ما الذي يعد في المطبخ السوري الإماراتي؟.. وهل يقتصر الأمر على المساعدات الإنسانية؟

غرفة الأخبار ـ نورث برس

لم يتوقف الدور الإماراتي في الأزمة السورية منذ اندلاعها عام 2011، لكنه كان يتبدل حسب الظروف وموازين القوى. حتى استقر منذ سنوات في دعمه المعلن للقيادة السورية، وسعيه لحشد دول عربية في ذلك المسار. ومؤخراً بدأت العلاقات تتطور بسرعة لافتة، وكانت كارثة الزلزال الذي ضرب أجزاء من سوريا وتركيا، مؤشراً يحمل أكثر من دلالة. فما الذي يجري على محور دمشق وأبو ظبي؟ وهل نشهد بداية تحول في الأزمة السورية؟

حول الزيارات المتبادلة بين الإمارات وسوريا ودلالاتها، يقول المحلل السياسي سيمون الرمحين (اسم مستعار)، لنورث برس، إنه كان من المؤشرات المهمة وذات الدلالة، أن تكون الإمارات أول دولة عربية يزورها الرئيس السوري بشار الأسد، (آذار 2022)، وقبل تلك الزيارة، كان وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، هو أول مسؤول عربي رفيع يزور دمشق منذ القطيعة العربية التي قادت إلى إغلاق السفارات العربية في سوريا.

موافقة حليفتها

أضاف “الرمحين” أن الزيارات كانت “مؤشراً قوياً على بداية اعتراف عربي بنظام دمشق”، وإن بقيت السعودية بعيدة عن ذلك المسار، ويعتقد أنها تركت لحليفتها أن تقوم بذلك الدور في انتظار نتائجه، فطوال الأزمة السورية شكلت الإمارات والسعودية محوراً، يعمل في مسارات متباينة عن المحور القطري التركي في سوريا.

وأشار المحلل السياسي إلى تزايد الزيارات بين وفود البلدين، وكان أبرزها مؤخراً زيارة الأسد إلى الإمارات، التي تأتي هذه المرة تزامناً مع الإعلان عن عودة العلاقات السعودية الإيرانية، وأيضاً عن إعادة العلاقات بين الرياض ودمشق.

وقال “الرمحين” إنه بدا واضحاً أن الإمارات تحتفي بالأسد أكثر مما فعلت خلال زيارته السابقة إليها، فقد وصل الرئيس السوري إلى أبو ظبي، واستقبل بحفاوة واضحة في رسالة تقول إن “الإمارات تستقبل زعيماً ورئيساً تربطها به علاقات وطيدة، طوت الخلافات التي أعقبت الأزمة السورية عام 2011، حين كانت الإمارات تعلن موقفاً معارضاً للأسد، وداعماً للمعارضة، وحتى المسلحة منها كالجيش الحر”.

رهن التطورات

ويبقى السؤال عن نتائج تلك الزيارات وما إذا كانت ستثمر في الواقع، رهن التطورات القادمة، إلا أن المؤشرات تقول إن أبو ظبي ومن خلفها السعودية، “تستثمر علاقاتها الجيدة بجميع أطراف الأزمة السورية في محاولة لبلورة حل يبدأ بإعادة سوريا إلى الجامعة العربية، وهو ما قد يكون شبه محسوم، خاصة بعد استعادة العلاقات بالرياض”، حسب رأي “الرمحين”.

وأضاف أن الوساطة الإماراتية لن تقتصر على حل كذاك، “فكل حل أمام النظام السوري سيكون رهناً بتنازلات يقدمها، وتحديداً فيما يتعلق بالدور الإيراني في سوريا، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام أي حل في سوريا، إذ إنه ورغم التقارب السعودي الإيراني، ستبقى الولايات المتحدة، لا تريد أي دور لإيران في سوريا”.

وفيما إذا كانت المساعدات الإماراتية لسوريا نوعاً من الالتفاف على العقوبات الأميركية (بموجب قانون قيصر)، قال إعلامي مختص في الشؤون السياسية لنورث برس، إنه لا يعتقد ذلك، “لأن الإمارات ليست في موقع من يريد أن يعارض السياسات الأميركية في المنطقة”.

كما أن تلك المساعدات ومهما بلغ حجمها ستبقى دون ما تحتاجه سوريا من متطلبات نهوض، واستمرار، في واقع تجاوز فيه الفقر كل حدود، ووصلت البلاد إلى مرحلة تفتقر فيها لكل شيء.

ويعتقد المصدر أن تلك المساعدات لا تتعدى أن تكون بوادر “حسن نية” من الإمارات، كما أنها تحمل رسائل تقول إنها “مؤشرات على دعم سخي من الدول العربية، والخليجية تحديداً، لسوريا إن اختارت أن تكون في الحضن العربي، وهي عبارة لا تعني بالنسبة للدول العربية الفاعلة سوى الابتعاد عن إيران”.

بوابة جامعة الدول

ويرى دبلوماسي سابق أن تكثيف الاتصالات والزيارات بين الإمارات وسوريا لا يشير فقط إلى تطور متسارع في العلاقات بين البلدين، قدر ما يشير إلى تسارع باتجاه عودة العلاقات مع الدول العربية، عبر بوابتها “جامعة الدول العربية”.

وقال الدبلوماسي، الذي رفض ذكر اسمه، لنورث برس، إن الزيارات بين المسؤولين الإماراتيين ونظرائهم السوريين، تأتي وسط تطورات عربية أبرزها مؤخراً الإعلان عن البدء بترتيبات إعادة فتح السفارات بين السعودية وسوريا، وقبل ذلك كانت دمشق تستقبل لأول مرة منذ اندلاع الأزمة السورية، وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ثم وبعد أيام حط نظيره المصري سامح شكري رحاله في دمشق، ثم اتصال الرئيس السوري بشار الأسد، بنظيره المصري.

وأضاف أن الإمارات التي تحاول المحافظة على علاقات جيدة بمعظم الدول العربية، كانت الأكثر قدرة على لعب دور الوسيط والمحاور، على أكثر من صعيد، من عودة سوريا إلى “محيطها العربي”، إلى عودة اللاجئين، وفتح قنوات تواصل بين تركيا وسوريا، وكذلك بين الرياض ودمشق، وصولاً إلى بلورة حل للأزمة التي طالت لأكثر من عقد.

وأشار الدبلوماسي أن كل هذه التطورات، وإن جاءت بغطاء إنساني بعد كارثة الزلزال في سوريا، “إلا أنها تعد جزءاً في سلسلة محاولات لإيجاد مخرج للأزمة السورية”، فهذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها الدول التي تتقاسم النفوذ في سوريا أن تجد حلاً، لكن ذلك الحل كان يصطدم دوماً بتضارب مصالح تلك القوى.

ولفت الدبلوماسي النظر إلى أن المساعدات العربية، والإماراتية بشكل خاص، كان لها دور مهم بالنسبة لسوريا، التي تعاني من حصار وعقوبات، وشح في جميع مواردها، وتلك المساعدات هي جزء من “سلة حلول قد نلمح تباشيرها في الفترة القصيرة القادمة، وربما تبدأ بإعلان فتح السفارات بين الرياض ودمشق، وبعدها عودة سوريا إلى الجامعة العربية”.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله