تمثل الضربات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة ضد الوكلاء الإيرانيين في سوريا محاولة منها لردع هجمات جديدة، وقد شنت الميليشيات الموالية لإيران هجمات خلال السنوات العديدة الماضية وأدت إلى إصابات وقتلى من الجنود والمتعاقدين الأمريكان الأمر الذي دفع بالولايات المتحدة للرد على الهجمات من خلال شن ضربات جوية.
تأتي هذه الضربات الجوية بعد مقتل متعهد أمريكي وإصابة خمسة من جنود الخدمة الأمريكية في هجوم يعتقد أنه تم شنه من قبل ميليشيات مدعومة من إيران في شرقي سوريا. وتأتي هذه الهجمات بعد زيارة الجنرال الأمريكي البارز مارك ميلي إلى شمال شرقي سوريا.
وسعت إيران في السنوات العديدة الماضية إلى استهداف القوات الأمريكية في العراق، وهي تستهدفها الآن وبشكل متزايد في سوريا. ويعود السبب حول تزايد الهجمات في سوريا إلى ضعف مهام الولايات المتحدة في سوريا حسب اعتقادها.
وسعت إدارة بايدن إلى ردع الهجمات ضد القوات الأمريكية بتنفيذ ضربات جوية انتقامية في حال تعرض الأفراد أو المتعهدون للإصابات. وتم تبني هذه السياسة في عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب في عام 2019.
وفي عام 2019، زاد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، وشنت الميليشيات الموالية لإيران في العراق العديد من الهجمات على المنشآت هناك حيث تتواجد القوات الأمريكية والمتعاقدون معها.
وأدى مقتل متعهد في كانون الأول/ديسمبر 2019 إلى زيادة التوتر، الأمر الذي انتهى بالولايات المتحدة لاستهداف قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وزعيم الميليشيا العراقية أبو مهدي المهندس في كانون الثاني/يناير 2020.
تهديدات إيران المتواصلة
وزادت تهديدات الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا خلال العامين الماضيين والتي شملت هجمات بالطائرات المسيرة التي تعتبر سلاحها المفضل. وتقوم إيران منذ عام 2018 بتهديد إسرائيل باستخدام الطائرات المسيرة، كما قامت بتصدير طائرات كاميكاز إلى روسيا. وهذا يعني أن هجمات إيران ضد القوات الأمريكية جزء من استراتيجية إقليمية وعالمية أوسع. وسعت إيران أيضاً لإصلاح العلاقات مع السعودية ودول الخليج الأخرى. وتهدف إيران إلى عزل القوات الأمريكية المتواجدة في سوريا لدعم العمليات ضد “داعش”. وبدأ الوجود الأمريكي في سوريا في عام 2015، وعلى الرغم من أنه يهدف رسمياً إلى محاربة “داعش”، فإنه يستخدم أيضاً كوسيلة لبسط نفوذ الولايات المتحدة.
ويساعد النفوذ الأمريكي على إحداث توازن فيما يتعلق بتهديدات إيران. ولهذا السبب، تريد إيران استخدام هذه الهجمات لمضايقة الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن الميليشيات تستخدم الصواريخ والطائرات المسيرة وغالباً ما تكون غير فعالة في هجماتها، فإن الولايات المتحدة ترد عند وقوع خسائر بشرية. ويبدو أن إيران تأمر ميليشياتها بمهاجمة القوات الأمريكية كل شهر أو كل شهرين لاختبار مدى صبر الولايات المتحدة. وكل عام يتعرض مقاولون أمريكيون للقتل أو الإصابة، كالهجمات التي نفذتها في آب/أغسطس 2022 وآذار/مارس 2021 وأيضاً في عامي 2019 و 2020.
وتتمركز الهجمات حالياً على القوات الأمريكية في سوريا بشكل أساسي. ومع تطبيع النظام السوري العلاقات مع دول في المنطقة، بما في ذلك شركاء الولايات المتحدة في الخليج، قد تتعرض الولايات المتحدة لضغوطات في سوريا، وربما تشعر إيران بوجود فرصة لانتهازها. وهذا يعني أيضاً أن إيران قد تشعر بتوفر فرصة لتتحرك ضد إسرائيل خلال شهر رمضان لزيادة التوتر في سوريا. فإسرائيل تعارض التمركز الإيراني في سوريا ولكن كما يشير استهداف القوات الأمريكية، فإن إيران لن تتوقف عن حملتها الضاغطة وستختبر استجابة الولايات المتحدة.
المقال كتبه سيث فرانتزمان لصحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية وترجمته نورث برس