نقابة المهندسين تخفض أتعابها ومتضررو الزلزال يطالبون بإنصافهم من “جيوب” الدولة
دمشق ـ نورث برس
ما زالت قضية تكاليف كشف المهندسين على المنازل المتضررة من الزلزال قيد الجدل والمناقشة في سوريا، وفي خطوة وصفت بالمبادة من قبل نقابة المهندسين، حيث قررت تخفيض أتعاب المهندسين بنسبة تصل إلى 40% عند معالجة وضع المباني المتضررة.
ولكن المبلغ الذي تعده نقابة المهندس بأنه الحدود الدنيا لأتعاب مهندسيها، يجده أغلب المتضررين رقم مرهق ولا يمكن دفعه.
تصل كلفة دراسة أي عنصر في البيت المتضرر إلى أكثر من 19.5 ألف ليرة، أي أن كلفة دراسة البيت لا تقل عن 67 ألف ليرة للبيت الواحد، وهذا مبلغ كبير لمن يجدون صعوبة في تأمين تكاليف التنقل والتشرد من مكان لآخر.
مصدر في وزارة الأشغال العامة والإسكان بين لنورث برس، أن هذا التعديل جاء بالتنسيق بين الوزارة والنقابة، وأن الوزارة اتخذت عدة خطوات أيضاً لمساعدة المتضررين كتجهيز منازل مسبقة الصنع، وهي الآن بانتظار تجهيز الأرض لوضعها، وكذلك تأمين أبراج سكنية في الأراضي المخصصة لمؤسسة الإسكان في المحافظات المنكوبة، وذلك لتسكين من تهدمت منازلهم ولا يمكنهم العودة إليها.
وأشار المصدر إلى أنه يتم العمل على جمع البيانات اللازمة لمعرفة حجم وطبيعة الضرر، وتشكيل لجان مشتركة في المحافظات المتضررة ونقابة المهندسين وفروع الشركة العامة للدراسات الهندسية لإجراء الكشف السريع للأبنية المتضررة، ومن ثم تقارير لجان السلامة العامة المعتمدة بالمحافظة وكل ذلك بالمجان، دون أن يترتب على أصحاب وشاغلي الأبنية المتضررة أي مبالغ مالية , ثم تستكمل الإجراءات المختصة بنقابة المهندسين وفق الأنظمة والقوانين.
تعويضات محقة
وفي تعقيبه على الموضوع قال عضو في لجنة “الكود السوري” ومهندس مدني، إنه يخالف الآراء التي تعترض على تقاضي المهندسين لقاء أتعابهم، فالمهندسين يتقاضون الأقل عند تشييد البناء مقارنة مع أي مهني يعمل في البناء، علماً أنهم لا يتحملون أي مسؤولية، في حين تلقى المسؤولية على المهندسين، إذ أن سلامة المبنى المدعم تنتقل من المصمم الأساسي إلى المهندس الذي قام بالتدعيم حسب القانون السوري.
وتساءل المصدر، “فيما إذا باقي المهنيين سيسامحون بأتعابهم بعد انتهاء المهندسين من دراسة التدعيم، والبدء بالتنفيذ؟”
وأشار عضو الكود السوري، إلى أن الحل ليس بمطالبة المهندسين بعدم تقاضي أتعابهم مقابل دراسات التدعيم، بل بتحميل المتعهد أو مالك العقار المسؤولية والنفقات، لأنه لولا استهتاره وتنفيذه السيء لما تصدعت الأبنية.
وأشار مهندس مدني إلى أن إعداد هذه الدراسات أو التدقيق والتنفيذ، يتطلب جهداً فكرياً ومادياً وإجراء اختبارات وسبر للتربة، ودراسات معمقة بكافة الاختصاصات الهندسية، وكل هذا يرتب أعباء مالية على المهندس.
جيوب أخرى
هذه الطروحات أثارت غضب الكثير من الناس، حيث طالب أحد المتضررين في جبلة بأن تؤمن الدولة آلية لإنصاف المهندسين بأتعابهم من جيوب أخرى غير جيوب المواطنين “المهترئة”.
وطرح عارف الشمالي وهو أحد المتضررين لنورث برس، من الساحل، أن “تخصص الأموال لأتعاب المهندسين من المساعدات المالية التي وصلت إلى البلد، ولم يظهر لها” أثر حسب قوله، خاصة أن الدستور يحمي المواطنين المنكوبين من أي تكاليف لتأمين مسكن بديل لهم.
أو أن يتم تحميل أتعاب المهندسين إلى المقاولين والمتعهدين، وليس المتضررين لا يملكون شيئاً بسبب الخسائر الكبيرة التي أصابتهم.
غير مؤهلين
والقصة التي أشار إليها أحد المهندسين في لجان الكشف لا تقل خطورة عن وضع البيوت المتضررة، إذ بين لنورث برس، أن ارتفاع تكاليف كشف المهندسين على المباني جعل الناس تستعين بمن تنقصهم الخبرة والتخصص للكشف على مدى صلاحية المنازل المتشققة، وكذلك من يسكنون في مناطق المخالفات المستثناة من كل التخفيضات رغم سوء الوضع المادي للساكنين فيها.
يقول أحد المهندسين في لجان الكشف، إن المنشآت الساحلية تعاني من الصدأ نتيجة الرطوبة المشبعة بالكلوريدات، وهذا ينتج عنه تصدع البيتون، وعندما حصل الزلزال اتسعت التشققات وأثرت بشكل كبير على سلامة المباني، وبين أن هذا يتطلب التدخل السريع والفوري لمعالجة التصدعات للمحافظة على سلامة المبنى والسكان.
وأكد أن الحلول التي يضعها أناس لا يمتلكون المعرفة العلمية هي “حلول كارثية”، وأحياناً يقولون إن المبنى سليم بينما هو ليس كذلك، وهذا يضيف كارثة جديدة للكوارث السابقة.