الوضع العام في سوريا لليوم الرابع من الزلزال
مقدمة
في اليوم الرابع لايزال مئات الآلاف من السوريين مشردين خارج منازلهم بسبب الأضرار التي لحقت بها من الزلزال الكارثي الذي ضرب البلاد يوم الاثنين 6 شباط/فبراير في تمام الساعة 4:17 صباحاً, وبلغت قوته 7.7 درجة على مقياس ريختر, وتستمر الهزات الارتدادية منذ تاريخ الزلزال, وتسببت أمس بانهيار مبنى سكني وتصدعات مدمرة في مبانٍ أخرى, كما أن عملية البحث عن ناجين أو ضحايا لا تزال مستمرة, في الوقت الذي تعيش فيه كامل البلاد حالة طوارئ.
أما بالنسبة للمساعدات الإغاثية والبشرية المقدمة من الدول للبلاد طغت عليها السياسة والعلاقات الدبلوماسية وقدمت فقط لحكومة دمشق, في حين أن ملايين السورين في المناطق الأخرى ينازعون ويعملون بإمكانيات بسيطة من أجل إنقاذ الأرواح ومساعدة الناجين.
إحصائيات
سجل قسم الرصد والتوثيق في نورث برس، بالاعتماد على معلومات حصل عليها من شبكة مصادر ميدانية في مختلف المناطق السورية، وفاة وإصابة 10.840 شخصاً, حيث بلغ عدد الوفيات 3.840 شخص والإصابات 7000 شخصاً أي أن نسبة الناجين جراء الزلزال وصلت لـ 65% في الأيام الأربع الأولى، وتقل إمكانية إنقاذ المفقودين بمرور الوقت.
في مناطق حكومة دمشق المتضررة بلغ عدد الوفيات 1768 شخصاً والإصابات 3785, بينما في مناطق المعارضة السورية وصل عدد الوفيات لـ 2060 شخصاً والإصابات لـ 3150, ولا تزال الأعداد بتزايد ولا حصيلة نهائية حتى الآن، باستثناء مناطق الإدارة الذاتية فلا زيادة في أعداد الضحايا.
واستطاع القسم رصد وتوثيق وفاة 200 طفل, 164 سيدة بالأسماء، عبر شبكة مصادره.
أما بالنسبة للضرر الذي لحق بالأبنية في سوريا من الزلزال وهزاته الارتدادية, وصل عدد المباني والمنازل المنهارة لـ 903, والمتضررة جزئياً لأكثر من 2000, وتعمل السلطات في كافة المناطق على إخلاء المباني المتصدعة بشقوق مدمرة, كما تعمل على هدمها.
في حين سجلت الجهات الرسمية الحكومية وفاة 1677شخصاً وإصابة 3335 آخرين، وفي مناطق المعارضة أعلن الدفاع المدني عن وفاة 1900 وإصابة 2950.
الوضع العام
مناطق حكومة دمشق
وصل عدد ضحايا الزلزال في مناطق حكومة دمشق لـ 5.553 شخصاً, ولاتزال الأعداد الصادرة عن السلطات غير دقيقة بسبب عملية البحث المستمرة عن ناجين أو ضحايا بين الأنقاض في كل من حلب واللاذقية وطرطوس وحماة وريف إدلب, ويستمر سكانها بالمكوث في الشوارع والحدائق ومراكز الإيواء ويحاولون الخروج من المدن لكن أزمة المحروقات تمنعهم من الابتعاد عن المدن.
وانهار مساء أمس، مبنى في حي حرستا بدمشق إثر الهزات الارتدادية, وقضى فيه شخص وأصيب آخرون, كما أقدمت السلطات على هدم مبنى من 5 طوابق في حي الشعار بحلب كان مهدداً بالانهيار, وسيعملون على هدم مبانٍ أخرى لاحقاً.
وتستمر المساعدات بالوصول إلى مناطق سيطرة الحكومة، ووصلت مؤخراً فرق ومساعدات تونسية ومن فنزويلا إلى جانب المساعدات التي تلقتها من لبنان والجزائر والعراق ومصر والبحرين والإمارات إلى جانب روسيا وإيران بالإضافة إلى المبادرات المحلية.
وتحاول الحكومة السورية عبر الحملات الرقمية، المطالبة برفع العقوبات عن سوريا من أجل إيصال المساعدات, وعقّبت الخارجية الأميركية على الموضوع بأن العقوبات لا تمنع إيصال المساعدات.

سكان من حلب يمكثون في الحدائق منذ أيام بعد تعرض منازلهم للدمار
مناطق المعارضة السورية
تعمل فرق الإنقاذ في مناطق ريف حلب الشمالي وإدلب على البحث بين الأنقاض عن مفقودين وضحايا, وبلغ عدد الضحايا في تلك المنطقة لـ 5.210 شخص, في حين يوجد في المنطقة نحو 7 آلاف شخص فقدوا حقهم في المأوى والسكن بسبب الآثار المدمرة التي ألحق الزلزال بمنازلهم.
وتعاني المدن المتضررة في مناطق المعارضة السورية من نقص في كوادر الإنقاذ والمساعدات الإغاثية والطبية, ولم تصل حتى اليوم أي مساعدات إليها بالرغم من أنها كانت تدخلها من معبر باب الهوى في الفترة الماضية باستمرار.
إلى جانب الزلزال الذي ضربها تواجه المنطقة نقصاً في المحروقات بسبب عدم استيرادها من تركيا.
بدورها الإدارة الذاتية جهزت 100 صهريج من المحروقات لإدخالها إلى مناطق شمال غربي إدلب من معبر أم جلود في منبج, إلا أن المعبر لم يفتح لهم حتى الآن.
كما أن الزلزال تسبب بانهيار سد ترابي على نهر العاصي وتسربت المياه إلى المنطقة, وتسبب بخروج عشرات العائلات منها.
مياه نهر العاصي تغمر قرى في إدلب
مناطق الإدارة الذاتية
حالة الطوارئ في مناطق الإدارة الذاتية لاتزال قائمة حتى الآن, كون معظم العائلات لم تعد إلى منازلها وتقطن في مراكز الإيواء والسيارات بسبب التصدعات والشقوق الخطرة التي لحقت بمنازلهم.
خرج خزان مياه في كوباني كان يغذي 18 قرية عن الخدمة بسبب الزلزال والهزات الارتدادية.
وأعلنت الإدارة الذاتية عن حملة تبرعات لمساعدة السكان في الأحياء المتضررة في مناطقها, كونها لم تتلقَّ أي مساعدات خارجية.
بالإضافة إلى عملها لتجهيز صهاريج محروقات لإرسالها إلى باقي المناطق السورية خارج مناطق سيطرتها.

لجوء سكان من مناطق ريف حلب الشمالي إلى مخيمات الإيواء
الوضع الإنساني
تمنع تركيا دخول المساعدات المقدمة من مناطق الإدارة الذاتية إلى مناطق المعارضة السورية التي تنتظر على المعبر منذ يوم أمس, كما أنها لا ترسل أي مساعدات ولا بوادر لسماحها بإدخال مساعدات من جهات أجنبية إلى سوريا.
ويأتي هذا على الرغم من أن سوريا تعرضت لضرر مقارب لما تعرضت له تركيا، حيث أن الآلاف حرموا من حقهم في الغذاء والمأوى والأمن والسلامة والرعاية الصحية.
يحتاج آلاف السوريين في كافة المناطق المتضررة من الزلزال للمساعدات الأممية والدولية الإغاثية والطبية إلى جانب فرق الإنقاذ, ولا مجال لإيصال هذه المساعدات سوى إلى المطارات الواقعة تحت سيطرة حكومة دمشق.
لذا ينبغي على مجلس الأمن ووكالات الأمم المتحدة البحث عن طرق أخرى لإيصال هذه المساعدات إلى سوريا التي تحولت الأزمات فيها إلى كارثة بشرية, وإعادة النظر في المعابر المغلقة والتي هي الطرق الوحيدة لإيصال المساعدات للمناطق الواقعة خارج سيطرة الحكومة.
كما على الجهات المعنية والمنظمات العاملة في المنطقة السعي لمساعدة المتضررين وتقديم الدعم المادي والنفسي, وإيجاد حلول لرعاية الأطفال الناجين.