الغالبية مع مغادرة السوريين.. ملف النزوح والترحيل يشكل معضلة لبنانية

غرفة الأخبار – نورث برس

قفز ملف اللاجئين السوريين في لبنان الى الواجهة وأصبح محط اهتمام محلي ودولي، ولا سيما بعد عمليات ترحيل عدد منهم إبان قرار حكومي واتفاق  لإعادة 15 ألف لاجئ شهرياً وبشكل طوعي عام 2022، وسط رفض الأمم المتحدة التي تعرب عن قلقها من “عمليات غير آمنة” قد يواجهها العائدون إلى بلادهم.

وبعد القرارات التي اتخذها وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي أول أمس، بمنع التظاهرات التي كان سينفذها لاجئون سوريون وأخرى مناهضة لهم أمام مفوضية شؤون اللاجئين، عقد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اجتماعين لبحث الملف، خلص الأول إلى مقررات أبرزها إسقاط صفة النازح عن كل من يتوجه الى سوريا.

وقبل يومين قالت منظمة العفو الدولية إنه يجب على السلطات اللبنانية أن تكف فورأً عن ترحيل اللاجئين السوريين قسراً إلى بلادهم، وسط مخاوف من أن هؤلاء الأفراد مُعرضون لخطر “التعذيب أو الاضطهاد” على أيدي الحكومة السورية لدى عودتهم.

وفيما كان الاتفاق على إعادة 15 ألف لاجئ شهرياً، طوعياً ويعتمد على رغبة اللاجئين، فقد رحلّت السلطات مؤخراً إلى سوريا، العشرات ممن دخلوا البلاد بشكل غير نظامي أو يحملون بطاقات إقامة منتهية الصلاحية.

وأغلب المواقف الصادرة عن المسؤولين الكبار تشجع على ترحيل السوريين من لبنان البلد الذي يعاني بالفعل من أزمة اقتصادية وسياسية.

وتعكس الرغبة الحكومية مطالبات شعبية واسعة مناهضة لتواجد السوريين في البلد، باعتبارهم سبباً في تفاقم الأزمة الاقتصادية وقلة فرص العمل وفقاً لتعبيرهم.

لوم المجتمع الدولي

وأكد  وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية موريس سليم في حديث لتلفزيون “الجديد”، إن المجتمع الدولي لا يزال يضغط حتى الآن لبقاء النازحين السوريين، لأنه يعتبر أن الوقت لم يحن بعد للعودة، ولا يزال يصر على دمجهم في المجتمع اللبناني.

لكنه قال إن ما يطالبه المجتمع الدولي  “ليس من مصلحة لبنان ولا من مصلحة السوريين أنفسهم”.

وأشار الوزير إلى أن “نوايا المجتمع الدولي غير واضحة في هذا الملف”، مشدداً على أن “النازحين السوريين يتلقون من المجتمع  الدولي المساعدات بالدولار على الأراضي اللبنانية وهو ما أثاره مراراً  السؤال، ما الذي يمنع من إعطاء هذه المساعدات على الأراضي السورية حتى يعودوا الى بلادهم؟”.

وتحدث سليم عما سماه “ضغطاً على الاقتصاد اللبناني”، ويجب معالجة الأمور بالتواصل والبحث الجدي بين الحكومتين اللبنانية والسورية، بحسب قوله.

وتقرر في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع اللبناني قبل ثلاثة أيام، تنفيذ قرار من قبل الجيش والأجهزة الأمنية كافة، بحق المخالفين خصوصاً لجهة الداخلين بصورة غير شرعية وغير الحائزين على الوثائق الرسمية والقانونية.

ووجّه الاجتماع الطلب من الأجهزة الأمنية التشدد في ملاحقة المخالفين ومنع دخول السوريين بالطرق غير الشرعية.

وقال وزير الدفاع إنه “لا يجب أن ندفع الثمن، لقد سبق ودفعنا ثمناً غالياً لأجل أخوة لجأوا إلينا في ظروف صعبة جداً. اليوم عادت الأمور إلى طبيعتها في بلدهم نتمنى لهم العودة معززين مكرمين، وقد حان الوقت”.

وأكد رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع، تصريحه عن الشأن إنه “بات من الواجب والضرورة على المعنيين إعادة النظر بشكل جديّ بموضوع اللاجئين السوريين في لبنان، والإستفادة من التطورات الإقليمية للوصول إلى حل جذري في موضوع العودة”.

مسؤولية الحكومة

من جهته غرّد رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان عبر تويتر،  أنه منذ عام ٢٠١٩ ولليوم وفي ثلاث حكومات متعاقبة عملت مع الدولة السورية والمنظمات الدولية المعنية على تحقيق عودة آمنة وكريمة للنازحين، وجوبهت بكل أنواع الرفض والعرقلة من الداخل ومن المجتمع الدولي وجرى تسييس الملف وإدخاله في الزواريب اللبنانية، بحسب قوله.

وأضاف: “اليوم نشهد مزايدات من هنا وهناك وأصبح الجميع حريصون على تحقيق العودة، والتحريض على النازحين يتزايد”.

ودعا أرسلان إلى  التصرف “بمسؤولية ووطنية من دون ارتهان للخارج” مع منح الأولوية لمصلحة لبنان “قبل فوات الأوان”.

واعتبر رئيس “ندوة العمل الوطني” رفعت إبراهيم البدوي، أن مشكلة التواجد السوري في لبنان لم تعد مشكلة نزوح فقط، بل “باتت معضلة”، محملاً الحكومات اللبنانية المتعاقبة، مسؤولية إبقاء ملفهم من دون ضوابط جغرافية في لبنان، حتى بلغ عدد النازحين السوريين ما يوازي 40% من سكان لبنان.

وقال إن هذا “شكل تهديداً بتغيير ديموغرافية المجتمع اللبناني، بالإضافة إلى تحمل عبء إضافي فوق الأعباء، التي أنهكت الاقتصاد وعلى حساب معيشة اللبنانيين”.

لا وسيلة قبل حل الأزمة السياسية في لبنان

وربط البدوي نجاح عمليات الترحيل بالأزمة السياسية في لبنان، حيث  قال إن كل العلاجات لإعادتهم بشكل آمن هي محاولات “عقيمة”، أما الناجع هو بالتنسيق الكامل والتواصل المباشر مع الحكومة والجهات الرسمية في سوريا، وهذا الأمر لن يكون متوافراً إلا بانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وتشكيل حكومة جديدة.

وأعلنت ندوة العمل الوطني رفضها للممارسات “العنصرية” المتبعة في بعض المناطق ضد السوريين.

هذا وغرد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على تويتر، إن “النزوح السوري العشوائي كان مؤامرة واجهناها وحدنا وإخراجهم بالعنف مؤامرة سنواجهها.”

وشدد على أنه “مع العودة الآمنة وتطبيق القانون الدولي واللبناني بعودة كل نازح غير شرعي ومنع أي توطين.”

وقال إن الفرصة الإقليمية “سانحة لعودة لائقة”.

وفي تغريدة أخرى مثيرة قال عضو تكتل “لبنان القوي” النائب جورج عطاالله، “في مثل هذا اليوم من عام 2005 تم انسحاب حوالي 35 ألف عسكري سوري، ولكن هو اليوم نفسه الذي بلغ فيه عدد السوريين في لبنان مليونين ونصف”.

وأضاف بلهجته المحلية “من بين المليونين الـ 35 ألف يللي انسحبوا رجعوا مع عيالن. لازم ينسحبوا وبسرعة”.

إعداد وتحرير: هوزان زبير