الثلاث تراقب الرباعي بحسابات مختلفة – تقرير تحليلي

الحسكة – نورث برس

تراقب القوى الرئيسية الثلاث في سوريا، اللقاء الرباعي المرتقب في العاصمة الروسية موسكو، بحسابات مختلفة، حيث أن اللقاء سيكسر جدار الجليد بين دمشق وأنقرة بعد أكثر من عقد من القطيعة بين الجارتين.

اللقاء الذي سيضم نواب وزراء خارجية موسكو، طهران، أنقرة ودمشق، هو الأول من نوعه بعد حديث طويل عن تطبيع تركيا مع الأسد.

موسكو الباردة والمشغولة بنار الحرب في أوكرانيا، لا تريد الابتعاد عن الميدان السوري لتحتضن اللقاء الذي سيؤثر على الساحة السورية وكذلك التركية، حيث تستعد الأخيرة لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية قد تزعج الرئيس الحالي، رجب طيب أردوغان، ليرى في التطبيع وسيلة لجذب أصوات الناخبين الأتراك.

دمشق تحضر اللقاء كمنتصر، فطلب اللقاء والتطبيع لم يصدر عن الأسد أو أي مسؤول سوري آخر، بل من الجارة تركيا التي تحتضن وتدير أغلب القوى المعارضة للأسد ولحكمه وتملك أنقرة نفوذاً قوياً في مناطق شمال غربي البلاد التي لا تزال الأعلام التركية ورموز المعارضة مرفوعة فيها.

رغم قلة التصريحات والتعليقات الرسمية من دمشق حول اللقاء، لكن يمكن التكهن بمطلبها، وهو انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية قبل الحديث عن أي مفاوضات بين الطرفين، حيث تصف دمشق أنقرة كـ”قوة احتلال” وهو الطلب الذي لا تود الجارة تركيا سماعه، على الأقل ليس في الوقت الحالي.

فالتنازل عن ورقة التواجد ضمن الأراضي السورية تعني نكسة أخرى للرئيس أردوغان، التي تقول استطلاعات الرأي إن حكمه لم يعد يعجب الناخبين الأتراك بعد عقدين من استلام حزب العدالة والتنمية لدفة الحكم في البلاد.

كما أن الشرط السوري هو من أًخًّر انعقاد اللقاء الرباعي الذي بات محط اهتمام منذ مطلع العام الجاري.

الإدارة الذاتية هي الغائبة الحاضرة، ولا تواجد لها أو لحلفائها على طاولة اللقاء، لكن الحديث سيكثر عنها، حيث أن الجانب التركي والذي يصفها بـ”الإرهاب” سيركز على ضرورة محاربتها، وفي الجانب الآخر دمشق قلقة من حكمها لشمال شرقي البلاد وإدارتها للثروات النفطية.

رغم مخاوف الإدارة من اتفاق تركي – سوري ضدها، لكنها تعتقد أن التوافق بين دمشق وأنقرة سيكون صعباً، فلطرفان حسابات وأجندة مختلفة وتستبعد الإدارة توافقاً بينهما لكثرة الملفات العالقة والشائكة والتي يتطلب التوافق حلها أولاً.

لكن هاجس التواجد الكردي كقوة مسيطرة وتدير مساحات واسعة على الحدود الجنوبية لتركيا تزعج أنقرة، وتقول التجربة السورية إنها مستعدة لتقديم التنازلات في سبيل إعلان الحرب ضد الإدارة الذاتية فتركيا سحبت تشكيلات المعارضة المسلحة من ريف دمشق مقابل سيطرتها على عفرين.

الحلقة الأضعف من القوى الثلاث هي تشكيلات المعارضة الموالية لتركيا، والتي تحتمي اليوم في آخر جيوب سيطرتها بالشمال الغربي من البلاد، ويعتريها الخوف من مساومة تركية عليها في سبيل التقرب من الأسد.

ومشاهد الاعتصامات والاحتجاجات العامة الرافضة للتطبيع التركي – السوري لم يمضِ الكثير من الوقت لنسيانها، لكن المواقف الرسمية وحتى غير الرسمية للتشكيلات السياسية المتحكمة بمصير آخر مناطق المعارضة لم ترتقِ لتلك المظاهرات وهي التي تتجنب اليوم التعليق على اللقاء الرباعي ربما خشيةً وربما طواعيةً.

ساعة الرمل تقترب من نهايتها لينعقد اللقاء الرباعي غداً، ويبدأ ميزان الربح والخسارة بالعمل لكن بلا شك فإن حسابات ما بعد اللقاء لن تكون كما قبله.

إعداد وتحرير: هوشنك حسن