الزلزال غير في أنماط الحياة الاجتماعية لسوريين

دمشق- نورث برس

بعد أن هدأ وقع المعارك والنزوح في السنتين الأخيرتين في سوريا، اعتاد الناس نمط حياة جديدة، حتى من نزح من منزله الأصلي إلى حي مجاور أو مدينة أخرى، تأقلموا على الحياة التي فرضتها الحرب، إلى أن أتى الزلزال.

جومانة جراد (60 عاماً)، تقول إنها لم تعد تستطيع الجلوس في منزلها وحيدة، وغالباً ما تنام في الحديقة وتأخذ معها مستلزمات ليلتها من طعام وشراب.

“جراد” التي كان لديها وسواس قهري من الجلوس في الحدائق بسبب “اتساخها”، على حد تعبيرها، لجأت لتفترش الأرض فيها، وتسهر حتى الصباح وتعود لمنزلها وكأن الزلزال لا يأتي إلا مساءاً.

تضيف لنورث برس: “لم أكن شخصاً اجتماعياً، ولكن الزلزال أجبرني على الاختلاط مع الآخرين، أصبحت أشعر بالراحة معهم، وبت أخاف حتى من صوت صفير الأطفال، وتعرفت على نساء نازحات يفترشن الحدائق مثلي”.

وفجر السادس من شباط/ فبراير الجاري، ضرب زلزال بقوة 7.7 على مقياس ريختر، جنوبي تركيا وسوريا، وخلف آلاف الضحايا وانهيار مئات المباني السكنية، وتشريد ذات العدد من العائلات.

فأماتَ الزلزال وما رافقه من هزات ارتدادية حتى اليوم، من بقي حياً سواء نفسياً أو جسداً، وغيّر نمط حياة سكان، سواء على الصعيد الفردي أو على صعيد العائلات وفي أدق تفاصيلها.

النوم مجموعات

يتحدث مضر صالح (38 عاماً) وهو من سكان مدينة اللاذقية، عن عادة جديدة كان يستبعدها في أسرته، وهي نوم الجميع في منزل واحد، حيث ينام مضر ليلته مع عائلته المكونة من 4 أشخاص ومع  أعمامه وأسرهم ليبلغ عددهم في الشقة الأرضية لبنائهم في المدينة 25 شخاصاً يومياً.

يضيف “صالح” لنورث برس، أنه “في الحرب لم يلجأ لهذا التصرف، وأشعره الزلزال أنه فقد استقلاليته هو وأبناء عمه”.

ويكمل: “ننام جميعاً في الصالون الكبير على فرشات أرض وأغطية، شعرت أول أمس بضيق النفس، لكن لم أجرؤ على الذهاب خارج مكان تجمع العائلة، فكثيرة هي السيناريوهات التي ارتبطت في بالي إذا خرجت، حاولت التماسك حتى الصباح”.

الاكتناز القهري

“أصبحت ألبس كل شيء أشتريه جديد، ولم أعد ألجأ إلى تخبئة أي شيء مهما كان ثمنه”،  تقول آلاء علي (33 عاماً) وهي من سكان محافظة طرطوس.

“علي” كانت تعاني “الاكتناز القهري”، بحسب ما ذهبت إليه خلال حديث لنورث برس.

وتقول: “بعد حدوث الزلزال تغيرت هذه العادة الاجتماعية والنفسية لديها”.

تضيف الثلاثينية: “الاكتناز القهري واحدة من عادتي السيئة، إضافة إلى العزلة الاجتماعية التي أجبرني الزلزال على تغييرها، أصبحت أكثر ميلاً لأجلس مع إخوتي وأخواتي وزملائي بالعمل”.

وبعد الزلزال الأخير الذي حصل، “رأيت الناس في المنطقة العشوائية التي أقطنها في الشوارع، وطدت علاقاتي مع جيراني الذين أقطن معهم منذ 10 سنوات فلم أكن أعرفهم حتى حصل الزلزال”.

 الانعزال

فيما إيهاب علي (40 عاماً) وهو من سكان دمشق، بات يتجنب الحديث مع الآخرين منذ حصول الزلزال الأول حتى اليوم.

يقول الرجل إنه “يجلس مع مجموعة دائماً ولكنه يفضل البقاء صامتاً وعدم الخوض في أحاديثهم”.

رغم أنه كان شخصاً اجتماعياً ومرحاً حتى قبل تاريخ السادس من شباط، ولكن اليوم حتى علاقته مع زوجته وأفراد عائلته تغيرت، بحسب ما يضيف.

وتشير الاختصاصية النفسية هبة موسى إلى أن هذه الأنماط الاجتماعية تعتبر جزءاً من نوبات الهلع التي لحقت بالسوريين والسوريات جراء المشاهد التي رأوها.

وتضيف لنورث برس، أن هذه السلوكيات والتصرفات طبيعية، لكن إن تجاوزت الشهر، يجب أن يراجع الشخص طبيباً نفسياً.

فيما يؤكد الطبيب النفسي يوسف محمد، أن “هناك حالات كثيرة من الاكتئاب بين السوريين والسوريات ناجمة عن الهلع والخوف، وتتحول إلى خطيرة لأن الشخص يفقد السيطرة على نفسه ببعض حالات الهلع، والأدوية توصف حسب كل حالة.

إعداد : دهب محمد – تحرير: فنصة تمو