تشتت شمل مسيحيي الرقة منذ سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية"
الرقة – مصطفى الخليل – نورث برس
تشتت شمل مسيحيي الرقة إبان سيطرة التنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش) على المدينة واتخاذها معقلاً رئيسياً، ونتيجة لذلك انقطعت أخبارهم عن بعضهم حتى أنه لم يعد أحد منهم يعرف عن الآخر أي شيء.
وينقسم مسيحيو الرقة إلى ثلاث طوائف: الروم الكاثوليك ولهم كنيسة "سيدة البشارة"، دمرت نتيجة قصف قوات التحالف، والأرمن الكاثوليك ولهم كنيسة "الشهداء"، والأرمن الأرثوذكس ولهم كنيسة في داخل مدرسة الحرية.
وجيه جرجي(45 عاماً) مسيحيٌ، دخل الإسلام سنة2015 أثناء سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على الرقة يقول لـ"نورث برس": إنه فرّ مع عائلته من الرقة نتيجة تعرضهم للتهديدات بأنه يتوجب عليه دفع الجزية وذلك كونه يعيش تحت حماية "الدولة الإسلامية"، وفي حال لم يقم بالدفع فإن "دمه مباح ومحلل لعناصر التنظيم".
"فاجه" اسمه القديم، قبل دخوله الإسلام ومازال أصحابه وجيرانه، ينادونه بهذا الاسم، بالرغم من إصراره على اسمه الجديد "وجيه".
ويتابع وجيه الذي يعيش في حي هشام بن عبد الملك، وسط مدينة الرقة، "قررت العودة إلى الرقة والاستقرار فيها، لتواجد أملاك عائلتي وعقاراتهم، واضطررت لاستدانة مبلغ /108000/ ليرة سورية ودفعها ضريبة جزية لعناصر التنظيم بعد أن استدعوني لأحد مقارهم الأمنية".
الوضع المأساوي
لم يشفع الوضع الاقتصادي المتردي لوجيه عند عناصر التنظيم، مثله مثل القلة القليلة من مسيحيي الرقة الذين لم يغادروا المدينة، فيقول بأن "داعش" همه الوحيد "هو دفع الجزية وهم لا يأبهون لشأن المسيحين وكيف يدبرون المال".
و بعد حادثة فرض الجزية، اعتنق وجيه الإسلام، ولكن الهلع من تهديدات "داعش" مازال يسيطر عليه، فلم يتمكن من إبلاغ التنظيم بهذا التحول، ليتفاجأ أنه يتوجب عليه دفع الزكاة كباقي المسلمين في الرقة.
الرجل، لم يستفد لا من هبات المسيحين، ولا من زكاة المسلين فهو يسكن لوحده في بيت بمعزل عن عائلته التي تقطن في حلب فهو يتدفأ على موقد كاز(بابور) يُستخدم أساساً للطهي لا للتدفئة، وقام جيرانه بمد سلك كهربائي لمنزله من أجل الإضاءة وإشعال التلفاز؛ رفيق "وجيه" الوحيد في ليالي الشتاء القارس.
ويعمل وجيه في الوقت الحالي بائعاً للجوارب في بسطة متواضعة في شارع القوتلي أمام الفرن المعطل حالياً، والذي يعود ملكه لعائلته قبل هروبها من الرقة واستقرارها في حلب عند سيطرة التنظيم على الرقة.
وكان يعتبر وجيه من رعايا الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية، قبل دخوله الإسلام، ولكن لا يوجد تواصل بينه وبين الكنيسة كونها تقع في حلب وهو يعيش في الرقة.
واعتبر وجيه، أن "الدولة الإسلامية"(داعش) يقومون بفرض تعاليمهم بشكل إجباري.
ويتمنى وجيه أن يسود السلام والمحبة والتسامح ما بين أبناء سوريا لتعود كما كانت قبل الحرب.
وتتمتع الرقة بتنوع سكاني عرقي وديني كبير. وتضم العرب، والكرد، والأرمن، والتركمان، والشركس، كما يقطنها مسيحيون مندمجون ضمن المجتمع. وبينما يسكن المسيحيون في دمشق وحلب في أحياء خاصة بهم، لا يوجد مثل هذا في محافظة الرقة، بل يتوزعون بين السكان بشكل طبيعي.