدارة الذاتية بالإضافة إلى 7 مبانٍ منهارة ومنازل لم يتمكن القسم من التأكد من عددها.

تقييم الضرر دون جبره

“لم تقدم الإدارة الذاتية أي مساعدة لنا إلى الآن, أخلينا المنزل بعد أن قيّمت اللجنة المختصة وضع المنزل, لكننا عدنا إليه بعد أيام لأننا لم نجد مكاناً نذهب إليه أنا وعائلتي”، يقول أيمن المحمد (43 عاماً) وهو من متضرري الزلزال في مدينة منبج.

ويشير “المحمد” في حديثه إلى أن الإدارة الذاتية اكتفت بتقييم الأضرار التي أصابت منازل بعض سكان المدينة، كما أبلغت بعض المتضررين بضرورة إخلائها دون إيجاد أي حل إسعافي لهم.

وتبقى مخاوف انهيار المنزل عليهم، تلازم “المحمد” وعائلته بسبب التشققات والتصدعات الخطرة التي أحدثها الزلزال في منزله, لكن ما يجنيه من عمله، في محل للأدوات المنزلية، لا يساعده على استئجار منزل لغلاء الأجور، إذ يبتدأ الإيجار بما يقارب الـ50 دولاراً شهرياً.

ويطالب الأربعيني الإدارة الذاتية بإيجاد حلول مناسبة لأصحاب المباني المتضررة من الزلزال وعدم الاستهانة بوضع السكان.

بدوره يقول خالد الموسى (39 عاماً) وهو من سكان حي السرب شمال مدينة منبج، “تضرر منزلي بشكل كبير, لم يعد يصلح للعيش, منذ أشهر ونحن نقطن في منزل أحد الأقرباء”.

منذ الزلزال الأول في 6 شباط/فبراير خرج “الموسى” مع عائلته المكونة من أربعة أشخاص من منزلهم, وبحسب الثلاثيني، أنه بالرغم من مرور أشهر على الكارثة، “لم تقدم لهم الإدارة الذاتية أي مساعدة أو حتى وعود بحل مشاكلهم”.

ويشتكي “الموسى” من وضعه المأساوي المادي، الذي لا يساعده على ترميم المنزل, ويضيف: “ليس بحل أن نبقى في منازل الآخرين, على الإدارة الذاتية إيجاد حل حتى إن كان مؤقتاً، ربما يخصصون مخيماً لمتضرري الزلزال أو تقديم أي مساعدة مالية لهم من أجل  ترميم منازلهم والعودة إليها”.

وتعد مدينة منبج واحدة من أكثر مدن مناطق الإدارة الذاتية تضرراً من الزلزال بعد كوباني وحيي الشيخ مقصود والأشرفية ومنطقة الشهباء, حيث لجأ معظم سكانها القاطنين في مبانٍ مؤلفة من عدة طوابق إلى الخيم ومنهم من قصد أقاربه, ومن كان لديه القدرة المادية على ترميم منزله عاد.

وبحسب بلدية الشعب في منبج وريفها، تضرر ما يزيد عن 125 مبنى وأخلي ما يقارب 14 مبنى مهدد بالانهيار.

ولا يختلف الوضع بالنسبة لسكان كوباني، حيث لايزال يقطن الكثير خارج منازلهم أو استأجروا منازل, كما اضطر البعض لوضع خيمة إلى جانب منزله المتضرر, ولم يتلقوا هم أيضاً أي مساعدات لإنهاء هذه المعاناة خاصة أن المنطقة تعرضت بعد الزلزال لسيول فاقمت من سوء وضع المنازل المتضررة.

يقول أحمد باقي (50 عاماً) وهو من سكان حي الشهيد سرحد بمدينة كوباني، إن منزله المكون من ثلاث غرف تهدم بشكل كامل حيث تشققت جدرانه وانهارت أساساته. ويشير “باقي” إلى أن إحدى المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة وثقت أضرار منزله، ولكنها لم تعد مرة أخرى.

بينما لجنة تقييم سلامة المباني التابعة لهيئة الإدارة المحلية والبيئة كانت قد قررت إزالة منزل “باقي” بالكامل, “لكنهم هم أيضاً لم يعودوا مرة أخرى”.

ويشتكي الخمسيني من ارتفاع أسعار مواد البناء التي تباع بالدولار, وأكد عدم قدرته على إعادة بناء منزله, الذي يحتاج إلى هدم وإنشاء من جديد.

ويطالب “باقي” المنظمات المعنية والإدارة الذاتية بمساعدة متضرري الزلزال في تقديم مواد البناء لإعادة بناء منازلهم المتهدمة، لأن تكلفة إعادة البناء تفوق قدراتهم المادية.

بدوره أفاد خالد بدرخان (75 عاماً) أن منزل ولده في الطابق الثالث في الحي نفسه انهار بشكل كامل جراء الزلزال, بينا أخليت الطوابق الأخرى بسبب التصدعات.

وقال: “لم يهتم أحد لأمرنا أو يلقي السلام علينا”، في إشارة منه إلى أنه لم يقدم أحد المساعدة لهم أو يكترث لوضعهم, فولده فواز انتقل مع عائلته إلى منزله ويعيشون في غرفة واحدة.

وأوضح “بدرخان” أن الإدارة الذاتية لم تقدم لهم أي دعم ومساعدة حتى الآن رغم أن هناك لجنة قامت بتوثيق الأضرار في الحي.

أما أدهم عبدو علي وهو أب لستة أطفال من قرية خزينة بريف كوباني يقول:” تصدع منزلنا من الزلزال ولم نجد مكاناً نذهب إليه, طلبنا المساعدة لكن لم يهتم أحدٌ لأمرنا, فوضعنا خيمة في ساحة منزلنا المتضرر، ومنذ ذاك الحين نحن نعيش فيها بظروفٍ صعبة, ووضعنا المادي لا يساعدنا لنرمم المنزل, لذا نطالب المنظمات والإدارة الذاتية بتقييم وضعنا وتقديم المساعدة”.

بحسب غرفة المهندسين بكوباني تضرر في المدينة وريفها ما يزيد عن 250 مبنى منها 6 مهددة بالانهيار.

وأنشأت الإدارة الذاتية في مناطق سيطرتها، لجاناً للكشف عن المباني المتضررة من الزلزال, وأكدوا على وجود منازل وأجزاء متضررة من أخرى يجب إزالتها كونها تشكل خطراً على قاطنيها, إلا أن الإدارة لم تعمل على إزالتها، والمنازل التي تمت إزالتها وترميمها قام بها السكان.

وبحسب مكتب التخطيط والتنمية والإحصاء في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا, كان قد بلغت إحصائية الضرر التي تم الكشف عنها حتى نهاية شباط نحو 90 مدرسة، فيما تجاوز عدد المباني المتضررة 650 مبنى, وعمل المكتب على ترميم المدارس إلا أنه لم يذكر أي إجراء اتخذته من أجل المباني السكنية.

كما لم تقدم الأمم المتحدة أو الدول التي رعت مبادرة تقديم المساعدات لمتضرري الزلزال في سوريا, أي مساعدات إغاثية لسكان شمال شرقي البلاد المتضررين, والمساعدات الإغاثية التي دخلت للمنطقة هي فقط المقدمة من سكان إقليم كردستان العراق, وكانت أول قافلة تدخل من معبر تل كوجر “اليعربية” منذ إغلاقه عام 2020.

على الأمم المتحدة إعادة النظر في قرار إغلاق المنفذ الوحيد لمرور المساعدات الإنسانية لشمال شرقي سوريا التي تحوي على أكثر من 72 مخيماً نظامياً وعشوائياً للنازحين الفارين من مناطق سيطرة حكومة دمشق والمعارضة, بالإضافة إلى متضرري الزلزال الذين لم يقيم وضعهم ولم تقدم أي مساعدة لهم.