ثمانية وثمانون يوماً من الحرب والحصار.. رواية أهالي الرقة عن معاناتهم
الرقة- مصطفى الخليل- نورث برس
شهدت مدينة الرقة عام 2017 معارك شديدة ما بين قوات سوريا الديمقراطية التي كانت مدعومة جوياً من قبل طائرات التحالف الدولي وعناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) والتي انتهت في خريف تلك السنة بسيطرة "قسد" على المدينة.
وبحسب مراقبين ومحللين فإن خسارة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) للرقة, يعتبر بمثابة نهايته, حيث خسر في آذار/مارس العام الماضي، آخر معاقله في الباغوز بدير الزور.
رغم كل هذه المدة إلا أن الأهالي في الرقة ما زالوا يستذكرون فترة الحصار والحرب التي اشتدت على المدينة طيلة أربعة أشهر عام 2017 وما تخللها من جوع وخوف وقهر.
إذ يقول عبد العزيز العبد الله ويسكن في حي السخاني المحاذي لشارع "23 شباط" وسط مدينة الرقة, في حديثه لـ"نورث برس": "حوصرنا في الرقة لمدة أربعة أشهر خلال اشتداد المعارك عام "2017, مشيراً إلى أن قدمه تعرضت للبتر نتيجة قذيفة.
ويوضح العبد الله أنه راجع "المشفى الوطني" في الرقة الذي كان تحت سيطرة مسلحي تنظيم "الدولة" آنذاك, لمداوة قدمه, إلا أنهم رفضوا تقديم العلاج له, "بحجة أن المشفى لا يقدم خدماته إلا (للمجاهدين) أما العامة فلا يتم معالجتهم في المشفى ولا شيء لهم", حسب قوله.
وطيلة أربعة شهور, ظلت قدم عبد العزيز تنزف دون معالجة، مما اضطره لمداواتها بشكل بدائي عن طريق الماء المغلي والملح.
واستطاع العبدالله الهروب من مدينة الرقة منتصف شهر آب/أغسطس من عام 2017, أي قبل هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بفترة قصيرة.
مستودعات التنظيم
وكان الأهالي طيلة فترة الحصار، يقتاتون على المعكرونة والبرغل وشوربة العدس والبصل، ويقومون بتبليل الخبز اليابس بالماء ليتسنى لهم قليه بالزيت أو السمن, حسبما يذكر العبدالله.
وحوّل عناصر تنظيم "داعش" مدرسة "بلقيس" وهي أقدم الصروح التعليمية في الرقة الواقعة في شارع "23 شباط"، إلى مكتب للزكاة ومخازن ومستودعات تحتوي على مواد تموينية كاملة وبطانيات، وكل ما يلزم لعناصر التنظيم، والذين كانوا يرفضون رفضاً قاطعا تقديم الطعام والشراب والبطانيات للأهالي المحاصرين، إلا لمن ينتسب لهم، فإنه يحصل على ما يريد من خلال بطاقات مخصصة، على حد قول العبد الله.
ويستطرد بوصف حياة الناس في الرقة في فترة الحصار، ويقول بأنها كانت "كحياة الدواب"، على حد تعبيره.
وقام عناصر التنظيم بنصب راجمة عند بئر الماء الواقع غربي حي السخاني في الرقة كي لا يستفيد منه الناس, إذ أنهم كانوا يقومون بتعبئة سياراتهم, وعند قدوم الأهالي المحاصرين يقومون بتشغيل الراجمة, بحسب شهادة العبدالله.
"تعذيب واتهامات"
وتعرض حسين العبدالله (46 عاماً) من حي السخاني لاعتقال دام مدة /4/ شهور, ذاق خلالها شتى صنوف التعذيب من قبل عناصر التنظيم الذين اتهموه بأنه "مخبر" لقوات سوريا الديمقراطية، وهي تهمة خطيرة لدى التنظيم كادت أن تودي بحياة حسين الذي تم اعتقاله أثناء تواجده في بيته.
وبعد اعتقال حسين, قام عناصر التنظيم بمصادرة منزله وتحويله لمقر لهم, حسبما أفاد.
وبعد خروج حسين من معتقلات التنظيم, تم استدعائه مرة أخرى للتحقيق معه بتهمة "حلق اللحية"، مشيراً إلى أنه طيلة فترة الحصار كان ينام في الشارع، ولم يسمح له بالعودة لمنزله.
ولدى مراجعة حسين العبدالله "المشفى الوطني" في الرقة, من أجل معالجة قدم أخيه عبد العزيز العبدالله, لم يأبهوا لحالتهم، بل اتهموهم بـ"العمالة"، ووصفوا أخيه بأنه "كلب وفطس", على حد تعبير حسين.
وشهد حسين أثناء فترة الحصار, موت العديد من الناس نتيجة الحرب، والذين كان عناصر التنظيم يمنعونه من إسعافهم لا بل وحتى دفنهم، ومنهم عمَّاته (أخوات أبيه).
ونتيجة المضايقات التي تعرض له حسين والأهالي المحاصرين، والواقع "المزري" الذي يعيشه، طلب حسين من عناصر التنظيم أن يقتلوه ليرتاح من هذا العناء أو يتركوه بحاله, وفقاً لما يرويه حسين.
فيما تروي هزار المصطفى ( 55عاماً) وهي معلمة مدرسة في الرقة، فترة الحرب والحصار في الرقة، قائلة "لم يكن يتوفر لا ماء ولا كهرباء ولا طعام ولا شراب".
وفقدت هزار نتيجة قصف طائرات التحالف الدولي, أخيها والكثير من الأصدقاء والجيران, حسب قولها, إذ أنها تمكنت من الهروب من مدينة الرقة أثناء اشتداد الحرب فيها، وذلك بمساعدة أهالي حي السخاني لتعود إلى المدينة بعد عام من هزيمة عناصر التنظيم، وانتهاء الحرب فيها، لتقوم بترميم منزلها الذي تعرض للتخريب.
يذكر أن قوات سوريا الديمقراطية أعلنت في الـ17من شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 2017 طرد مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من مدينة الرقة والسيطرة الكاملة عليها.