سوريا.. تكاليف الترميم الباهظة تجعل المتضررين من الزلزال يلازمون منازلهم الخطرة

دمشق ـ نورث برس

عادت قضية ترميم المنازل المتضررة من الزلزال تطفو على السطح مجدداً، إذ أن هنالك الكثير من المنازل التي تحتاج لتدعيم، لكي لا تتسبب بحدوث مأساة ثانية.

لكن المشكلة في ارتفاع أسعار الترميم التي يمكن أن تصل لملايين عند ترميم  العنصر الواحد في البيت، وهذا جعل الكثير من الناس تعتمد على أشخاص غير مختصين، ويستخدمون مواد بنوعيات “سيئة” لا تحقق سوى المزيد من الهدر والخسائر، وليبقى خطر الموت متربصاً بهذه الأسر.

تكاليف بالملايين

يقول أحد المهندسين في لجنة الكشف على المنازل، لنورث برس، إنه تفاجأ بالأسعار المرتفعة  للمواد الخاصة بترميم وتدعيم  المباني فهذه المواد في أغلبها مستوردة، ويتحجج المستوردون بأسعار الدولار المرتفعة. والنتيجة أن كلفة ترميم أي عنصر إنشائي بالملايين.

ويشير المهندس أنه في جولة على الأسواق تبين أن سعر ليتر من المادة الرابطة يصل إلى 55 ألف ليرة، وسعر كيس طينة ترميم سعة 20 كغ يصل إلى 165 ألف ليرة.

وسعر مادة  مثل “ايبوكسي” التي تستخدم لتثبيت الحديد ضمن البيتون، يصل إلى 150 ألف ليرة، وهي لا تكفي لإملاء أكثر من 10 -12 ثقباً.

ومن المواد التي يحتاجها تدعيم وترميم المنازل المتضررة أيضاً، مواد لدهن السطوح البيتونية القديمة لكي تترابط مع البيتون الجديد المستخدم في التدعيم، حيث يصل سعر الليتر الواحد منها من 40- 60 ألف ليرة تبعاً لكثافة المادة، حسب قول المهندس.

ويصل سعر المتر الواحد من المواد التي يجب استخدامها لعزل الحديد أو دهانه ليصبح مقاوماً لتأثير الصدأ بين 220- 250 ألف ليرة. وكل هذه أرقام مرتفعة جداً تزيد من معاناة المنكوبين أصلاً.

تخفيض التكاليف

واقترح عضو في لجنة “الكود السوري”، أن تتخذ الحكومة مجموعة من الإجراءات لتخفيض أسعار المواد المطلوبة طالما أنه لا غنى عنها في  الترميم الصحيح والفعال، وطالما أيضاً أن أغلب من يقومون بأعمال الترميم حالياً هم من المتضررين بالزلازل الذين يمرون بضائقة كبيرة.

واقترح الخبير تخفيض الرسوم الجمركية على هذه المواد، لكي ينخفض سعرها. وأن يساهم التجار أيضاً بتخفيف أرباحهم، للوقوف إلى جانب المتضررين بالزلزال.

ألف بيت

لا يوجد إحصاءات نهائية عن عدد المنازل المتضررة حتى الآن، ولكن تشير المعلومات الأولية إلى أن أعداد المنازل المتضررة في الساحل السوري كثيرة جداً، بسبب تأثير الرطوبة على المواد البيتونية والفولاذية، وبسبب الفوضى الشائعة في البناء، حسب رأي رئيس بلدية سابق في جبلة، حيث أشار إلى أنه يمكن أن يبقى البناء على الهيكل لسنوات طويلة قبل إتمام البناء.

وعندما يأتي أي مقاول أو متعهد لاستكمال تنفيذ المشروع  يتابع البناء دون إجراء أي اختبارات على واقع القسم المنفذ من البناء في منطقة تتميز بالرطوبة كالساحل السوري.

وأضاف المصدر لنورث برس، أن كل هذه المشاكل ظهرت مع وقوع الزلزال الذي لم يكن مركزه سوريا، ومع ذلك كانت الضحايا كثيرة، ففي محافظة طرطوس لوحدها “أكثر من ألف بيت يحتاج إلى ترميم”. حيث شملت الأضرار الكبيرة حتى المدن البعيد عن مركز الزلزال كما الحال مع مدينة جبلة.

وكل هذا لأن المباني لم تنفذ ضمن الشروط المطلوبة، من قبل القطاع الخاص خاصة. حيث كانوا يسخرون من فكرة الالتزام بالبناء على الخريطة الزلزالية، وإشادة أبنية مقاومة للزلازل، أو بمواصفات جيدة كحد أدنى.

تأكل بعضها

يقول أحد المتضررين في جبلة لنورث برس، إنهم أعلموه بضرورة مغادرة بيته أو ترميميه، ويشير إلى أنه لا يستطيع أن ينفذ أيًّ من الأمرين حتى لو كان الزلزال سيحصل غداً، إذ أن تكاليف الترميم بالملايين ولا طاقة له بها، وأسعار الإيجارات ارتفعت كثيراً وليست بمقدوره.

ويشير حيدر محمد، وهو أحد المتضررين في جبلة أيضاً، إلى أن “الحكومة تركت الناس تأكل بعضها، وهم غير مهتمين لمناقشة كيفية مواجهة الخراب والدمار الحاصل”.

ويقول إن “الكثير من المسؤولين في سوريا يفرحون بالمخالفات، ولا يمنعون حدوثها، لكي يحصلوا منها على الرشاوى”.

استغلال الأزمة

ووصف الرجل طريقة عمل التجار بالاستغلالية أيضاً، وأشار إلى أنهم يستغلون أي أزمة تحصل لتحقيق المزيد من الأرباح، لتصبح الأسر المتضررة وحيدة تعالج مصائبها لوحدها.

واقترح “محمد” على أصحاب الفعاليات الاقتصادية من تجار ومستوردين، أن يقتنعوا بأرباح أقل لمدة عام واحد فقط، أو أن  يدفعوا ضرائب حقيقية بلا تهرب خلال عام واحد.

ورأى أن هذا لن يؤثر على رفاهيتهم بل سيخفض أسعار مواد الترميم بما لا يقل عن 20%.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله