رغم وفرة الأمطار.. غلاء المواد يعكر صفو مزارعين أقصى شمال شرقي سوريا
القامشلي – نورث برس
يأمل علي بموسم وفير عقب تساقط الهطولات المطرية التي أنعشت مختلف المحاصيل الزراعية بعد عامين عجاف شهدتهما سوريا بشكل عام وشمال شرقي سوريا، والتي تعتبر سلة الغذاء السورية، بشكل خاص، جراء شح الأمطار.
ويقول علي المطيران (50 عاماً)، الذي ينحدر من بلدة تل كوجر (اليعربية) أقصى شمال شرقي سوريا، لنورث برس: “اعتمادنا بشكل رئيسي على الزراعة لأنه لا يوجد عمل بديل ولا سيما في هذا الوقت العصيب بسبب غلاء أسعار المواد وسوء الحالة المعيشية”.
وبعدما انتعش محصوله من القمح والشعير ضمن مساحة تقدر بأكثر من 150 دونماً، عمد “المطيران”، إلى زراعة 60 دونماً من القطن ضمن حقله القريب من منزله في منطقة العبودة بريف البلدة.
ورغم الانتعاش إلا أن المزارعين في منطقة تل كوجر ومن بينهم “المطيران” يشكون غياب دعم الإدارة الذاتية للمزارعين في ظل غلاء أسعار المحروقات والأسمدة والأدوية.
ويشير المزارع الخمسيني إلى أن تكلفة الزراعة “باتت باهظة”، ويقول: “كل شيء متوفر لكن هناك غلاء، مثلاً طن السماد بستة ملايين، فيما نواجه صعوبة في تأمين المحروقات”.
وهذا الغلاء، “يؤثر بشكل كبير على المزارعين لعدم توفر هذه المبالغ لدى الغالبية منهم ولا سيما بعد عامين من الجفاف”، بحسب “المطيران”.
وشهدت مناطق الجزيرة السورية التي تعد أغنى مناطق البلاد بالمحاصيل الاستراتيجية أبرزها القمح، أمطاراً غزيرة العام الحالي، بعدما شهدت السنوات الأخيرة تراجعاً في القطاع الزراعي، بسبب الانحباس المطري، مما شكل معاناة بالنسبة للسوريين في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة.
ويعتمد ما يربو عن 90 % من سكان منطقة تل كوجر شرقي القامشلي، على الزراعة كمصدر دخل للمعيشة في ظل غياب فرص عمل بديلة.
ويتجه أغلب المزارعين في منطقة تل كوجر إلى زراعة القمح والشعير والعدس والكمون، وشهد هذا العام طفرة في المساحات المزروعة بعد هطولات مطرية جيدة.
ويتوقع مراقبون، أن يحرك انتعاش المحاصيل الزراعية، “العجلة الاقتصادية الراكدة” في ظل انهيار قيمة الليرة السورية التي وصلت لأكثر من 7700 ليرة أمام الدولار الأمريكي الواحد.
إلا أن فرحة المزارعين في هذه المنطقة الريفية تقابلها خشية، أن لا تدر محاصيلهم عليهم الأرباح المأمولة نهاية الموسم، ما لم توضع أسعار تناسب حجم الإنفاق الذي قاموا بصرفه بسبب غلاء المواد.
وكما “مطيران”، يراقب المزارع حقي محمد، العمال وهو ينثرون بذور القطن في حقله، بعدما انتعشت محاصيله من القمح والعدس، وهو يعيش أمل موسم يعوضه خسائر تكبدها في العامين الفائتين.
ويشكو “محمد”، بينما يغطي رأسه بوشاح أبيض تحت أشعة الشمس، من غلاء المواد خاصة أن اعتماده الكلي في المعيشة على الزراعة.
ويقول لنورث برس: “لا يوجد أشغال في هذه المنطقة عدا الزراعة، وهي مصدر دخلنا الأساسي وفي حال لم يأتِ الموسم فلا حول ولا قوة إلا بالله”.
ويواجه المزارع كغيره من مزارعي المنطقة، صعوبات في الحصول على المحروقات والأسمدة بسبب غلاءها، “مما يؤثر على مصدر معيشتنا، ونأمل من الجهات المعنية النظر في هذه النقطة”.
وفي أحد الحقول المجاور له، يتفقد المزارع خاشع الدرويش في ريف تل كوجر، حقله المزروع بالقمح بعد الأمطار التي شهدتها المنطقة مؤخراً.
ويقول: “الأمطار كانت جيدة هذا العام لكنها لم تصل للمنسوب المقبول في مناطقنا مقارنة مع الجفاف الذي مرت به المنطقة، كما كان هناك ضعف في الدعم للمزارعين من ناحية المازوت والسماد”.
ويحمل المزارع العشريني، الإدارة الذاتية قلة الدعم للمزارعين خلال الموسم الزراعي الحالي، “ضعف الدعم ينهي الواقع الزراعي بالمنطقة، كون الغلاء سينهي مواسم القمح نظراً إلى أن اعتمادنا الأساسي على هذه المحاصيل، فالموسم الزراعي أوشك على الانتهاء”.
ويشير “الدرويش” إلى أن غياب المواسم الزراعية يعني “إفلاس المواطن”. إذ أن تدهور هذا القطاع يعني مشاكل اقتصادية لسكان المنطقة إذ يعتمد عليه كمصدر دخل لهم.