الرقة.. مئات الهكتارات “غير صالحة” للزراعة بسبب “التسبخ”
الرقة – نورث برس
فشلت حلول خليل في إعادة استصلاح أرضه وزراعتها، بعد أن خرجت عن الخدمة منذ سنوات، وفي كل مرة يتكبد المزارع تكاليف في محاولة لإنبات محصول موسمي فيها، لكنه يفشل.
خليل العلي (45 عاماً)من سكان بلدة الكرامة 35كم شرقي الرقة، شمالي سوريا، يقول، إنه خسر ومزارعين في منطقته مساحات واسعة، نتيجة ارتفاع نسبة ملوحة التربة (التسبخ)، أو ما يعرف محلياً بـ “النزاز”.

وتسبب إهمال قنوات التصريف الزراعي منذ 8 سنوات بانسدادها، ما أدى لخروج عشرات الهكتارات عن الخدمة، شرقي الرقة، وأصبحت غير صالحة للزراعة، وسط شكاوى من المزارعين لضرورة تعزيل القنوات، إلا أن مطالبهم لم تلق أي رد.
يقول “العلي”، إن أرضه تضررت بشكل كبير بسبب انسداد إحدى قنوات التصريف التي تنفذ المياه إلى نهر الفرات، “أرضي أصبحت مستنقعاً، بسبب إهمال قناة التصريف الرئيسية”.
ويشتكي مزارعون في ريف الرقة الشرقي من انسداد مجاري المياه في الأراضي الزراعية ورجوعها لأراضيهم ما يتسبب بتملح التربة أو ظهور ما يسمى محلياً بالسبخة.
وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية في الرقة ما يقارب 400 ألف دونم، يروى 100 ألف منها بالآبار الارتوازية، بينما تبلغ المساحات المروية من قنوات الري والأنهار ما يقارب 300 ألف دونم، بحسب لجنة الزراعة والري في الرقة.
ويضيف “العلي”، إن حوالي 600 دونم من أراضيهم، لم تعد صالحة للزراعة، والمساحة مرشحة للزيادة في ظل عدم تنظيف وتعزيل القنوات الأرضية.
ويشير، إلى أنه “بالرغم من رفعنا لعدة كتب للجهات المعنية، إلا أنهم لم يستجيبوا، بحجة أن الآليات تعمل في مكان آخر، وأول كتاب رفعناه منذ 2019، لكن دون استجابة”.
وسبّب تجمع المياه، مشكلة إضافية لدى عبد الشواخ (38 عاماً) وهو من سكان بلدة الجديدات نحو 50كم شرقي الرقة، فالإضافة لخروج أرضه عن الخدمة، بات يعجز عن الوصول لمنزله بعد الأمطار.
يقول: “منزلي قريب من قناة تصريف المياه، ما سبب لدي عدة مشاكل منها صحية لأبنائي”.
ويشير إلى أنه بعد الأمطار يتشكل مستنقع أمام منزله، يصل عمق المياه فيه إلى متر ونصف، في حين يغمر أكثر من 300 دونم من الأراضي الزراعية.
ومن المشاكل التي سببها المستنقع للرجل، أن أحد أبنائه في الرابعة من عمره غرق فيه، بالإضافة لتسبب مياهه وما تجمعه من حشرات، بـ “الجرب والحساسية”.
وتسبب مشكلة المياه المتجمعة دماراً للأراضي الزراعية، لا سيما في ظل قابليتها لرفع الملوحة، إذ أن تربة سرير الفرات “جبسية”.

بينما يقول أحمد الحسين (30 عاماً) وهو من سكان بلدة الحمرات نحو 15 كم شرقي الرقة، إن أكثر من 1000 دنم، أصبحت غير صالحة للزراعة، بسبب انسداد قنوات التصريف.
ويحمّل المزارع وأقرانه، لجنة الزراعة والري مسؤولية الخسائر وخروج أراضيهم عن الخدمة، لعدم تنظيف “المصارف” منذ سنين.
ويعتمد غالبية سكان ريف الرقة الشرقي على الزراعة كمصدر أساسي للدخل، إلا أنها باتت تتراجع بسبب إهمالها من قبل الجهات القائمة عليها، واتخاذ قرارات، تضر بالمزارعين، وفق قول عدد منهم.
ويضيف “الحسين”، وهو والد لـ سبعة أطفال ويعيلهم من أرضه الزراعية، إن أراضيهم لم تعد صالحة للزراعة، بل أصبحت بقعة تخزن المياه التي تخلفها الأمطار والفيضانات.
ويحمل الرجل المسؤولية الأولى والأخيرة لخروج الأراضي الزراعية عن الخدمة، للمؤسسات المعنية بالزراعة وتعزيل قنوات التصريف، “إذ أن المشكلة قائمة منذ سنوات دون تقديم حلول، أو العمل على التعزيل، والأمر سيتفاقم والتسبخ سيتمدد”.