منبج – نورث برس
يجول حسين بين صيدليات في مدينة منبج، بحثاً عن الصنف الذي يحتاجه بأقل سعر، حيث باتت أسعار الأدوية تثقل كاهله شأنه في ذلك شأن أغلب سكان المدينة، ويضطر في كثير من الأحيان إلى الاستدانة لشراء أدويته.
حسين الحميد (45عاماً)، من مدينة منبج شمالي سوريا، ويعمل بمشغل للخياطة، يقول إنه “ينفق أكثر من نصف دخله على الأدوية التي ارتفع سعرها في هذا الوقت الذي ينتشر فيه الكريب وبعض الأوبئة بشكل كبير”.
والشهر الفائت رفعت وزارة الصحة في الحكومة السورية، أسعار الأدوية المحلية، بنسبة وصل بعضها إلى 80 بالمائة، وشملت الزيادة 12,826 صنفاً دوائياً، في الوقت الذي تشهد الليرة السورية أسوء انهيار تاريخيٍ لها.
ويرى “الحميد”، الذي يعاني من مرض الضغط، أنه “من غير المنطقي زيادة الأسعار بهذا الشكل”، لا سيما أن الراتب الذي يتقاضاه لا يغطي المصاريف التي تترتب عليه.
ومع ارتفاع أسعار الأدوية ازداد العبء والضغوطات على السكان، الأمر الذي ضاعف معاناتهم، جراء الارتفاع الحاد لأسعار مختلف المواد واحتياجاتهم الأساسية، وهذا الأمر الذي يجعلهم عاجزين عن مواجهة الضغوطات المعيشية اليومية.
ويقول “الحميد”، إن سجله أصبح حافلاً بالديون نتيجة عدم قدرته على مواجهة متطلبات عائلته المكونة من أربعة أشخاص، في ظل تدني دخله والارتفاع الكبير في الأسعار.
ويضيف، أن ما يفاقم معاناته ويجعله عاجزاً، ظروف الشتاء القاسية وما ترافقها من زيادة في المصاريف، وكذلك الأمراض وانتشار الأوبئة.
ويشير الرجل، أن أصحاب الأمراض المزمنة كالضغط والسكري وغيرها من الأمراض التي تحتاج الدواء بشكل مستمر، باتوا يعيشون بقلق نتيجة ارتفاع أسعار الأدوية وصعوبة تأمينها في ظل الظروف المعيشية الصعبة.
بينما يجد عدي العلاوي (30عاماً) وهو من سكان منبج، ويعمل في أعمال البناء (طيان)، في اختلاف أسعار الأدوية من صيدلية إلى أخرى، مشكلة أخرى تضاف لارتفاع أسعارها.
وترافق رفع أسعار الأدوية وانهيار قيمة الليرة السورية مع حالة من الفوضى لدى أصحاب الصيدليات، الأمر الذي يشكل أزمة دوائية واستغلالاً من قبل الصيادلة للمريض بقصد الربح، وهو عمل ينافي أخلاقيات هذه المهنة الإنسانية، وفق سكان.
ويضيف “العلاوي”، أن هذا الأمر يستوجب المحاسبة والمساءلة بحق كل من يستغل حاجة المريض الماسة للدواء ويتاجر بصحة الناس، وأن تتوحد تسعيرة الدواء بكافة الصيدليات لضبط هكذا أمور.
وتشهد الليرة السورية انهياراً مستمراً في قيمتها أمام العملات الأجنبية، إذ وصل سعر صرف الدولار الواحد إلى أكثر من 7100 ليرة.
فيما يعزو أيمن دندل، وهو إداري في مكتب الرقابة الدوائية في لجنة الصحة في منبج، ارتفاع أسعار الأدوية “لوجود معاملها في مناطق حكومة دمشق”.
واحتجت معامل الأدوية على الأسعار مع ارتفاع سعر صرف الدولار، لترفع حكومة دمشق أسعار الادوية لـ 70%، “ولا علاقة للإدارة الذاتية في رفع سعرها”، بحسب “دندل”.
ويضيف، أن “الأدوية التي تدخل مناطق الإدارة، هندية وتركية ومن مناطق الحكومة، ولا يوجد رسوم جمركية على الأدوية التي تدخل مناطق الإدارة الذاتية، ولكن أجور الشحن ارتفعت أيضاً”.
وتعاني مناطق سيطرة حكومة دمشق من أزمة حادة في المحروقات، أثرت على جميع القطاعات وتسبّبت بتعطيل مؤسسات رسمية عن العمل، إذ أن أسعار المازوت تجاوزت الـ 10 آلاف ليرة لليتر الواحد.
ويشير “الدندل”، أن معمل الأدوية المتواجد في قرية “احيمر” جنوبي مدينة منبج، رفع أسعار الأدوية بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولوية التي تأتي من مناطق سيطرة دمشق.
وعن الأسعار المتباينة بين الصيدليات، قال إداري مكتب الرقابة الدوائية، إن لجنة الصحة بالتنسيق مع أصحاب المستودعات ستعمل على توحيد أسعار الأدوية السورية في كافة صيدليات المدينة.
وعزا سبب اختلاف الأسعار بين الصيدليات لوجود أدوية مختلفة المصدر، منها الهندية والتركية البديلة للأدوية السورية والتي لا يميزها السكان.