لجأوا إلى الريف والخيام.. سكان كوباني باتوا يخافون من منازلهم المتصدعة

كوباني – نورث برس

اضطر محمد لمغادرة منزله إبان الزلزال المدمر، ولم يعد الرجل يأمن المبيت في منزله بعد أن تصدع نتيجة الهزة، وفي هذا الحال يتشابه مع غالبية سكان كوباني، ممن تأثرت منازلهم جزئياً.

يقول محمد قواص (45 عاماً) وهو من سكان حي الشهيد سرحد (حي الجمارك) في كوباني، شمالي سوريا، إنه عاد لمنزله بعد الهزة التي ضربت عموم البلاد، لكن رؤيته للتصدعات أجبرته على الخروج من منزله بعد الزلزال، ليسكن مع أطفاله السبعة لدى أقربائه في ريف المدينة.

وفجر الاثنين الفائت، استيقظ سكان سوريا وتركيا، على وقع زلزال مدمر بلغت قوته 7.9 درجة بمقياس ريختر، وتستمر هزاته الارتدادية حتى اليوم.

وما زال سكان مدينة كوباني يعانون من تبعات الزلزال “الهزة الأرضية”، الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا، وأدت الهزات لتشققات في جدران المنازل وأساساته، والتي تسبّبت بحالة من الهلع والخوف مع كل هزة ارتدادية.

يقول “قواص” إن “حي الشهيد سرحد” الذي يسكنه، تضرر بشكل كبير بسبب الزلزال، حيث تسبب الزلزال بأضرار في أكثر من 50 منزلاً؛ انهدمت جدرانها وأسقفها وانهارت بعض المباني المرتفعة وتشققت جدرانها، وتجمعت الأنقاض في الشوارع.

جدران متهالكة

يضيف خلال حديث لنورث برس، أن الحجارة والطوب “البلوك” وقعت من أسطح المباني فوق سياراتهم، حيث تضررت ثلاث سيارات في شارعه بينها سيارته، إذ أن شخصاً أصيب في رأسه، نتيجة ذلك ونُقل إلى المشفى.

ويشير، أن معظم سكان الحي غادروا منازلهم، فبعضهم ينام في الغابة بين الأشجار وآخرون غادروا إلى القرى، خوفاً من السكن في منازلهم المتهالكة بسبب الزلزال.

والأربعاء الفائت، بدأت هيئة الإدارة المحلية والبيئة في إقليم الفرات، بإزالة وهدم المباني التي تضررت بشكل جزئي جراء الزلزال الأخير الذي ضرب المنطقة وتسبب بأضرار جزئية في المنازل والمباني، بعد أن شكلوا لجنة لإحصاء وتقييم المنازل المتضررة.

ويتابع “قواص” أن غالبية سكان الحي باتوا يقصدون منازلهم لأخذ بعض الحاجيات، ويغادروها فوراً خوفاً من حدوث هزات ارتدادية.

ويرى الرجل، أن سبب تضرر الحي بشكل كبير جراء الزلزال هو قدم المنازل والمباني التي يعود بعضها إلى نحو 100 عام، وبينها بيوت طينية بأساسات ضعيفة.  

وتسبّب الزلزال المدمّر الذي ضرب عموم البلاد بانهيار أحياء كاملة في شمال غربي سوريا، وخلّف آلاف الضحايا بين قتيل وجريح ومفقود تحت الأنقاض.

وحتى أمس، سجل قسم الرصد والتوثيق في نورث برس، بالاعتماد على معلومات حصل عليها من شبكة مصادر ميدانية في مختلف المناطق السورية، وفاة وإصابة 11 ألف شخص, حيث بلغ عدد الوفيات 3.995 شخصاً والإصابات 7005 شخصاً، بسبب الزلزال.

أما بالنسبة للضرر الذي لحق بالأبنية في سوريا من الزلزال وهزاته الارتدادية, وصل عدد المباني والمنازل المنهارة لـ 903, والمتضررة جزئياً لأكثر من 2000, وتعمل السلطات في كافة المناطق على إخلاء المباني المتصدعة, كما تعمل على هدمها.

الزلزال الأقوى في البلاد

رغم معايشة أحمد حج سعيد (70 عاماً)، وهو من سكان مدينة كوباني “سبعون عاماً”، هذه الهزات ، لكن هذه المرة الأولى التي يشاهد زلزالاً بهذه القوة، وبهذا يوافق المركز الوطني لرصد الزلازل الذي لم يسجل أقوى منذ هذا الزلزال منذ تأسيسه.

ويضيف المسن، أن سكان كوباني اضطروا للهروب من منازلهم في الليل إلى الشوارع وسط عويل وبكاء النساء والأطفال، حيث لا يوجد مهندسين (يقصد جيولوجيين) يعرفون بهذه الأمور كي يخبروهم بتوقعاتهم عن حدوث الزلازل.

ويتابع “حج سعيد”، أنهم لم يكونوا يعلمون بأن الزلزال سيضرب المنطقة، وإلا كانوا استعدوا لذلك، مشيراً إلى أن الأطفال استيقظوا في الساعة الرابعة فجراً وخرجوا مع النساء إلى الشوارع ليلاً.

إذ أن الشوارع أغلقت بسبب كثرة الأنقاض المنهارة، وأن سيارات أقربائهم التي كانت في الشوارع تضررت وأصبحت غير صالحة للاستخدام بسبب سقوط الأنقاض فوقها، وفقاً لقوله.

ويشير، أن بعض الأحياء تضررت بشكل كامل، فبعض المنازل انهار أحد جدرانها، وبعضها انهار المنزل بالكامل، وبعضها تشققت الجدران فيها، وبعضها انهار سور المنزل، وبعضها تطايرت النوافذ.

ويقيم المسن حالياً في منزل مع 13 شخصاً، وعاد إلى الحي لأخذ بعض احتياجاته ثم العودة إلى منزله الجديد المؤقت في ريف كوباني بأسرع وقت خوفاً من أن ينهار جدران المنازل المتشققة فوق رؤوسهم.

خطر محدق

من جهته اضطر صبري أحمد (70 عاماً)، وهو من سكان حي الشهيد فراس في كوباني، إلى الإقامة مؤقتاً في خيم جهزتها هيئة الإدارة المحلية والبيئة في عدة أحياء بمدينة كوباني.

يقول، إنه كان يسكن في الطابق الثالث بأحد المباني، واستطاع إنقاذ أطفاله وعائلته ليلة الزلزال، ويرى الرجل أن الإقامة في الخيم تعتبر آمنة نسبياً كونه يوجد في مكان واسع بعيد عن المباني الطابقية.

ويضيف “أحمد” أن سكان المباني قدموا إلى الخيم لأن الإقامة فيها تعتبر مطمئنة نسبياً، في ظل الخطر المحدق بالسكن في المباني، ومخاوف السكان من السكن في هذه المباني بسبب المخاوف من هزات أرضية ما تزال مستمرة في المنطقة حتى الآن.   

إعداد: فتاح عيسى – تحرير: أحمد عثمان