كوباني- نورث برس
في خيمة صغيرة نصبتها في شارع 48 وسط مدينة كوباني، تضطر فاطمة للنوم مع أطفالها الأربعة، بعد الزلزال الذي قض مضاجعهم قبل نحو عشرين يوماً.
تقول فاطمة إدلبي (51 عاماً) لنورث برس، إنها اضطرت إلى نصب خيمة في الشارع أمام منزلها، تلبية لرغبة أطفالها بالنوم خارج المنزل بسبب خوفهم من انهيار المبنى عليهم.
وتسبب الزلزال الذي ضرب المنطقة في السادس من شهر شباط/ فبراير الجاري بتداعيات نفسية و”رهابُ” لدى سكان كوباني وخاصة الأطفال، وسجّل مركز مشته نور الصحي أكثر من 100 حالة تتعلق بالمخاوف من الزلزال والهزات الارتدادية.
تضيف “إدلبي” لنورث برس، أن “أطفالها أصبحوا غير طبيعيين منذ حدوث الزلزال الأول، فهم ينامون ثم يستيقظون مرعوبين”.
وتذكر المرأة كيف كان أطفالها يركضون إلى الخارج، مع حدوث أي هزة حتى لو كانت خفيفة، مطالبين بعدم النوم داخل المنزل.
وتشير، أن أطفالها يشاهدون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مناظر متعلقة بتداعيات الزلزال وانهيار المباني فوق الأطفال، وكيفية إخراجهم من تحت الأنقاض، ويقولون إنهم لا يريدون أن يكون مصيرهم الموت تحت الأنقاض، ويطالبون بالخروج من المنزل والنوم في الشارع.
وبناءً على رغبة أطفالها، اضطرت الأم، لنصب خيمة من الحرامات كي ينام أطفالها خارج المنزل، لافتة أن الأطفال باتوا يتبولون بشكل لا إرادي بسبب خوفهم من هذه الهزات الارتدادية.
وغالبية الأطفال بات يُلاحظ على وجوههم “الصفار” (التهاب الكبد)، ويحدث هذا المرض نتيجة التعرض لأزمات شديدة كالخوف المفاجئ.
حتى الكبار تأثروا
يقول عبد القادر بوظان (42 عاماً) وهو من سكان كوباني، وأب لستة أطفال، إن “الأطفال ليس فقط هم من تأثروا بالزلزال، فحتى الكبار أصبحوا يخافون النوم ليلاً”.
هذا الخوف تولّد لديهم، لا سيما في ظل مشاهدة المقاطع المرئية لضحايا الزلزال، وتوالي التحذيرات من حدوث زلازل أخرى، خاصة فيما يتعلق بتحذيرات المتنبئ الهولندي، والتي باتت تشكل نوعاً من الخوف لدى السكان، بحسب “بوظان”.
ويضيف أنه ينام في منزله بالتناوب مع زوجته، فزوجته تبقى مستيقظة حتى الساعة 12 ليلاً، ثم بعد ذلك يستيقظ هو من الساعة 12 ليلاً حتى الثامنة أو التاسعة صباحاً جالساً قرب أفراد أسرته، كي يحميهم في حال حدوث هزات جديدة.
ويشير، أن منزله قريب على أبنية طابقية وهو ما يزيد مخاوفه، ومخاوف الأطفال بشكل عام الذين أصيب أغلبهم بـ”الصفار”.
كما أن مرور سيارات في الشارع القريب منهم، “بات خيف أطفالهم الذين يظنون أنها هزات ارتدادية”.
ولم يخفِ الرجل خوفه “الموضوع لا يعتبر سهلاً”، على حد قوله.
أغلب سكان المدينة نصبوا الخيم، ليناموا فيها قرب منازلهم التي باتوا يخافون دخولها بسبب الهزات الارتدادية، فالهزات الأرضية تكون أوضح في الأبنية الطابقية، بحسب “بوظان”.
ويعتبر، أن النوم في الخيم أفضل من النوم في المنازل والأبنية التي قد تتهدم وتنهار فوق رؤوس ساكنيها، وهذا الأمر بات يشكل “رهاباً” لدى السكان.
ويقول “بوظان”، إن “الأطفال يسترقون السمع إلى الكبار أثناء حديثهم عن الزلزال وهو ما يؤدي لزيادة مخاوفهم رغم محاولات الأهل عدم إخافتهم وزرع الطمأنينة في نفوسهم”.
ارتفاع عدد المراجعين
أكثر من 100 حالة تتعلق بمخاوف سببها الزلزال، بينها نساء وأطفال زارت مركزهم منذ حدوث الزلزال في السادس من شهر شباط/ فبراير” تقول سلافا شيخ إبراهيم وهي إخصائية نفسية في قسم الدعم النفسي، بمركز مشته نور الصحي في مدينة كوباني.
وتضيف لنورث برس، أن “غالبية هذه الحالات هي للأطفال الذين تضرروا بشكل كبير من الناحية النفسية جراء الزلزال”.
وظهرت لدى الأطفال أعراض ومشكلات مثل اضطرابات النوم والسلس البولي، وقضم الأظافر ومص الأصابع، إضافة إلى اضطرابات في الجهاز الهضمي، بسبب الزلزال، بحسب “شيخ إبراهيم”.
والأشخاص الكبار بالسن ظهرت لديهم مشاكل تتعلق باضطرابات النوم والقلق والهلع، وعدم وجود الاستقرار الأسري في هذه الفترة.
ويقدم قسم الدعم النفسي في المركز خدمات العلاج النفسي للأطفال وللكبار بالسن، عبر جلسات فردية مباشرة، أو جلسات عبر برنامج “الواتساب”.
وتنصح الأخصائية النفسية، السكان بتشجيع أطفالهم على ممارسة أنشطتهم الترفيهية الاعتيادية، التي كانوا يمارسونها مثل كرة القدم والرسم، لتبديد مخاوفهم من آثار الزلزال.
كما تنصح “شيخ إبراهيم” كبار السن بزيادة دائرة علاقاتهم الاجتماعية وتحسين وتنظيم النوم، والابتعاد عن مشاهدة الصور والفيديوهات المتعلقة بالزلازل.