تقرير استخباراتي يعيد الجدل إلى ملف نورد ستريم.. تورط أوكراني وشجب روسي
دمشق – نورث برس
أفادت معلومات استخبارية جديدة نقلتها صحيفة “نيويورك تايمز” وراجعها مسؤولون أميركيون، أن جماعة موالية لأوكرانيا نفذت الهجوم على خطوط أنابيب نورد ستريم، في خطوة تعيد الجدل إلى ما وصف بالعمل “التخريبي” وأربكت المحققين ودفعت نحو حسم الاتهامات المتبادلة بين روسيا والغرب.
وأثار الهجوم الكبير على خطوط أنابيب الغاز الطبيعي، التي تربط روسيا بأوروبا الغربية، تكهنات عامة حول على من يقع اللوم، من موسكو إلى كييف ولندن إلى واشنطن.
وقع عملية التفجير في نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي، حين أعلنت السلطات الإسكندنافية أن خطي أنابيب الغاز “نورد ستريم” اللذان يربطان روسيا وأوروبا، عبر بحر البلطيق، تعرضا لثلاثة تسريبات، مما أثار الشكوك حول حدوث تخريب متعمد.
وبحسب التقرير الجديد لنيويورك تايمز نقلاً عن مسؤولين أميركيين، فإن أوكرانيا وحلفاءها لديهم الدافع الأكثر منطقية لمهاجمة خطوط الأنابيب. لقد عارضوا المشروع لسنوات ووصفوه بأنه تهديد للأمن القومي لأنه سيسمح لروسيا ببيع الغاز بسهولة أكبر إلى أوروبا.
ولكن ليس لدى المسؤولين الأميركيين دليل على تورط الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أو كبار مساعديه في العملية، أو أن الجناة كانوا يتصرفون بتوجيه من أي مسؤول حكومي أوكراني.
لكن سرعان ما نفى مسؤولو الحكومة الأوكرانية والمخابرات العسكرية أن يكون لهم دور في الهجوم أو الجهة التي نفذته.
ونشر ميخايلو بودولاك، أحد كبار مستشاري الرئيس الأوكراني زيلينسكي، على تويتر اليوم الأربعاء، أن أوكرانيا “لا علاقة لها بحادث بحر البلطيق”. وأضاف أنه ليس لديه معلومات عن “عمليات التخريب” الموالية لأوكرانيا.
ونقلت الصحيفة معلومات استخباراتية “تم جمعها حديثًا” إلى أنهم كانوا من المعارضين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنها لا تحدد أعضاء المجموعة أو الذين وجهوا العملية أو دفعوا ثمنها.
ورفض المسؤولون الأميركيون الكشف عن طبيعة المعلومات الاستخباراتية، وكيف تم الحصول عليها أو أي تفاصيل عن مدى قوة الأدلة التي تحتوي عليها.
كما ذكروا أنه لا توجد استنتاجات مؤكدة حول هذا الموضوع، مما يترك الباب مفتوحاً أمام احتمال أن تكون العملية قد نفذت من قبل قوة بالوكالة لها صلات بالحكومة الأوكرانية أو أجهزتها الأمنية.
في بادئ الأمر وأعقاب العملية التي وقعت في أعماق البحر، ركزت بعض التكهنات الأولية الأميركية والأوروبية على المسؤولية الروسية المحتملة، دون توضيح الدافع الذي كان لدى الكرملين لتخريب خطوط الأنابيب نظراً لأنها كانت مصدراً مهماً للإيرادات ووسيلة لموسكو.
ويقدر تكلفة إصلاح خطوط الأنابيب بحوالي 500 مليون دولار.
والتقارير الاستخباراتية الجديدة تزيد إمكانية وكالات التجسس الأميركية وشركائها في أوروبا بالعثور على مزيد من المعلومات، مما قد يسمح لهم بالتوصل إلى نتيجة مؤكدة بشأن الجناة.
لكن روسيا ترفض التحقيق في القضية من جانب واحد، وتعتبر تسريب مثل هذه المعلومات هو تضليل لمعلومات أكبر.
وبعد نشر هذا التقرير، هاجمت روسيا مصداقية المخابرات الأميركية، وانتقدت منعها من المشاركة في التحقيقات.
وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إنه “من الواضح أن هذا انتشار منسق للمعلومات المضللة في وسائل الإعلام”.
وقال مستشار السفارة الروسية في الولايات المتحدة، أندري ليدينيف، إن تسريبات وسائل الإعلام الأميركية من مصادر مجهولة بشأن الهجمات التخريبية على خطوط أنابيب نورد ستريم تهدف فقط إلى إرباك أولئك الذين يحاولون معرفة الحقيقة.
وأضاف: “لا نؤمن بحيادية استنتاجات المخابرات الأميركية، نحن ننظر إلى التسريبات المجهولة على أنها ليست أكثر من محاولة للتشويش على أولئك الذين يحاولون بصدق الوصول إلى حقيقة الأمور في هذه الجريمة الفظيعة”.
وفي حديثه للصحفيين أمس الثلاثاء، أحال جون كيربي، منسق مجلس الأمن القومي الأميركي للاتصالات الاستراتيجية، الأسئلة إلى السلطات الأوروبية التي تقوم بالتحقيق، وقال إنه “لن يمضي قدما في ذلك”.
ويمتد نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2، كما يُعرف خطا الأنابيب، على مسافة 760 ميلاً من الساحل الشمالي الغربي لروسيا إلى لوبمين في شمال شرقي ألمانيا. وكلّف بناء الأول أكثر من 12 مليار دولار واكتمل في عام 2011.
بينما كلّف إنشاء نورد ستريم 2 بأقل قليلاً من خط الأنابيب الأول واكتمل في عام 2021، بسبب اعتراضات من المسؤولين في الولايات المتحدة وبريطانيا وبولندا وأوكرانيا، من بين آخرين من الذين حذروا من أنه سيزيد اعتماد ألمانيا على الغاز الروسي.
وجادل مسؤولو تلك الدول بأن موسكو يمكن أن تبتز برلين من خلال التهديد بتقليص إمدادات الغاز، التي كان الألمان يعتمدون عليها بشدة، خاصة خلال أشهر الشتاء.