“لا العين تاكل ولا التم يشبع”.. جمعيات خيرية وعوائل بلا موائد إفطار بريف ديرالزور
دير الزور – نورث برس
ذهب عارف للتسجيل في إحدى الجمعيات الخيرية التي توزع إعانات خلال شهر رمضان، في ظل عدم قدرة الرجل على مجاراة الأسعار المرتفعة، والتي لا يغطيها من يجنيها من مال، لكنه لم ينجح.
عارف السلمان، نازح من مدينة دير الزور، ويقيم في هجين بريف دير الزور الشرقي، دفعه قلة مدخوله إلى التفكير بالتسجيل في إحدى الجمعيات الخيرية في منطقته، ويعمل الرجل ببيع الخضار على عربة صغيرة في السوق، ” ما أجنيه لا يكفي لدفع إيجار المنزل وتسديد الكهرباء”.
أمِل “السلمان” أن يستطيع تأمين وجبة الإفطار لعائلته، لكنه فوجئ بالرفض، إذ أخبره أحد المسؤولين عن تلك الجمعية، أنهم “لم يتلقوا الدعم الكافي هذا العام من المساهمين”، ليقتصر التوزيع لعوائل مسجلة من قبل، “لا نستطيع زيادة أي اسم، وفي حال توفر الدعم سنساعدك”، طبقاً لما ذكر.
ورغم كثرة الجمعيات الخيرية في ريف دير الزور الشرقي، لاتزال عوائل كثيرة بلا مائدة إفطار والكثير بمائدة بسيطة، لا تسد رمق الجوع في شهر رمضان المبارك، وتكثر تلك الجمعيات عادة في شهر رمضان المبارك، لدعم العوائل الفقيرة وتقديم الدعم المادي من طعام وشراب ومستلزمات المنزل الأساسية.

ويؤكد “السلمان”، أنه منذ بداية شهر رمضان تقتصر وجبة الإفطار لديه، على “بواقي” الخضار التي يعمل بها، والتي غالباً ما تكون تالفة أو أصابها العفن، ولا تصلح للأكل، لكنه مجبراً على ذلك في ظل قلة مردوده وعدم توفر فرص العمل.
وأفقد تدهور الليرة السورية الكثير من سكان شمال وشرق سوريا، قدرتهم الشرائية، لا سيما أن غالبيتهم يعمل بالليرة السورية، والتي لا تزال تواصل انهيارها أمام العملات الأجنبية، حيث وصل الدولار الأميركي إلى 7550ليرة، وفق موقع الليرة السورية.
وعن آلية عمل الجمعيات، يوضح محمد العواد، وهو أحد المساهمين والمشرفين على حملة “كن عوناً” لإفطار صائم في مدينة هجين، أن الحملة تعتمد على مساهمات نقدية من أبناء البلدة المغتربين والموجودين في الداخل من ميسوري الحال.
ويضيف، “نعمل في الأيام العادية على تقديم ماء الشرب والخبز بالمجان للعوائل الفقيرة، ودعم مادي للمرضى ومن هم بحاجة عمل جراحي من الفقراء، لكن في شهر رمضان يقتصر عملنا في تأمين سلل غذائية للعوائل الأشد فقراً، ويقتصر عدد السلل الغذائية على الدعم المقدم للحملة.
ومنذ بداية شهر رمضان وزعت الحملة 235 سلة غذائية، على العوائل الأشد فقراً، بإجمالي تبرعات لنحو 5200دولار أميركي، وفقاً لـ “العواد”.
ويشير، إلى وجود 4 جمعيات خيرية أخرى في هجين، “لكن رغم ذلك وللأسف، هناك عشرات العوائل دون دعم وخاصة في ظل الغلاء الفاحش الذي تشهده الأسواق”.
ويتسم شهر رمضان عادة في مناطق ريف دير الزور الشرقي بالموائد الكبيرة واجتماع الأسر وتبادل أطباق الطعام ما بين الأقارب والجيران.
لكن تهاوي الليرة السورية أمام الدولار الأميركي، وضعف القدرة الشرائية لدى السكان، نسف الكثير من عادات وتقاليد سكان المنطقة في شهر رمضان، بعد تردي الأوضاع الاقتصادية للسكان، لدرجة أن عوائل باتت تعتمد على الصدقات والجمعيات الخيرية، في تأمين وجبات طعام.
يقول رمضان الأحمد، وهو من سكان هجين، ومشرف جمعية الأيادي البيضاء، إن جمعيته تأسست في 2018، في فترة نزوح سكان هجين هرباً من الحرب، وكانت تغطي نحو 500 عائلة، من سلل غذائية ووجبات إفطار على مدار خمس سنوات.
لكن، “الأحمد” توقف عن العمل هذا العام، ولم يستطيعوا تقديم الدعم للعوائل الفقيرة، بسبب عدم توفر الدعم المادي للجمعية والذي كان يقدم من أموال المغتربين في دول الخليج.
ويضيف، “لاحظنا من خلال عملنا في السنوات السابقة، زيادة عدد الجمعيات الخيرية في المنطقة هذا العام، ولكن رغم ذلك توجد مئات العوائل الفقيرة التي لم تطرق بابها الجمعيات إلى الآن”.
وهذا العام، توجد 32 جمعية خيرية وحملات لدعم العوائل الفقيرة، في المناطق الممتدة من بلدة الباغوز إلى بلدة البصيرة شرقي دير الزور، جميعها ممولة من أبناء البلدات ذاتها وتعمل كلاً منها في بلدة معينة.