مسيرات حزب البعث في السويداء ملجأ الحكومة لقمع الاحتجاجات
السويداء ـ نورث برس
احتجاجات في ساحة الكرامة، ترفع مطالب بالتغير السياسي والاقتصادي، وعلى المقلب الآخر وقفة لأنصار الحكومة، وأعضاء من حزب البعث، في محاولات كما وصفها البعض “لاستفزاز وقمع أي صوت يعارض الحكومة”، حتى لو كانت مطالب بأبسط مقومات الحياة، والتي يفتقدونها اليوم مناصري البعث والحكومة قبل معارضيها.
وبعد عقد من الحرب والحراك تعيد السلطات وأنصار حزب البعث الاستراتيجية ذاتها بعيداً عن لغة الحوار والسلام.
ويرى الناشط السياسي، مهند شهاب الدين، وهو عضو مؤسس للتجمع الديمقراطي العلماني وعضو المكتب الإعلامي للمجلس للسوري للتغير، أن خروج أنصار السلطات في وجه المحتجين هو لأهداف إعلامية بجوهرها، ورسائل لحاضنتها في الداخل ولاستغلالها سياسياً على المستوى الدولي.
ويشدد “شهاب الدين” وهو من المشاركين في الاحتجاجات الشعبية على أن “النظام لم يستطع حشد سوى العشرات للمشاركة في المسيرات المؤيدة له”.
ويضيف لنورث برس، أن هذا “دليل على إفلاسه وأنه أصبح مكشوفاً من حاضنته التي حمته لسنوات تحت كذبة الممانعة والمقاومة”.
ويضيف أن من خرج في مسيرات التأييد للحكومة، “هم الذين مازالوا مجبرين على الخروج، ويلبون الدعوة من موظفين ينتظرون تقاعدهم والتعويض الوظيفي، أو فاسدين مستفيدين من الفساد المشرعن لاتباعه”.
ويصف “شهاب الدين” الذين خرجوا في وجه المحتجين بـ”المنبوذين اجتماعياً وخصوصاً بعد حملات التعرية التي نالتهم”.
استغلال للقمع
يرى مكسيم مرشد المتحدث باسم اللجنة التأسيسية لتيار الشباب الماركسي في سوريا، أن مفهوم الثورات يجب أن يحمل بين طياته صراعاً طبقياً، “ويعدُّ الصراع بين طبقة شعبية فقيرة ضد طبقة مسيطرة حاكمة هو السبب الأول للثورة السورية “.
ويضيف “مرشد”، في حديث لنورث برس، أن السلطات السورية عمدت للسيطرة “عبر أدوات أديدولوجية وأدوات سياسية”، وأن حزب البعث “كان وما زال الأداة السياسية للسيطرة”.
وعقب شهر من الاحتجاجات التي شهدتها محافظة السويداء، مطلع كانون الأول/ ديسمبر الفائت، بدأت محاولة السلطات زج أعضاء حزب البعث في الشارع لمواجهة المحتجين وسط انتشار أمني بمحيط ساحة الاعتصام.
ويرى “مرشد”، أن الهدف من وجود قطب آخر في الشارع، متمثل بأعضاء الحزب “هو زيادة احتمالية حدوث مواجهات عنف”.
والهدف من هكذا مواجهات هو “تحجيم رقعة اتساع الاحتجاجات خصوصاً بعد تزايد أعداد المحتجين بعد شهر من انطلاقهم”.
من خرج؟
خلال الأسبوعين الماضيين خرج أنصار للحكومة في مواجهة الاحتجاجات الشعبية وطغى على المشاركين انتمائهم لحزب البعث، من أمناء الفرق الحزبية وصولاً إلى رؤساء الاتحادات.
ويصف “مرشد” المشاركين بهذه المسيرات بالفئات “الرثة فكرياً ومهدوري الوعي”، ويشير إلى أن تواجد هؤلاء “للحفاظ على مناصبهم التي نالوا منها مكانة اجتماعية حتى لو كانت وهمية”.
وأما من يقف خلف هؤلاء فهم “أصحاب المناصب العلية في حزب البعث الذين يملكون السلطة ويستفيدون من الامتيازات الاجتماعية والمالية باستمرار وجود هذا النظام الفاسد”، بحسب قول “مرشد”.
ادعاءات البعث
طغت على المسيرة التي خرج بها أعضاء حزب البعث شعارات تمجيد لرأس السلطة بشار الأسد، وهتافات بالصمود والتصدي بالإضافة إلى مطالبات برفع العقوبات في محاولة من السلطات الحاكمة إسكات بعض الأصوات التي تخرج من مناصريه احتجاجاً على تدهور الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها البلاد، بإلقاء السبب على العقوبات المفروضة على سوريا في حزيران/ يونيو من عام 2020 التي أعقبت ما يعرف بقانون قيصر.
ويرى “مرشد” أن “النظام يحاول عبر أبواقه في الشارع تضليل الشعب بأن ما يحصل سببه العقوبات ونحن من نطالب بحقوق الشعب”.
ويعتبر “مرشد” أن هذه العقوبات “منحت النظام ومقربيه الفرصة لاحتكار عمليات الاستيراد والتصدير لما لجهاز الدولة البيروقراطي والنظام من علاقات وتشعبات في السوق السوداء العالمية والمحلية، وبذلك استطاع الالتفاف على العقوبات بسهولة”.
ويتساءل “مرشد”: “لماذا هذه العقوبات تؤثر فقط على الشعب بينما المقربين من نظام الأسد تراكمت ثرواتهم وافتتحوا مطاعم فاخرة واشتروا أحدث السيارات؟”.
ويرى مكسيم مرشد عضو تيار الشباب الماركسي، أن المخرج الآن هو “التغير الجدري عبر تسليح الجماهير بوعي طبقي، تستطيع من خلاله تغير البنية التحتية للمجتمع”.
ويشدد على أن فكرة الاحتجاجات في الشوارع، “فكرة متقدمة” ولكنها بحاجة إلى “بناء تنظيم سياسي ثوري قادر على أن يكون جزءاً من أي حراك ثوري قادم”.