مشروع اقتصادي للبيوت البلاستيكية بريادة النساء في شمال شرقي سوريا
القامشلي – نورث برس
داخل بيت بلاستيكي لشتول الخيار، تنهمك العاملة ناديا أحمد، التي تنحدر من قرية العطشان والتي تبعد بضعة كيلو مترات من مكان مشروع لزراعة الخضروات، في قطاف الخيار تمهيداً لتسويقه.
وتبدي الشابة العشرينية، التي تعمل مع شقيقتها ضمن المشروع، سعادتها لما فتحه هذا المشروع لهما من فرصة عمل في ظل الظروف المعيشية الصعبة.
وبينما تغطي وجهها بوشاح أبيض ورأسها بآخر أزرق، تضيف لنورث برس: “منحني المشروع زيادة في الخبرة بالزراعة. الحمد لله مرتاحين فيه”.
تم إنشاء مشروع “دمصال” في عام 2015، إذ يؤمن جزءاً كبيراً من حاجات الأسواق المحلية من الخضروات ولا سيما في فصل الشتاء.
ويعد المشروع تجربة فريدة هي الأولى من نوعها في شمال شرقي سوريا، من حيث تأمين حاجات الأسواق المحلية من الخضروات، فضلاً عن أن العاملين فيه هم من النساء، بحسب المشرفين عليه.
و”دمصال” هي كلمة كردية تعني فصول السنة أو “موسم”، وتشير لزراعة الخضروات وتأمينها طوال العام.
وعلى بعد أمتار قليلة من البيوت البلاستيكية، تنهمك العاملة فاطمة العلي من قرية كري مركي بريف بلدة تربه سبيه(القحطانية)، برفقة عدة عاملات أخريات في قطف الخيار.
وتقول “العلي”، التي ترتاد العمل يومياً كما مثيلاتها من الساعة السابعة صباحاً وحتى الرابعة مساءاً، لنورث برس، إن المشروع جيد بالنسبة لهن ويساعدهن على تحمل مصاريف المنزل.
ولعبت النساء دوراً بارزاً خلال سنوات الأزمة السورية في مناطق الإدارة الذاتية، على مختلف الأصعدة سواء عسكرياً أو سياسياً أو اجتماعياً، لتلفت أنظار العالم حول هذه التجربة الرائدة والناشئة في ريادة النساء لهذه المجالات.
أمام عشرات البيوت المتراصة تحت أشعة الشمس، تتحدث الشابة آهين حسين، المشرفة على المشروع لنورث برس، عن بداية الفكرة وتطويرها وتقول: “بدأنا بمساحة صغيرة من 2 دونم، لكن قمنا بتطوير المشروع إذ وصل حالياً إلى مساحة 24 دونماً للبيوت البلاستيكية، كما جلبنا مؤخراً برادات لحفظ الخضروات”.
وتزرع النساء ضمن المشروع أصنافاً مختلفة تتنوع بين (الخيار والبندورة والكوسا والباذنجان والفليفلة وغيرها).
وشهدت مناطق الجزيرة السورية خلال السنوات الأخيرة، تطوراً ملحوظاً في زراعة البيوت البلاستيكية وتوسعها ضمن مختلف المناطق، لتغطي نسبة كبيرة من حاجة الأسواق المحلية، بعدما كانت مقتصرة على مشاريع صغيرة.
وتقوم النساء في مشروع “دمصال” بتسويق منتجاتهن من خلال افتتحاهن لمحل داخل المشروع يقصده سكان المنطقة، بالإضافة إلى بيع الفائض في الأسواق ضمن المدن القريبة مثل القامشلي وتربه سبيه، وبأسعار منافسة لمثيلاتها القادمة من الداخل السوري، بحسب “حسين”.

وتضيف: “طموحاتنا كبيرة ونسعى لتوسيع المشروع في المستقبل القريب، لكننا بحاجة لدعم من الجهات المعنية في تأمين البذار على مدار العام والمستلزمات المتعلقة في الحفاظ على المزروعات”.
وفَّر مشروع “دمصال” الكثير من فرص العمل للنساء في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، وساهم في رفع إنتاج الخضروات في السوق المحلية.
ويتم دعم المشروع من قبل لجنة الاقتصاد في مؤتمر ستار في شمال شرقي سوريا، كغيره من المشاريع التي توفر العمل للنساء.
وفي مقرهن بالقامشلي، تقول كولي مراد، الناطقة باسم لجنة الاقتصاد، إن “هدف اللجنة هو إنشاء جمعيات زراعية لضم عدد أكبر من النساء وتوفير فرص عمل لهن وتأمين عيشة كريمة لهن ولعوائلهن”.
وأضافت لنورث برس: “أهمية المشروع تأتي من توفيره لفرص عمل للنساء وسد حاجة المنطقة من الخضروات على مدار العام”، ويتم العمل حالياً على إنشاء جمعية لتربية الدجاج بالقرب من مكان المشروع.
كما أشارت “مراد” أن هدفهم الحالي توسيع المشروع أكثر للوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي بكامل شمال شرقي سوريا، وإنشاء مشاريع مماثلة في كل منطقة.