مياه الآبار في الحسكة على وشك الجفاف

الحسكة – نورث برس

يجلس حسن بجانب المنهل الخاص به أثناء عملية تعبئة الصهاريج بالمياه، متفكراً بمدى تأثير انخفاض مياه البئر على عملية التعبئة.

حسن العواد (47 عاماً) وهو صاحب منهل لمياه الشرب التي تغذي مدينة الحسكة وريفها، عن طريق الصهاريج المدنية لتوزيع المياه، يقول لنورث برس: “خلال العام الماضي والشتاء الحالي كان يستغرق ملئ خزان صهريج بسعة 100 برميل بين 18 إلى 22 دقيقة، أما الآن فبات ملئ هذا الخزان يستغرق أكثر من ساعة من الزمن”.

ويتعجب “العواد”، من الانخفاض الكبير في منسوب المياه، “رغم أننا لازلنا في فصل الشتاء وبداية الربيع.. قد يأتي فصل الصيف ولا يبقى مياه في هذه الآبار”.

وباتت آبار الحمة المصدر الوحيد للمياه لسكان الحسكة، وما يخشاه صاحب المنهل من جفاف تلك الآبار، ويصفها بـ”المصيبة”، خاصة “في حال لم تعد محطة آبار علوك للعمل، فإن أكثر من مليون إنسان سيموتون من العطش”.

ومنذ سيطرة الجيش التركي على مدينة رأس العين منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 2019، وتحكمه بمحطة آبار علوك قام بإيقاف تشغيل المحطة لأكثر من 30 مرة، استمر إيقافها في إحدى المرات لأكثر من شهرين.

وبات الاعتماد الأساسي للسكان في الحسكة وأريافها في مياه الشرب على تلك الآبار التي تصلح مياهها للشرب في غرب الحسكة وخاصة منطقة الحمة، وفي منطقة نفاشة شمال شرقي الحسكة الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق.

انخفاض للنصف

ينهمك محمد سليمان عماوي (32 عاماُ)، من سكان منطقة الحمة غرب الحسكة، وهو صاحب منهل مياه صالحة للشرب بملء خزانات صهاريج المياه.

يقول لنورث برس: “منسوب المياه انخفض بنسبة 50 في المئة، السيارة التي كان يتم تعبئة خزانها في 7 دقائق باتت تحتاج من 20 إلى 25 دقيقة حالياً، وتلك التي كانت تمتلئ في ربع ساعة باتت تحتاج لما يتراوح بين نصف إلى ثلاثة أرباع الساعة”.

ويؤثر انخفاض المنسوب سلباُ على أصحاب المناهل أيضاً من خلال الطاقة الزائد على المحركات التي تحتاجها عملية ضخ المياه مع طول المدة، وتصيبها بالضرر إلى جانب استهلاك كمية أكثر من المازوت، بحسب “عماوي”.

ورغم انقطاع مياه علوك خلال السنوات الثلاث الماضية، لكن منسوب المياه كان جيداً في المنطقة، “ولكن منذ 10 إلى 15 يوماً انخفض مستوى المياه… من المحتمل بعد شهر أو شهر ونصف أن تنعدم المياه في هذه الآبار وأن تجف”.

ولم تقتصر أضرار انخفاض منسوب المياه على السكان في الحسكة وأصحاب المناهل والآبار فحسب، بل تعدى ذلك إلى أصحاب الصهاريج التي تنقل المياه للسكان مقابل مبالغ تتراوح بين 1500 إلى 2000 ليرة لكل واحد برميل بسعة  200 ليتر، أي خزان بسعة 1000 ليتر يتراوح سعره بين 7500 إلى 10 آلاف ليرة سورية.

وقبل شهرين كانت مدة انتظار أصحاب الصهاريج أمام المنهل لتعبئة خزاناتهم تقدر بعشرة دقائق، بينما الآن “أنتظر 17 دقيقة وقد تصل لـ20 دقيقة من أجل ملء خزان الصهريج”، بحسب “العلي”.

ويمتلك “العلي” شاحنة صغيرة تحمل خزاناً بسعة 30 برميلاً، ومنذ انقطاع مياه علوك عن الحسكة، “تزداد المعاناة عاماً تلو الآخر بشكل أكبر وأوضح”.

ويشير صاحب الصهريج إلى أن انخفاض منسوب المياه بات واضحاً على كافة المناهل “التي نقوم بملء خزاناتنا منها”.

“ناقوس خطر”

ويلفت عيسى يونس الرئيس المشارك لمديرية مياه الشرب في مقاطعة الحسكة، النظر إلى أن الآبار التي تغذي سكان الحسكة وأريافها هي آبار سطحية “انخفض منسوب المياه فيها بالمجمل نتيجة انحباس الأمطار وقطع مياه نهر الخابور التي تغذي ينابيعه العشرات من الآبار في منطقة الحمة التي تغذي سكان الحسكة بمياه الشرب”.

ويضيف لنورث برس: “هذا الانخفاض هو ناقوس خطر في حال لم يكن هناك بدائل سريعة لمعالجة أزمة المياه في مقاطعة الحسكة”.

وحول أعداد الآبار التي تعد مياهها صالحة للشرب، يقول “يونس”: “أعداد الآبار التي تم إحصائها وهي حاصلة على ترخيص على أطراف الحسكة أكثر من 50 بئراً.. وأحد الأسباب الرئيسية هو انحباس الأمطار والاستجرار الكبير للمياه نتيجة قطع مياه علوك والحاجة الكبيرة إليها لما يزيد عن مليون نسمة في الحسكة وريفها”.

إعداد: جيندار عبدالقادر – تحرير: قيس العبدالله