الجزيرة السورية بلا كهرباء.. صعوبات حياتية للسكان تضاعفها تهديدات الجارة الشمالية

القامشلي – نورث برس

منذ أكثر من شهر لم تستطع نالين من سكان القامشلي، تحميم أطفالها الأربعة، لغياب الكهرباء العامة عن معظم سكان المنطقة.

وتقول “صالح”، (33 عاماً)، إنه على مدار اليوم “تصلنا الكهرباء ساعة واحدة فقط، وتنقطع خلالها أكثر من مرة”، لتطرح سؤالاً: “إذاً كيف سنسخن الماء بهذه الساعة”.

وأسوة بغيرها من غالبية السكان، تشير السيدة إلى أن الوضع المادي لا يسمح لها بغلي الماء على الغاز، “فهذه الطريقة تضاعف من الأعباء المادية أولاً، ناهيك عن صعوبة تأمين أسطوانة الغاز على الدوام”.

وتشهد منطقة الجزيرة السورية منذ قرابة الشهر، تراجعاً كبيراً في ساعات التغذية الكهربائية، إذ تقتصر على ساعة أو أقل في اليوم، ما خلق صعوبات حياتية كبيرة للسكان في تأدية واجباتهم المنزلية وغيرها.

ويعزو مسؤولون في الإدارة الذاتية، تقنين ساعات الكهرباء، لخروج عنفتين غازيتين في محطة السويدية التي تغذي محطات تحويل الكهرباء، عن الخدمة.

وقال أكرم سليمان، الرئيس المشارك لمكتب الطاقة في إقليم الجزيرة، إن “السبب الرئيسي لانخفاض عدد ساعات التغذية الكهربائية في المنطقة، هو نتيجة قصف القوات التركية للمنشآت النفطية ومعمل غاز السويدية”.

وأضاف في تصريح لصفحة المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية، الخميس الفائت، أن “القصف أدى لانخفاض إنتاج معمل السويدية بنسبة حوالي 50 % من الغاز النظيف لتشغيل العنفات الغازية، مما أثر على إنتاج منشأة توليد الكهرباء بنفس السوية”.

وشنت القوات التركية ضربات على منشآت نفطية ومحطات السويدية وتقل بقل للكهرباء في منطقة ديرك، أقصى شمال شرقي سوريا، في الـ 23 من تشرين الثاني/ نوفمبر العام الفائت، مما ألحق أضراراً كبيرة في المنشآت الحيوية.

ويشير “سليمان”، إلى أن عدد العنفات العاملة حالياً في منشأة توليد السويدية هي عنفتان فقط من إجمالي أربع عنفات غازية.

ويضيف أن العمل جار على إعادة العنفتين المتضررتين إلى العمل، “ولكن الواقع معقد جداً، نتيجة الحصار الشديد المفروض على المنطقة ومن كل الجهات، لتأمين قطع الصيانة اللازمة لمعمل الغاز السويدية”.

وشدد على أنهم يواجهون صعوبات بالغة لتأمين الطاقة الكهربائية للخطوط الخدمية الحيوية والاستراتيجية على مدار الساعة في مدينتي القامشلي والحسكة.

وكان معمل السويدية للغاز، الوحيد في شمال شرقي سوريا، ينتج يومياً 500 ألف متر مكعب من الغاز النظيف يغذي بها عنفات الطاقة الكهربائية لإنتاج 40 ميغا واط من الكهرباء، ليتراجع إلى النصف عقب الضربات التركية، بحسب المهندس عكيد عبدالمجيد، الإداري في المعمل، في تصريح سابق لنورث برس.

مياه السدود

إلى جانب استهدافها لمحطة السويدية، تعمد تركيا إلى قطع المياه عن نهر الفرات، الأمر الذي أدى منذ أشهر إلى انخفاض كبير في مستوى مياه النهر التي بدورها أثرت سلباً على إنتاج الطاقة الكهربائية.

وقال حمود الحمادين، وهو إداري في سد تشرين لنورث برس، في الـ 12 من كانون الثاني/ يناير الجاري، إن “مجرى نهر الفرات تحول لجدول صغير، غير النهر الذي كان يفيض سابقا”.

وأضاف: “الآن منتصف كانون الثاني والوارد المائي من الجانب التركي أقل معدل، وانحسر منسوب البحيرة بما يقارب الـ5 أمتار، في انخفاض منسوب تاريخي في فصل الشتاء”.

وتبلغ حصة سوريا من المياه القادمة من تركيا 500 متر مكعب في الثانية، بحسب الاتفاقية الدولية الموقعة بين البلدين في العام 1987، بينما التدفق فعلياً الآن أقل من 200 متر مكعب، وهي أقل من نصف الكمية المتفق عليها.

وبات استهداف موارد الطاقة يشكل تحديات كبيرة بالنسبة للسكان في شمال شرقي سوريا، ولا سيما في ظل ارتفاع أسعار جميع موارد الطاقة في المنطقة.

تهديدات علنية

وفي تهديد علني، توعد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بمواصلة حربه ضد شمالي سوريا، وقال إنه بلاده ستبدأ بتدمير البنى التحتية والموارد في المنطقة.

وقال في كلمته خلال اجتماع للحكومة بالعاصمة أنقرة، نهاية العام الفائت، “سنتخذ خطوات جديدة لسد ثغرات حزامنا الأمني بعمق 30 كم شمالي سوريا للقضاء بالكامل على التهديدات التي تستهدف بلادنا من الأراضي السورية”.

وأضاف أردوغان: “سننتقل إلى مرحلة مكافحة جديدة لتدمير كافة البنى والموارد”.

وتسببت الضربات والهجمات التركية على مناطق شمال شرقي سوريا، طيلة السنوات الأخيرة، بتدمير الكثير من المرافق الحيوية والبنى التحتية.

بينما قال مسؤولون في الإدارة الذاتية، إن تركيا تستهدف معيشة ملايين السكان الذين رفضوا مغادرة البلاد وتشبثوا بأرضهم.

وباتت مشكلة انقطاع التيار الكهربائي تؤرق السيدة شيندا شاهين (29 عاماً) وهي من حي محمقية بمدينة القامشلي، إذ لا تستطيع تعبئة خزان المياه في المنزل.

وتضيف لنورث برس: “الكهرباء العامة تأتينا باليوم ساعة أو أقل، وتوقيت تزويدنا يكون خلال ساعات الليل المتأخرة، ولا نستفاد منها بشيء، لذلك لا نستطيع تشغيل الدينمو لجر المياه من البئر”.

وتضطر “شاهين” إلى تشغيل مولدتها المنزلية لساعات، حتى تستطيع تعبئة المياه والانتهاء من أعمالها المنزلية، وهو ما يشكل عليها تكاليف وأعباء مادية إضافية.

إعداد وتحرير: دلسوز يوسف