كنائس دير الزور المدمّرة.. شاهدة على تاريخ مسيحي مستَهَدف من قبل "داعش"
دير الزور – صفاء عامر – نورث برس
تكفي جولة بسيطة ضمن أحياء مدينة دير الزور شرقي سوريا لمشاهدة حجم الدمار الذي تعرضت له كنائس المدينة, التي لم يبقَ منها سوى ركامها شاهداً على ما تعرضت له من تدميرٍ واسع تعرضت له إبان سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) عام 2014 ودحرها لفصائل المعارضة المسلحة التي سيطرت على أجزاء كبيرة من المدينة في 2013.
إذ تعرضت الكنائس الأربع لتفجيرات كان طال أكبرها كنيستي "مريم العذراء" و"شهداء الأرمن" وهما أعرق كنائس الشرق، التي كان يتوجّه إليها الأرمن في كل عام لإحياء ذكرى المجزرة العثمانية بحقهم، حيث شكّلت دير الزور الوجهة النهائية للهاربين من المذبحة.
ولكنها تعرضت لأضخم تفجير في 2014 تبناه تنظيم "داعش" آنذاك ولم يبق منها سوى ساحة المذبح، إضافة إلى أن عناصر التنظيم قُبيل تفجير الكنائس سرقوا محتوياتها من تماثيل ولوحات وأحرقوا الكتب السماوية فيها والصور ثم قاموا بتفخيخها وتفجيرها.
خلت المدينة تدريجياً خلال الأعوام السابقة من رعايا الكنائس ولم يبقَ بها سوى شاب واحد، يدعى شادي توما، الشاب الثلاثيني كان الشاهد الوحيد من رعايا الكنيسة خلال ثلاثة أعوام ونيف من حصار تنظيم خلايا "الدولة الإسلامية" (داعش) للجزء المتبقي من المدينة خارج سيطرتها.
ويعلّق توما على ذلك بقوله: "بقيت في مدينة دير الزور خلال الحصار الخانق على المدينة لأوجِّه رسالةً للعالم مفادها الصمود والمحبة والوفاء لمدينة ترعرعنا فيها منذ المهد ولن نتركها حتى اللحد".
كان يتوزع المسيحيون بدير الزور في أحياء القصور والرشدية بشكلٍ أساسي معظمهم من طوائف السريان والأرمن والكلدان وحسب الإحصائيات قبل عام 2010 كان عددهم أكثر من /150/ عائلةً حوالي /3/ آلاف مواطن، هاجر ثلثهم خارج سوريا، أمّا الآخرون فتوزعوا بين المحافظات السورية, وبعد استعادة دير الزور عادت بعض العوائل بقصد الاطلاع على أحوال ممتلكاتهم.
هذا وبُعيد فك الحصار عن دير الزور واستعادة أحيائها من سيطرة تنظيم (داعش)، أُقيم أوّل قداس في شهر شباط/فبراير من عام 2018 في كنيسة السيدة العذراء للسريان الأرثوذكس, حضره البطريرك مار أغناطيوس أفرام الثاني، الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية.
الجدير ذكره أن حوض الفرات كان حاضناً للتاريخ المسيحي منذ بدايات الوجود المسيحي في المنطقة الشرقية، حيث تضم دير الزور أربع كنائس: كنيسة "يسوع الملك" للآباء الكبوشيين، وكنيسة السيدة "مريم العذراء" للسريان الارثوذكس، وكنيسة "شهداء الأرمن" للأرمن الارثوذكس، وكنيسة "الأرمن" الكاثوليك.
واُعتبرت كنيسة "شهداء الأرمن" وجهة حج، وتحتوي رفات العديد من ضحايا تلك المرحلة، حيث بُني داخل الكنيسة عامود يخترق منتصف الكنيسة وهو "عامود الانبعاث الذي يضم تحته رفات ضحايا الأرمن من مختلف المناطق في المنطقة الشرقية".