خمسة أعياد مضت.. نازحو مخيم عشوائي في الرقة يأملون العودة للديار

الرقة – نورث برس

لم تستطع عائشة حبس دموعها وهي تتكلم عن أمنياتها في هذا العيد الذي سيكون الخامس، وهي بعيدة عن أهلها وأقربائها، على أمل أن تعود إليهم في القريب المنظور.

تقول عائشة الأحمد (45عاماً)، نازحة في مخيم المقص 3كم جنوبي مدينة الرقة، إنها لم ترَّ أهلها منذ أن نزحت مع عائلتها وزوجها قبل خمس سنوات من دير الزور، حينها تركت قريتها، التي تغيرت كثيراً، على حد قولها.

ويقطن مخيم المقص 260 عائلة، غالبيتهم من ريف دير الزور، حيث تسيطر القوات الحكومية والفصائل الإيرانية الموالية لقوات دمشق.

أكثر ما تتمناه “الأحمد” في عيد الفطر هو رؤية أهلها وأقاربها، بعد أن فرقتهم ويلات الحرب ليعيش كلاً منهم في مكان بعيد عن الآخر، وحتى القريب بات يعجز عن العودة لمنزله، لأسباب أغلبها أمنية.

وفي مخيم المقص العشوائي جنوبي الرقة، لا تبرح أماني العودة إلى الديار، نفوس قاطنيه، في عيد الفطر الذي يعد الخامس لهم بعد النزوح.

رغم رغبة النازحين في العودة إلى ديارهم إلا أن مخاوفاً تجتاحهم على حياتهم وحياة أطفالهم، من الظروف الاقتصادية الصعبة في مناطقهم، وتضييق الفصائل الإيرانية على السكان هناك.

ويزيد النزوح معاناة “الأحمد” وعائلتها، فهي غير قادرة على تلبية متطلباتهم في العيد من ملابس ومستلزمات، كانوا قد اعتادوا على وجودها وتجهيزها، قبل سنوات خلت، لكن الظروف المعيشية في المخيم حالت دون ذلك.

ورغم أن الأعياد لها بهجة خاصة، إلا أنها غابت هذا العام عن نايف العلي (56عاماً) وهو أيضاً نازح من دير الزور في مخيم المقص العشوائي، حيث لم يلقَ وعائلته للعيد فرحة في مخيم النزوح بعيد عن بيتهم وديارهم.

إذ ليس لديه القدرة على شراء ملابس جديدة لأبنائه أو حتى شراء حلوى العيد، كما اعتاد في الأعياد السابقة بمدينته دير الزور، حيث بيته وبين أقاربه، وهذا ما لم يجده في المخيم في ظل الظروف المعيشية والإنسانية القاسية.

ويعاني نازحو المخيمات العشوائية ظروفاً صعبة، نتيجة انسحاب المنظمات الإنسانية، وتراجع الدعم، في وقت تطالب فيه الإدارة الذاتية بدعم النازحين.

وزادت قلة فرص العمل وانهيار قيمة الليرة السورية من معاناة النازحين، حيث ارتفعت الأسعار وفقدت غالبية العائلات السورية قدرتها الشرائية، بعد أن لامس الدولار حاجز الـ 8 آلاف ليرة للدولار الواحد.

ولعل أبرز ما يتمناه “العلي” مع اقتراب عيد الفطر، أن يعيش حياة كريمة مع عائلته بعيداً عن الفقر والعوز، وعن خيمة” تشبه كل شيء إلا المأوى، لا تقي من برد ولا من حر”، في وقت يبدو الخمسيني فاقداً أمله بالعودة إلى بيته، “لكن الأمنيات حق”.

يقول الرجل إن الفرق كبير بين قضاء العيد في المخيم، وبين ما كان عليه سابقاً في مدينته، بسبب صعوبة الظروف التي فرضها النزوح، والتي حرمتهم من كل شيء “لسنا في بيوتنا ومحرومين من كل شيء”.

وعلى عكس “العلي”، لا يزال لدى دله الحمدان (56عاماً)، وهي نازحة في مخيم المقص، أماني بالعودة إلى بيتها، رغم طول الفترة التي مضت منذ أن غادرته، والظروف التي تمنعه من ذلك.

“أن أعود إلى بيتي وأزرع الأشجار حوله هذا أقصى ما أتمناه، تعبنا من الغربة ونتمنى العودة إلى مدينتنا وقضاء أعيادنا هناك”، تقول الحمدان.

وتثقل ظروف النزوح والظروف الاقتصادية الصعبة والغلاء المستمر في الأسعار، كاهل الخمسينية، ولم تتمكن من شراء ملابس جديدة لأحفادها وأبنائها، ليشعروا بأن للعيد بهجة ويلبسون ما هو جديد.

بما أن الأمنيات حق، تتمنى أمينة الهادي (36عاماً)، وهي من نازحي ذات المخيم، أن تعود لديارها، لترتاح قليلاً و”تخلص من الشرشحة”.

حرمت الظروف الاقتصادية الصعبة، وارتفاع الأسعار، المرأة، والكثير من أقرانها من شراء ملابس العيد وحلوياته، وبات تأمينها أمنيات أيضاً. وتأمل “الهادي” أن تتمكن من العودة لمنزلها وترك الخيمة، ومعايدة أقاربها.

خمسة أعياد من شهر رمضان معلومات، والنازحون بعيدون عن ديارهم، يكابدون قساوة الحياة ومرارة النزوح. ترى كم من الأعياد سيبقى النزوح يلازمهم؟

إعداد: فاطمة خالد – تحرير: أحمد عثمان