دمشق ـ نورث برس
رغم كل الخراب الذي تعيشه البلاد، تطفو على السطح قضايا من عيار أزمة البصل وتسعير الفروج، وتستنفر الحكومة للاجتماع والتصريح والتباحث في هذه القضايا رغم كل المصائب التي يعانيها الشعب السوري وتظل بلا حلول لعقود وعقود، كمشكلة الدخل، ونقص المحروقات وارتفاع الأسعار وغيرها الكثير من القضايا التي ترهق الناس، رغم عدم التقليل من مشاكلهم مع نقص أي مادة.
ما زالت أزمة البصل في قائمة الاهتمامات العامة، سواء عندما وصل الكيلو منه إلى 12 ألف ليرة، وأصبح يتفوق على سعر المادة التي ظلت خارج قدرة السوريين عبر التاريخ وهي الموز، أو بعد استيراده وطريقة توزيعه.
استنفرت السورية للتجارة
صرح وزير التجارة الداخلية عمرو سالم، عدة مرات، وعقد مؤتمراً صحفياً للحديث عن مشكلة البصل، وكيفية إيصاله إلى كل المواطنين، وكيف يتم منع بيعه من قبل التجار.
وعقب الوزير على فكرة الحديث عن “الإذلال” التي تداولها نشطاء على صفحات التواصل الاجتماعي منتقدين فكرة البيع عن طريق البطاقة الذكية، بأنه اشترى كيلو بصل على البطاقة، ولم يشعر بالإذلال، وأنه جاهز لمرافقة أي مواطن وتقديم بطاقته لكي لا يشعر بالإذلال.
إنجازات عظيمة
استفاضت الوزير بالحديث عن البصل أثارت الكثير من السخرية، لتفرغ وزارة بحجم التجارة الداخلية، التي يجب أن تكون معنية بكل تفصيل في مشاكل المواطن الكثيرة، لقضية صنعتها الحكومة بقراراتها غير المدروسة عندما سمحت بتصدير مادة المتوافر منها لا يكفي حاجة السوق.
الموظف في وزارة الكهرباء، نعمان محمد، قال لنورث برس، إن الأمور “توقفت عند البصل، وكأنه لا ينقص الشعب إلا البصل قبل رمضان”، وعقب ساخراً أن “الإنجازات العظيمة تحتاج إلى رجال عظماء”.
بينما كانت إحدى الموظفات تحتضن كيس البصل الذي يحوي كيلوين من البصل، اشترتهم من المؤسسة السورية، وعادت بهما إلى مكان عملها، بعدما تم رفع الكمية من كيلو إلى اثنين، نتيجة الخشية من كساد الكميات التي تم استيرادها والبالغة ألفي طن، لوصول منتج محلي من “البصل الفريك” كما يسمى.
نسبة من الراتب
وبالتوازي مع هذا الحدث “الكبير، البصل” جاءت تسعيرة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك للفروج بمبلغ وصل إلى ربع راتب الموظف، وهو 23 ألف ليرة، لتزيد المشهد قتامة، سواء من حيث التسعيرة المرتفعة التي تتناقض مع حال الناس ودخلهم المنخفض، أو من حيث القضايا الصغيرة التي تشغل الحكومة.
كما وصل سعر فروج البروستد إلى 49 ألف ليرة، وكانت تعليقات غالبية الناس تستنكر الحضيض الذي وصلت له الحكومة عندما تسعر مادة بأسعار تعادل نصف الراتب.
وأشار إعلامي اقتصادي لنورث برس، إلى أنه “على الوزارة عدم تسعير مادة لا تستطيع أن تلزم الأسواق الالتزام بتسعيرتها من جهة، ولا تستطيع تحسين دخل الناس ليتمكنوا من شرائها من جهة ثانية”. واقترح على الحكومة أن “توزع على الموظفين فروجاً ونصف كحوافز”.
وفي هذه الحالة، بحسب الإعلامي، “تحقق هدفين اقتصاديين: الأول محاربة التضخم، والثاني تحقيق الأمن الغذائي للمواطن”.
موضوع استراتيجي
وتعقيباً على القضايا التي تهتم بها الحكومة، قال الاقتصادي، سعد العبدالله (اسم مستعار) لنورث برس، ساخراً، إن “الحكومة برمتها تتابع الموضوع الاستراتيجي الهام وهو البصل، لذا الأسعار ترتفع والتضخم يلتهم الأخضر واليابس في البلد، والمركزي يعيش السياسة التخيلية بإدارة النقد وهذا أدى لتجميد سعر صرف الحوالات”.
وأضاف “العبد الله”، إن قرارات حكومية كهذه يجب التعامل معها وتقييمها بذات الآلية.
وسبق وأن تحدث وزير الاقتصاد سامر الخليل، عن القرار الاقتصادي في اللجنة الاقتصادية، وأشار إلى أنه يبذل “جهوداً كبيرة” ويدرس ويستأنس بآراء جميع الجهات المعنية قبل إصدار القرار، “فهل حصل ذلك قبل تصدير البصل، وإعادة استيراده؟” يتساءل “العبد الله”.
وأشار إلى أن صناع القرار الاقتصادي، “يفتقرون إلى الكثير من المؤهلات الإدارية التي تمكنهم من وضع الخطط والاستراتيجيات، وحل المشكلات من خلال تجميع وتفسير البيانات والمعطيات”.
وأضاف: “لكن كما نرى يخرجون البلاد من أزمة البصل ويدخلونها بأزمة الزيت، إذ أن السائد بطريقة عملهم هو خلق مشكلة بهدف حل مشكلة أخرى”.
في حين أطلق عضو في مجلس الشعب على الحكومة اسم “حكومة البصل”، وشكر وزير التجارة الداخلية لاهتمامه بتأمين السلع الضرورية كالبصل، لأنها ليست كحليب الأطفال أو المشتقات النفطية والفيول.
وأضاف البرلماني، أن “الحكومة والطبيعة اجتمعا معاً على إنهاك المواطن، وإذا كان الزلزال قضاء وقدر، فالحكومة ليست من الأقدار”.