لاجئون سوريون من كوباني يناشدون لإجلائهم من السودان
كوباني- نورث برس
يناشد سوريون عالقون في مدن سودانية، لإنقاذهم من مناطق الحرب الدائرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، بعد احتدام المعارك وارتفاع حدتها.
وتشهد السودان معارك شرسة بين الجيش والقوات شبه العسكرية “الدعم السريع”، في الشوارع منذ 15 نيسان/ أبريل، تاركين وراءهم دبابات متفحمة ومبانٍ مدمرة ومتاجر تعرضت للنهب والحرق، في أنحاء العاصمة التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة.
ودفع القتال “الدامي” المستمر منذ أكثر من أسبوع بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع عدداً من الحكومات إلى إجلاء مواطنيها جواً وبحراً وبراً.
وفي الوقت الذي تسارع الحكومات الأجنبية لإجلاء رعاياها من السودان، يقول سوريون إنهم يشعرون بأنهم تُركوا بمفردهم، لاسيما في ظل احتدام المعارك، وعدم جدية التحركات السورية الرسمية منها وغير الرسمية، ومن جميع الأطراف السورية.
يقول نهاد موسى وهو أحد المقيمين في السودان منذ عام، إن نحو 300 عائلة تنحدر أغلبها من كوباني؛ فرّت من العاصمة الخرطوم باتجاه المدن البعيدة عن العاصمة.
ويضيف أن بعض العائلات فرت نحو مدن “شندي وعطبرة ودنقلا” 250 إلى 500 كم شمال وشمال غربي العاصمة.
ويشير إلى أن عائلته رفقة 40 عائلة أخرى من مدينة كوباني فرت إلى مدن ” كسلا والقضارف وود مدني ورفاعة” التابعة لولاية الجزيرة 175 كم جنوب شرقي العاصمة الخرطوم.
كما أن أربع عائلات لازالت محاصرة في منازلها بالعاصمة الخرطوم، بالإضافة إلى أن بعض الكرد السوريين تعرضوا لسرقة سيارتهم، وتتعرض المصانع التي يمتلكونها للتفكيك والسرقة، وفقاً لـ “موسى”.
وأدى الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى مقتل المئات منذ 15 نيسان/ أبريل، وتحويل مناطق سكنية إلى ساحات حرب.
وامتدت موجة العنف إلى الأجانب، إذ تعرضت بعض السفارات لهجمات وجرى إطلاق النار على موكب دبلوماسي أميركي وأُصيب جندي فرنسي خلال مهمة إجلاء وقُتل مساعد الملحق الإداري في السفارة المصرية بالخرطوم، بينما كان يقود سيارته في طريقه إلى السفارة.
ووفق تقارير إعلامية، تعرض سوريون للضرب والاستهداف من قبل مجهولين، كما انتشرت ظاهرة السطو على المنازل والسرقات، حيت يعمل عناصر قوات “الدعم السريع” على استغلال المدنيين كدروع بشرية ما ينذر بوضع “كارثي”.
كذلك يقول “موسى” إن أغلب المعارك تدار في العاصمة الخرطوم، وتنذر بمشاكل أمنية في مناطق أخرى منها انتشار ظاهرة “التشليح والسرقة” من قبل ملثمين.
الأمر الذي يثير مخاوف الرجل، إذ أن أغلب أموال الكرد السوريين موجودة في البنوك، ولا يمكن سحبها حالياً.
يضيف، أن آلياتهم نفدت من المحروقات ويضطرون لشراء “تنكة البنزين 16 ليتر” بسعر يصل إلى ما يعادل 300 دولار بعد أن كان سعرها بنحو 13 دولاراً سابقاً.
وأغلب أبناء الجالية الكردية السورية يعملون في مهنة “الحفارات” أو يملكون مصانع “بواري” بلاستيكية وبيتونية وحديدية في العاصمة الخرطوم، واضطروا لبيع ممتلكاتهم بأسعار رخيصة بسبب الحرب.
ويناشد “موسى” الجهات المعنية من الأمم المتحدة والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، للعمل على إخراج عائلاتهم من بؤرة الصراع، باتجاه المطارات الدولية والموانئ البحرية مثل “بور سودان”، لافتاً إلى أن أغلب العائلات لن تتمكن من الصمود أكثر من 15 يوماً بسبب نفاد الأموال لديهم.
والسبت الفائت، أكّد بشر الشعار، القائم بأعمال السفارة السورية في السودان، في تصريح لوسائل إعلام حكومية، أنّ السفارة بدأت بإرسال توجيهات لكل المعنيين والوجهاء المعروفين في الجالية السورية في السودان للبدء بتسجيل أسماء السوريين ممن يرغبون بالإجلاء مبدئياً.
والأحد الفائت، وافقت وزارة الخارجية المصرية على طلب سفارتي سوريا في مصر والخرطوم، بدخول السوريين القادمين من الأراضي السودانية، واشترطت لدخولهم إلى أراضيها، وجود قوائم معدة مسبقاً من قبل السفارة السورية في الخرطوم.
وارتفع عدد الضحايا السوريين منذ بدء المعارك لأكثر من 11 شخصاً سورياً في قذائف ورصاص عشوائي، في الوقت الذي ينشدون تحركاً فعلياً لإخراجهم من السودان في ظل تردي الأوضاع الأمنية والمعيشية.
وارتفعت إيجارات المنازل من 150 دولاراً إلى نحو 1000 ألف دولار، كما أن العصابات الملثمة ترتدي لباساً مدنياً وتقوم بتشليح السكان، طبقاً لـ “موسى”.
من جهته قال عمر محمد، أن عائلته رفقة 267 عائلة تنحدر من كوباني، اتجهت نحو مدينة “عطبرة” شمال السودان.
وأضاف أن أغلب أبناء الجالية الكردية تعرضوا لنهب ممتلكاتهم، كما أنهم تركوا “حفارتهم” في أماكنها، وأنقذوا أرواحهم.
ولفت أنهم سيتوجهون إلى مطار “بورتسودان” في حال توفر إمكانية إجلائهم من قبل المنظمات الدولية.
وفي ظل عدم وجود تحركات سورية، تُرك السوريون ممن لا يمتلكون القدرة على المغادرة، يواجهون مصيراً مجهولاً، في بلد ينذر بإجلاء الدول الأوروبية وأمريكا لرعاياها منها بتردي أوضاعها إلى الأسوأ يوماً بعد يوم.