كوباني.. تقنينٌ جائر للكهرباء يعيق سكاناً عن ممارسة أعمالهم ويثير سخطهم
كوباني – نورث برس
تضطر نادية إلى غسل ثيابها باليد لأن ساعات تغذية المدينة بالكهرباء لا تكفي لتشغيل الغسالة الكهربائية، إذ تسخّن المرأة المياه على موقد الكاز “البابور”، لأن الكهرباء التي تصل إليها غير متواصلة ولا تكفي لتسخين المياه.
تقول ناديا عطي (37 عاماً) وهي من سكان مدينة كوباني شمالي سوريا، إن ساعات تغذية المدينة بالكهرباء، انخفضت مع بدء فصل الشتاء لتصل إلى ثلاث أو أربع ساعات فقط يومياً وذلك خلال فترات المساء.
ويشتكي سكان مدينة كوباني من تراجع وتدهور خدمة الكهرباء في المدينة والريف، حيث تراجعت ساعات التغذية في المدينة من 12 ساعة يومياً إلى أقل من ست ساعات تتضمن ساعتي تقنين على الأقل.
وتضيف “عطي”، لنورث برس، أن وضع الكهرباء كان جيداً خلال فصل الصيف، حيث كانت تصل ساعات الوصل بالمدينة إلى أكثر من ثماني ساعات يومياً، وتستطيع أن تقضي جزءاً كبيراً من عملها.
أمّا الآن، تضطر للاعتماد على المصابيح التي تعمل على البطاريات، لتجهيز أبريق الشاي أو ركوة القهوة، واصفةً الوضع بأنه “وصل إلى حد لا يطاق”.
وتشير، أن أطفالها الصغار يخافون من التنقل داخل البيت بسبب الظلام، وخاصة أن المنطقة مهددة بالحرب، مطالبةً، بتوفير خدمة الكهرباء لساعات مناسبة، ومراعاة الوضع النفسي للأطفال وحاجتهم لمشاهدة برامجهم على التلفاز.
وترى المرأة أن الأوضاع باتت صعبة ورغم معرفتها أن قلة الوارد المائي أحد أسباب انخفاض ساعات تغذية المدينة بالكهرباء، إلا أنها تطالب بإيجاد حل عبر تفعيل نظام الأمبيرات ووضع المولدات حتى لو كانت تكلفتها مرتفعة.
ويجب أن تكون ساعات تغذية المدينة بالكهرباء محددة ومنتظمة، كي يستطيع السكان تنظيم حياتهم المعيشية، عن طريق تنفيذ مشروع المولدات ونظام الأمبيرات أسوة بباقي المناطق، بحسب “عطي”.
وأخذت مشكلة الكهرباء حيزاً واسعاً لدى أبناء مدينة كوباني على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أن الكثير منهم تداول المشكلة عبر صفحته على “فيسبوك”.
مطالب بإيجاد حلول
ويتفق علي أحمد حجي (52 عاماً) وهو من سكان كوباني، مع “عطي” بأن وضع الكهرباء في كوباني أصبح “سيئاً جداً”، وخاصة خلال فصل الشتاء.
ويشتكي الرجل من عدم انتظام ساعات تغذية المدينة بالكهرباء، فكل يوم يختلف عن سابقه، حيث لا يستطيعون استكمال غسل ثيابهم أو تسخين مياه الحمام، فيضطرون لتسخين المياه على الغاز، وفق قوله.
وحالياً تصل الكهرباء في الساعة السادسة أو السابعة مساء، وتنقطع ساعتين أو ثلاث ساعات بعدها، ولا تصلهم سوى ثلاث ساعات خلال 24 ساعة، وهذه الساعات الثلاثة غير متواصلة.
ويشير “حجي” إلى أن عدم انتظام تغذية المدينة بالكهرباء يتسبب بمشاكل في أمور معيشية، فالسكان لا يعرفون متى يشغلون غسالاتهم الكهربائية.
ويرى أن الحل لمشكلة الكهرباء، عبر وضع مولدات كهربائية في المنطقة وتشغيل نظام الأمبيرات، كي يستفيد السكان منها في أمورهم المعيشية، كلٌ قدر استطاعته.
ويضطر نسبة كبيرة منهم لشراء بطاريات من أجل استخدامها في الإضاءة، إلا أنهم أيضاً يواجهون مشكلة وهي عدم تمكنهم من شحنها بشكل كاف لقلة ساعات التغذية.
أسباب التقنين
بدوره يوضح مصطفى درويش وهو مسؤول المحطات في إقليم الفرات، أن ساعات تشغيل محطات الكهرباء خلال عام 2022 كانت تتجاوز ثماني ساعات يومياً، وأن التقنين في مخارج التغذية كانت تتراوح بين ساعة أو ساعتين.
ويضيف “درويش”، أن الوارد المائي خلال عام 2023 انخفض بشكل كبير مقارنة مع العام السابق، الأمر الذي أجبر إدارة السدود على خفض ساعات تشغيل العنفات الكهربائية، بحيث اصبحت ساعات التشغيل من الساعة السادسة مساء حتى الساعة العاشرة مساء بطاقة كلية.
إدارة السدود “تغذي كوباني بثماني ميغات فقط من الساعة العاشرة حتى الثانية عشرة ليلاً وهي مخصصة للمخارج الخدمية المتعلقة بمضخات مياه الشرب والمطاحن والأفران”، وفقاً للمسؤول.
وعدد الميغات التي تصل إلى محطة كوباني لا تكفي لكامل حمولة المنطقة، الأمر الذي يجبرهم إلى تفعيل التقنين الإجباري من الساعة السادسة مساء حتى الساعة العاشرة مساء، حيث يتم تغذية ريف كوباني بساعتين فقط، بينما يتم تغذية المدينة بثلاث أو أربع ساعات، بحسب المسؤول.
واضطرت إدارة السدود لتخفيض ساعات تشغيل عنفات الكهرباء، بسبب قلة الوارد المائي، وذلك حفاظاً على المخزون المائي في البحيرة كون الأولوية هي لتأمين مياه الشرب خلال فصل الصيف، بحسب “درويش”.
وتعطي إدارة السدود الأولوية لتأمين مياه الشرب أولاً، ثم توفير مياه الري ثانياً، بينما تأتي أهمية توليد الكهرباء في المرتبة الثالثة.
ويرى “درويش”، أن الحلول البديلة لمشكلة توليد الكهرباء في ظل نقص الوارد المائي، هي محطات الطاقة الحرارية والشمسية، ولكنها حلول مستبعدة بسبب تكاليفها وحاجتها لوجود شركات استثمارية كبرى، “وهو ما لا يمكن حالياً”.
بينما الحل الممكن حالياً هو تشغيل مولدات كهرباء وفق نظام الأمبيرات في مدينة كوباني، وهو أمر تم دراسة مشروعه وهو بحاجة إلى موافقة المجلس التنفيذي، بحسب “درويش”، لافتاً إلى أنه في حال الموافقة سيتم التنفيذ خلال فترة شهر واحد.
وفي الثاني عشر من كانون الثاني/ يناير الجاري، حذر إداري في سد تشرين، من استمرار انخفاض مناسيب المياه في بحيرة السد على نهر الفرات، مشيراً إلى أنها انخفضت إلى مستويات غير مسبوقة في فصل الشتاء.
ويقتصر توليد الطاقة الكهربائية في سد تشرين على تشغيل عنفتين من أصل ست عنفات، وتقتصر التغذية على مدينة منبج وبعض مناطق إقليم الفرات بطاقة ما يقارب 140ميغاواط لمدة خمس ساعات، مع العلم أن احتياجات المنطقة تقدر ب1000 ميغاواط، بحسب مدير السد.
وقال حمود حمادين، وهو إداري في سد تشرين لنورث برس حينها، إن “مجرى نهر الفرات تحول لجدول صغير، غير النهر الذي كان يفيض سابقاً”.