القامشلي ـ نورث برس
يشهد شهر آذار/مارس، منذ بدايته، تصاعداً في وتيرة الفلتان الأمني في معظم المناطق السورية, بالرغم من الظروف الكارثية التي حلت بالسوريين إثر الزلزال الذي ضرب البلاد في 6شباط/فبراير الشهر المنصرم, وذلك بالاعتماد على تحليل البيانات التي سجلها قسم الرصد والتوثيق في نورث برس. وزادت نسبة الانتهاكات للنصف الأول من هذا الشهر بمعدل 66% مقارنة مع المدة ذاتها من الشهر الماضي.
بالرغم من دخول الحرب السورية عامها الثالث عشر إلا أن أطراف النزاع مستمرة بانتهاكاتها في معظم المدن السورية, كما وأنها آخذة بالتسارع بعد انخفاضها فترة الزلزال.
يتطرق التقرير نصف الشهري لقسم الرصد و التوثيق في وكالة نورث برس، لأبرز انتهاكات حقوق الإنسان التي تم توثيقها منذ بداية الشهر الجاري، آذار/مارس, بالاعتماد على معلومات حصل عليها القسم من شبكة مصادر ميدانية في مختلف المناطق السورية, ويتضمن التقرير حصيلة انتهاكات حقوق الإنسان من قتل وخطف وتعذيب واعتقال تعسفي بالإضافة إلى القصف العشوائي وكذلك نشاط تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
وسجل القسم في تقريره، للنصف الأول من هذا الشهر، مقتل وإصابة 303 شخصاً منهم 221 مدنياً, حيث قتل 107 بينهم 10أطفال و14 سيدة, كما أصيب 114 آخرون منهم 16 طفلاً وسيدتان, ومعظم الأشخاص قتلوا وأصيبوا بطرق خارج نطاق القانون وعلى يد مجهولين بسبب غياب الرقابة وزيادة الفلتان الأمني وإمكانية الإفلات من العقاب.
ومن ضمن الرقم المسجل، 56 شخصاً قضوا وأصيبوا بسبب مخلفات الحرب المنتشرة, حيث فقد 28 شخصاً حياتهم بينهم 4 أطفال وسيدتين و8 عسكريين, وأصيب 28 بينهم 8 أطفال و5 عسكريين.
بينما تسببت قوات حرس الحدود التركي “الجندرما” بمقتل 4 مدنيين وإصابة 10 بينهم طفل, من خلال الاعتداء عليهم أثناء محاولتهم العبور إلى الأراضي التركية, وتسبب ذلك بخروج سكان مناطق المعارضة باحتجاجات ضد ممارسات “الجندرما” التي ترتكبها بحق طالبي اللجوء السوريين.
أما بالنسبة للضحايا العسكريين، فبلغت 82عنصراً, منهم 56 قتيلاً و26 مصاباً, وتتوزع حصيلة الضحايا العسكريين في مناطق سيطرة القوى الأربع. ففي صفوف القوات الحكومية قتل 40 شخصاً وأصيب 17 آخرون, وقضى 10عناصر من قوات سورية الديمقراطية وأصيب 4 آخرون, كما قتل 2 من عناصر من هيئة تحرير الشام وأصيب 2 آخران, وقتل 2 من عناصر فصائل المعارضة, بالإضافة إلى مقتل 2 من جنسيات غير سورية وإصابة 3 آخرين.
ومعظم العسكريين هم ضحايا للتصعيد الأخير بين أطراف النزاع, حيث شهدت مناطق خفض التصعيد في أرياف إدلب وحماة وحلب واللاذقية، قصفاً متبادلاً بين القوات الحكومية وهيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة بـ 96 ضربة على 66 موقعاً, حيث تعرض 20 موقعاً للقوات الحكومية للقصف بـ33 ضربة, 9 منها من قبل هيئة تحرير الشام استهدفتهم بـ12ضربة, و7 مواقع لها تعرضت للقصف من قبل فصائل المعارضة بـ11 ضربة, كما تعرضت مواقع عسكرية في حلب وحماة وطرطوس, للقصف الإسرائيلي، بينما قصفت القوات الحكومية 34 موقعاً لهيئة تحرير الشام بـ41 ضربة, و11 موقعاً لفصائل المعارضة بـ21.
كما تم استهداف موقع للفصائل الموالية لإيران في دير الزور لقصف صاروخي من قبل مجهولين أسفر عن مقتل 7 وإصابة 12 آخرين. وقد تعرضت قاعدة التحالف بحقل عمر النفطي لاستهداف من قبل مجهولين.
بالرغم من الكارثة التي خلفها الزلزال في تركيا، إلا أن الأخيرة لم تتوقف عن قصفها لمناطق شمال شرقي سوريا, حيث استهدفت في النصف الأول من آذار 12 مواقعاً بـ 15 ضربة مستهدفة المناطق السكنية والعسكرية في كل من كوباني وعين عيسى، أسفر عن إصابة 2 مدنيين وآخرين عسكريين من عناصر قوات سوريا الديمقراطية.
أما بالنسبة لنشاط التنظيم فإن أكثر نشاط له لوحظ في مناطق البادية السورية وضد المدنيين, حيث نفذ التنظيم 13 هجمة قضى فيها 19 شخصاً وأصيب 5 آخرون, ومعظم الهجمات كانت في حماة ودير الزور حيث شن 9 هجمات ضد المدنيين غالبتهم رعاة أغنام وجامعي الكمأة, ونفذ 3 هجمات ضد القوات الحكومية وخطف أحد عناصرها في دير الزور, كما طال هجوم التنظيم نقطة تفتيش لقوات سوريا الديمقراطية بدير الزور، وأيضاً استهدف عنصراً لقواتها على طريق حقل العمر النفطي بدير الزور, كما ونفذت “قسد” بدعم من التحالف الدولي عملية أمنية اعتقلت فيها 3 عناصر متهمين بالانتماء للتنظيم.
وتستمر الفصائل الموالية لتركيا بانتهاكاتها المختلفة ضمن مناطق سيطرتها حيث تسببت بإصابة 4 مدنيين, كما أقدمت على قطع 316 شجرة في عفرين واستولت على المساعدات المخصصة لمنكوبي الزلزال في مناطق بريف حلب وفرضت نسبة على الحوالات المقدمة كمساعدات إنسانية للأهالي المتضررين عوضاً عن زيادة نسبة حالات النهب والسرقة التي تطال منازل المدنيين والمحال التجارية مستغلين حالة الفوضى التي خلفها الزلزال.
بالنسبة للاعتقالات فقد سجل القسم اعتقال 77 شخصاً معظمهم بدير الزور ودمشق, اعتقلت القوات الحكومة تعسفياً 27 شخصاً من بينهم طلاب ومعظمهم تم اعتقالهم تم دون معرفة التهم الموجهة إليهم, أما قوات إيران اعتقلت 18 شخصاً بينهم عناصر وضباط من قوات حكومة دمشق بتهمة تسريب معلومات لجهات معادية لإيران, وهيئة تحرير الشام اعتقلت 21 شخصاً معظمهم من المعارضين لها, كما واعتقلت الفصائل الموالية لتركيا شخصين في عفرين, بالإضافة إلى 9 أشخاص اعتقلتهم قوات سوريا الديمقراطية.
ومن المتوقع أنَّ تتسارع وتيرة الانتهاكات في سوريا مخلفة مزيداً من المعاناة وتدهوراً في الوضع الإنساني, ما لم تلتزم أطراف النزاع بواجبتها والتزاماتها بحماية المدنيين ومنحهم حياة كريمة وعدم الاعتداء عليهم ومعاملتهم بشكل مهين يحط من كرامتهم, عوضاً عن عدم إصدارهم الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمات.