سطوة أسواق الهال الأزلية في سوريا.. تأكل المنتج والمستهلك
دمشق ـ نورث برس
ينتهي تعب المنتجين في أسواق الهال، التي تتحكم في الأسعار، وتستحوذ على الحصة الأكبر من أتعاب المنتجين.
يقول صاحب محل في سوق الهال بدمشق، لنورث برس، إن “نصف أموال سوريا تتواجد في سوق الهال، ومع نهاية كل يوم يتم قلب تلك الأموال من الليرات السورية إلى دولارات. خاصة أكداس الليرات التي يجمعها كبار التجار في سوق الزبلطاني بدمشق.
الآمر الناهي
ينطبق هذا الكلام على أسواق الهال في مختلف المحافظات، فلطالما عادت السيارات محملة ببضائعها إلى أصحابها لأنها لم تجد من يشتريها.
ويحدث هذا بشكل دائم مع السيارات المحملة حمضيات في ذروة المواسم مثلاً، عندما يغلق العراق أبوابه في وجه الإنتاج السوري، لأنه المنفذ شبه الوحيد لتصدير الحمضيات. عندها يصبح سوق الهال يتحكم برقاب المنتجين من حيث الموافقة على شراء المنتجات من المزارعين أو إعادتها لهم بسبب العرض الكبير منها.
سيطرة وظلم
تحدد الأسعار هنا تبعاً للمعروض من المادة، وليس لتكاليفها أي دور في تسعيرتها، وما على المنتجين سوى الرضوخ لإذلال منتجاتهم أمام أعينهم.
سطوة سوق الهال ليست جديدة، فمنذ عقود “والبازارات” تتحكم بتسعير وإنتاج سوريا ولم يتم إيجاد بديل لقوانين الاستغلال التي تحكم عمل هذا السوق، وكيفية استغلال المنتجين. وهذا ما دفع البعض للسخرية بالقول إن “مؤشر سوق الهال في الزبلطاني بدمشق وبقية المحافظات أهم بكثير من مؤشرا داو جونز ونيكي الأمريكيان”.
بريئون
يسوق تجار في سوق الهال للإعلام عن دور التموين في التسعير، ويؤكدون أن التسعير ليس من السوق، بينما يتم من خلال نشرات وزارة التجارة الداخلية.
يضيف عضو في لجنة سوق الهال بدمشق، لنورث برس، أنهم لا يُسعِّرون، ويعتمدون على النشرات الواردة من التموين، وأن هذه النشرات تحدد الأسعار ابتداء من تاجر الجملة، إلى تاجر الكيلو مع تحديد هامش الربح في النشرة.
ويقول إن التموين تسعر من خلال الجولات التي تقوم بها لجان تموينية على السوق بشكل دائم، وأنها تضع التسعيرة بناء على واقع السوق.
وعن رأي المنتج علاء صالح، بدور التموين في التسعير، ومدى نفوذهم في إدارة سوق الهال قال صالح، صاحب بيوت بلاستيكية بالساحل ساخراً، إن أهم ما يمكن أن تنجزه هذه الوزارة برمتها هو أن “تكف يدها عن التدخل في الأسواق، لأنها تزيد من التكاليف والأعباء على السلع”.
وأضاف: “كان الأولى بالوزارة أن تحل مشكلة العبوة التي تمثل حلقة من حلقات الظلم التي يتعرض لها المنتج منذ عقود، وظلت دون حل رغم الارتفاع الكبير في سعر العبوة”.
إذ أن المنتج يشتري الأقفاص أو الصناديق، على حسابه دون أن يتم احتسابها عند الشراء منه، ثم يتم بيعها مرة ثانية له ضمن آلية عمل تضاعف من استغلال وسطوة سوق الهال على تسويق الإنتاج في سوريا.
يشترون من الأسواق
أضاف “صالح” أن مؤسسات التدخل الإيجابي التابعة لوزارة التموين لم تكسر القاعدة، إذ أنه عوضاً عن العمل على كسر سطوة سوق الهال واستجرار المنتجات من المزارعين لبيعها في الصالات يذهبون إلى أسواق الهال يملؤون سياراتهم منه، ويبيعونها غالباً بأسعار أعلى من سعر السوق.
مصدر في وزارة التموين، يرى أن دور الوزارة أساسي، وأنهم يعتمدون في التسعير على حركة العرض والطلب.
وفيما إذا كانت حركة العرض والطلب التي تحكم عمل الأسواق تحتاج إلى تدخل الوزارة، قال المصدر، إنه “لولا متابعة الوزارة كانت الأسعار أعلى!”.
وأنهم يأخذون في الحسبان عند التسعير وضع كل محافظة فيما إذا كانت منتجة أو مستهلكة، ليكون سعر المادة أقل في المحافظات المنتجة، وأعلى في المحافظات المستهلكة، نتيجة إضافة تكاليف النقل.
ولكن من يتابع الأسعار يكتشف أن سعر كيلو البندورة في الساحل المنتج لهذه المادة يساوي سعره في دمشق، بشكل يثبت كل يوم، أن دور التموين يشبه دور الحواجز الذي تحول إلى حلقات تتسبب في رفع الأسعار التي أنهكت المواطن.
يرفعون التكاليف
وأشار صاحب محل خضار في ريف دمشق إلى أنه لا يستطيع البيع ضمن تسعيرة التموين، لأنه سيحسب تكاليفه المنظورة وغير المنظورة ويضيفها للكيلو، وأن ما يدفعه لموظف التموين لإرضائه لكي لا يكتب ضبط مخالفة فيه لعدم التزامه بتسعيرة وزارته يصبح من بين التكاليف غير المنظورة.