حظر تجوال في الرقة على خلفية احتجاجات تطالب بإعدام قتلة طفلة ووالدتها

الرقة – نورث برس

فرضت القوى الأمنية في الرقة, بعد ظهر الأحد, حظر تجوال في المدينة وإغلاق الشوارع المؤدية إلى السجن المركزي, على خلفية احتجاجات وسط مدينة الرقة شمال شرقي سوريا.

وجاء ذلك بعد أعمال شغب لمحتجين طالت محكمة الشعب في الرقة, تدخلت على إثرها وحدات مكافحة الشغب التابعة لقوى الأمن الداخلي (الأسايش), أعقبها إعلان حظر التجوال في المدينة.

وتشهد مدينة الرقة ثاني احتجاج شعبي خلال أسبوع, وسط مطالبات بتنفيذ عقوبة الإعدام بحق جناة، قتلوا امرأة حامل وطفلتها في جريمة هزت الرقة منتصف الشهر الجاري.

وطالب أحمد الصالح, زوج المغدورة نورا الأحمد (25 عاماً) وطفلتها البالغة من العمر ثمانية أعوام, خلال تسجيل مصور على مواقع التواصل, بعقوبة “الإعدام” لمنفذي الجريمة.

وقال الصالح، وهو في الأربعينيات من عمره، ويعيش في حي المختلطة شرقي المدينة، إنَّ “هذه الجريمة اليوم في منزلي، غداً ستكون في منزلك.. مطلبي الوحيد هو الإعدام لهؤلاء المجرمين”.

والاثنين الفائت، قُتلت نورا الأحمد, وهي معلمة في العقد الثالث، وكانت حاملاً بجنين في الشهر الثامن، وطفلتها, وفي اليوم التالي أعلنت “الأسايش” القبض على “الجناة”.

جريمة في وضح النهار

تفيد المعلومات الأولية، أنَّ الجريمة جرت في وضح النهار، وأقدم عليها “لصوص”، قتلوا الطفلة خنقاً ووالدتها بأداة حادة.

ويقول عيسى السيدو، وهو ابن عم المغدورة لنورث برس، إنَّ “الجريمة كانت بدافع السرقة من قبل جيرانهم”.

وأضاف أنَّ الجهات الأمنية اعتقلت أكثر من عشرة أشخاص من الحي على ذمة التحقيق، يعتقد أن بينهم مرتكب الجريمة.

وأشار ابن عم المغدورة, نقلاً عن الأشخاص الذين قاموا بغسل الجثتين إلى أنّ “المغدورة تعرضت لما يقارب 15 طعنة، بينما الطفلة تم قتلها خنقاً”.

ويطالب السيدو بعقوبة “الإعدام” لمثل هكذا جريمة, وهو ما يتنافى مع أعراف وقوانين الإدارة الذاتية.

وفي اليوم التالي من الجريمة وقبل إعلان “الأسايش” القبض على الجناة بساعات، احتج ذوو المعلمة أمام مبنى المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، طالبوا بتسليمهم “الجناة”.

وانتشر مقطع فيديو ممنتج من تسجيلات الصوت للطفلة التي قتلت، وهي تطلب من والدها جلب بعض الحاجيات، وتقول “يابا بدي فطاير وكولا، الله يحفظك بابا”.

وتفاعل مع المقطع روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشر المقطع على الصفحات كنوع من التضامن مع والد الطفلة، الذي يطالب بحكم “القصاص”.

كما طالب نشطاء ووجهاء بعض العشائر في الرقة، عبر بيانات مصورة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، السلطات المحلية بإنزال “عقوبة الإعدام” بحق القاتل.

ويقول لورنس البورسان، وجيه عشائري في الرقة، إنَّ المطالبات بعقوبة “الإعدام” وتحول الجريمة إلى قضية رأي عام هي “عملية توجيهية للقرار الذي سيؤخذ”.

ويضيف، أنَّ القرار يجب أنْ يراعي الشرائع والأعراف، و”رادعاً لمن تسول له نفسه بالتفكير بهكذا جرائم”.

ويشير، البورسان إلى أنَّ القوات الأمنية ألقت القبض على الجاني، وعلى الجهات القضائية إصدار عقوبة رادعة، مستشهداً بمقولة “من أمِن العقاب أساء الأدب”.

وبعد أربع وعشرين ساعة من وقوع الجريمة، أدان اتحاد المعلمين في الرقة عبر بيان، قتل المعلمة وابنتها، ووصف العمل بـ “الإجرام المنظم”. مطالباً بـ“إنزال أقسى العقوبات بحق مرتكبي الجريمة”.

قانون يمنع وأعراف تسمح

وفق مطالبات السكان وبيانات وجهاء العشائر وذوي الضحية، فإن العقوبة التي يستحقها الجاني هو الإعدام، في حين لا تسمح قوانين الإدارة الذاتية، بالعقوبة وتصفها بـ”الخطوط الحمراء”.

ويقول خالد بركل، الرئيس المشارك للمجلس التشريعي في الرقة، إن “الإعدام مخالف لجميع المواثيق الإنسانية التي تحمي حقوق الإنسان”.

ويضيف: “أقسى العقوبات في شمال وشرق سوريا، هي عقوبة الحكم بالمؤبد مع أشغال شاقة”.

وبحسب “بركل”، فإن مثل هذه القضايا التي “تتحول إلى قضية رأي عام، وتؤثر على حياة السكان، تتحول إلى محكمة “بلاتفورم”.

وتعتمد الإدارة الذاتية “البلاتفورم”، وهي درجة من درجات التقاضي، يجتمع فيها نحو مئتي شخص، والمدّعى عليهم، وأطراف الدفاع من محامين وغيرهم.

 ويتم البت بالدعوى من قبل الشعب، لكن دون أن تصل لعقوبة “الإعدام”.

وتقول المحامية مهاباد عطي, إنَّ “عقوبة الإعدام تكون في الجرائم التي تمس أمن المجتمع، وأنْ يكون في طريقة ارتكاب الجريمة بشاعة، يعود تقديرها للقاضي، وفق القانون السوري”.

وتضيف لنورث برس، أنَّ هناك جريمة تمثيل وسحل بالجثة، إصدار قرار الإعدام يعود للقاضي.

 وجاء البروتوكول السادس للاتفاقيات الأوروبية لحقوق الإنسان الموقعة في 4/11/1950، إلغاء “عقوبة الإعدام” في أوروبا باستثناء صربيا والبوسنة, لينضم إليها أكثر من مئة دولة حول العالم.

وأعلنت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في تشريعاتها الداخلية إلغاء عقوبة الإعدام، و68 دولة أبقتها في تشريعاتها، مع تطبيق ضيق لها.

ويُعرف المشرعون الإعدام بأنه “إزهاق روح المحكوم عليه”.

أما في القانون السوري فقد أخذ بعقوبة “الإعدام” ونصَّ عليها جزاءً للكثير من الجرائم، ومنها القتل إذا وقع عمداً أو تمهيداً لجناية أو تسهيلاً لها أو تنفيذاً لها.

 فضلاً عن جرائم الخيانة والتجسس وفق المادة 39 من قانون العقوبات العام المعدل بمرسوم التشريعي سنة 2011، والقانون رقم 49 لعام 1980، المتعلق بالإخوان المسلمين.

إعداد وتحرير: زانا العلي