الغلاء وضعف الرقابة يزيد مواجع رواد سوق تجاري هام في شمال شرقي سوريا

كركي لكي – نورث برس

يتخيل علي، وهو في طريق عودته إلى المنزل، نظرات أطفاله وعائلته وهو خالي اليدين دون أن يكون قد اشترى أي حاجيات، بسبب الزيادات المستمرة في أسعار المواد والتي تزامنت مع اقتراب عيد الفطر.

ووسط سوق بلدة كركي لكي (معبدة) شرقي القامشلي، أحد الأسواق الهامة في المنطقة، يقول علي محمد، (56 عاماً)، “أتيت من القرية إلى هنا للتسوق، لكن الأسعار باهظة جداً”.

ولهذا السبب، سيضطر “محمد” للعودة إلى المنزل، “لكن دون شراء الحلويات لأطفالي مع حلول العيد، فجميع البضائع بالسوق تباع بالدولار”، وكل ما تمكن من شراءه هو ربطتان من الخبز بـ 4500 ليرة.

وبعد أن كان اعتمادهم على هذا السوق، يقول الرجل الخمسيني بحسرة لنورث برس، “حتى الفقير الآن لم يعد يستطع القدوم إليه”.

وينشغل السوريون بموجة الغلاء في أسعار السلع الغذائية التي تجتاح الأسواق وترتفع تدريجياً بفعل الانهيار المتلاحق في قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، ليزيد من مواجع شريحة كبيرة لا تستطيع تأمين الحاجيات المعيشة الأساسية.

وتعود أهمية هذا السوق الكبير في البلدة، إلى موقعه الهام، لقربه من بلدة رميلان الغنية بالنفط، وهو صلة ربط بين معبر سيمالكا الحدودي مع إقليم كردستان العراق، بالإضافة لاعتماد سكان عشرات القرى عليه.

ورغم أن غلاء الأسعار في سوريا لا يميز بين منطقة وأخرى، إلا أن سنوات الجفاف الفائتة وتدني قيمة الليرة رسم ملامح قلق في أعين سكان هذه المنطقة، من تدهور قدرتهم الشرائية لأكثر مما هي عليه.

ولتحسين الوضع المعيشي، أعلنت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، مطلع شهر نيسان / أبريل الجاري، رفع رواتب العاملين في مؤسساتها، إذ يبلغ أدنى راتب 520 ألف ليرة (أقل من 70 دولاراً).

إلا أن السيدة خالصة خلف، وهي من سكان بلدة كركي لكي، وتعمل موظفة في إحدى مؤسسات الإدارة، لا يكفيها راتبها، كغيرها من العائلات في المنطقة.

ولتوفر كافة المستلزمات فيه، كان السوق يعتبر مقصداً لكافة سكان المنطقة، لكن “الغلاء صعّب من القدرة الشرائية لشريحة واسعة ولا سيما في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة”، تقول “خلف”.

ورغم ارتفاع السلع، شهد سوق بلدة كركي لكي مع حلول عيد الفطر، اكتظاظاً بالسكان لشراء حاجياتهم من الألبسة والحلويات، ولكن سكاناً يطالبون الجهات المعنية، بتشديد الرقابة على الأسواق نظراً لارتفاع أسعارها الجنوني وفوضى السوق.

ويقول عمران أكرم وهو صاحب محل لمستحضرات التجميل في البلدة، إن الأسعار مرتفعة جراء ارتفاع الدولار الذي وصل لـ 7700 ليرة للدولار الواحد.

وأضاف: “سنوات الجفاف الفائتة كان له تأثير كبير على حركة البيع، لأن معظم السكان يعتمدون على الزراعة. وبات الآن معظم زبائننا هم من الموظفين لكن رواتبهم لم تعد تسد حاجتهم لمنتصف الشهر بسبب الغلاء”.

وشدد “أكرم” على أن إنعاش السوق أكثر “يتطلب الرقابة على المحلات والتجَّار، فهم الذين يتحكمون بالسوق، ويجب أن يكون هناك محاسبة”.

إعداد: دلسوز يوسف ـ تحرير: تيسير محمد